القفص

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

[m3ft2]مسرحية[/m3ft2]

يعقوب احمد يعقوب

[m3ft2]The Cage[/m3ft2]



الاهداء:

الى..

من يكرهون التصفيق..





يعقوب احمد يعقوب



الفكرة المركزية

للكاتب العربي السوري

زكريا تامر

عن قصته: “النمور في اليوم العاشر”





من خلف الستار.. تُسمع اصوات جمهرة من الناس

تختلط بصوت النمر الذي بدأ يصحو من غيبوبته

الاصوات تتلاشى تدريجياً..

ويسمع صوت المروض يخاطب الناس.. من خلف الستار



المُروض: ايها الناس

نطلب منكم ان تتفرقوا.. وتبتعدوا عن المكان

كما تشاهدون.. فان النمر قد بدأ يصحو..

من تأثير المُخدِر

وكما رأيتم بأم اعينكم فان هذا النمر الجبار..

قد يشكل خطراً كبيراً عليكم..

خاصة واننا سنقوم الآن بادخاله الى قفص اكبر..

وهذا الامر في غاية الخطورة..

ان هذا النمر الشرس..

به من القوة والجبروت ما قد يمكنه من الإفلات والهرب..

لذا نرجوكم ان تغادروا المكان وتبتعدوا..

اقفلوا بيوتكم هذه الليلة

احكمو اقفال الابواب والشبابيك

لا تخرجوا... ولا تتجولوا

نرجوكم.. كل الرجاء ان تغادروا المكان

انظروا.. ان النمر قد بدأ يصحو

وقبل ان يصحو تماماً..

نرجوكم كل الرجاء

ان تنفذوا التعليمات.. من اجل سلامتكم

الهدوء يسود المكان

ولا يسمع إلا صوت النمر المجلجل

واصوات ارتطامة بجدران القفص



&يفتح الستار &



النمر الثائر يجوب داخل القفص.. يحاول بكل قوته ان يكسر الجدران..

يسقط ويقف..

النمر: اريد ان اخرج من هنا..

انا النمر

لماذا انا هنا؟؟

سأمزقكم إرباً إرباً..

اريد ان اعود الى الغابات

لماذا انا هنا في هذا المكان المقرف؟؟

“يخاطب الجمهور” من انتم ولماذا تنظرون الي هكذا؟؟

انا النمر سيد الغابات سيد الوحوش والحيوانات

لو خرجت.. فان اظافري ستمزقكم.. وسآكلكم جميعاً

المُروض: “داخلا يحمل كرباجاً ويسير بخطوات راقصة”

صباح الخير ايها النمر القوي الكبير

النمر: “يحاول.. حال رؤيته للمروض ان ينقض عليه فيرتطم بجدران القفص”

سأقطعك إرباً إرباً

المروض: لا.. لا احب ان اسمع منك مثل هذه العبارات

النمر: اقترب إلي لاجعل منك قطعاً من اللحم الممزق

المروض: قلت لك انني لا احب سماع هذه العبارات

النمر: ايها الجبان..

قل لي لماذا انا هنا؟؟

ومكاني في الغابات العالية.. تحت السماء الزرقاء بين الاشجار والانهار

المروض: لاننا نحبك.. ونود ان نوفر عليك شقاء الغابات وتعبها

ونريد ان تكون معنا.. نحيا معاً بمحبة ووئام..

النمر: لا اريدكم انا اكرهكم

اريد ان اعود الى مكاني

الى الغابات الخضراء الى السماء الزرقاء.. الى صغاري..

الى موطني

المروض: سيكون كل شيء على ما يرام..

لا حاجة لا لسماء ولا للغابات

لاننا سنقدم لك كل ما تريد

لانك منذ الآن انت في ضيافتنا

وستأكل الكثير من اللحم دون ركض ودون اي عناء..

النمر: لا اريدكم

لا اريد ضيافتكم

لا اريد منكم اي شيء..

لا اريد سوى حريتي..

اخرجوني من هنا.. يا لكم من جبناء..

المروض: لدينا الكثير من اللحم

النمر: لا اريد لحماً

اريد ان اخرج من هنا

المروض: اسمع يا صديقي

النمر: انا لست صديقك

ولن اكون كذلك ابداً..

المروض: ولكن انا اريد ان اكون صديقاً لك

النمر: ابتعد عني ابتعد

وإلا مزقتك إرباً..

انا اكرهك

المروض: لقد قلت لك بانني لا احب سماع مثل هذه العبارات

انها تجعل قلبي قاسياً

وكما ترى فانني احاول ان اكون لطيفاً معك..

وانا على ثقة بانك ستقبل صداقتي

النمر: سأمزق لحمك

واكسر عظمك

والعق من دمك

انا النمر انا سيد الغابات والوحوش

المروض: اذن

فانت تجبرني ان أُعاقبك

وانا كنت أود ان اعاملك بالرفقِ واللين

ان هذا الكرباج يلسع كما تلسع الافعى

النمر: انا النمر.. امزق الافاعي..

ان كنت شجاعاً اقترب مني

المروض: لا تكن غبياً

لا تجلب لنفسك عذاباً.. انت في غنى عنه

لو غضبت منك..

فسأذهب واتركك..

لانني اشفق عليك ولا احب ان أضربك..

واجعل منك ذليلاً كالأرنب

النمر: انت تذلني؟؟.. خسئت..

فما انت سوى ارنب جبان

انا النمر سيد الغابات والوحوش.. لا احد يجروء على المس بكبريائي

المروض: صدقني انني اعرف كل هذا

اعرف انك النمر سيد الغابات

ولكن عليك ان تعرف انك منذ هذه اللحظة

قد فقدت كل ما كنت تملك

وانت الآن.. رغم كل هذا الكبرياء الزائف

ما انت سوى كومة من اللحم

تعيش رهن إشارتي

النمر: خسئت

انا كنت وسأبقى النمر

ولا ارض ان اكون غير ما أنا..

المروض: سنرى ايها النمر.. سنرى

“المروض يخاطب الجمهور”

هكذل تكون الاشياء صعبة في البداية

ولكن كل شيء سيكون على اكمل وجه..

هكذا هي مهنة الترويض..

علينا ان لا ننسى في اي لحظة إن معِدة الخصم هي هدفنا الاول

المعدة.. عندما تجوع المعدة.. فان الامور تتغير

انظروا الآن الى هذا النمر

انه نمر شرس متعجرف شديد الفخر بقوته وبطشه وحريته

ولكنه سيتغير... سيتغير.. انها مسئلة وقت فقط

سيصبح وديعاً ولطيفاً ومطيعاً كنعجة صغيرة مُسالمة

ان من يملك الطعام.. يملك مصير من لا يملكه

عندما سيجوع هذا النمر الشرس

سيصبح قطاً يموء.. ويتوسل من اجل لقمة

وانا عندها سأكون بالمرصاد

فلكل لقمة ثمن

والثمن سيكون غالياً..

“يخاطب النمر” ما رأيك بلحم ظبي صغير.. ألا تحب لحم الظباء؟؟

النمر: لا اريد شيئاً

اريد ان اخرج من هنا

المروض: الست جائعاً؟؟

النمر: هذا الامر لا يهمك

اخرجني من هنا..

لا اريد طعامك

اريد ان اعود للغابات “النمر يرتطم بقضبان القفص بشدة”

اريد ان اخرج من هنا

اريد ان اخرج من هنا..

المروض: يا لك من نمر متعجرف.. وغبي

لماذا لا تدرك ان الامور قد تغيرت

وان هذا الكبرياء الزائف لا يشبع معدة خاوية

النمر: لا اريد ان اسمع هذه الحِكَم الذليلة

لن اكون إلا انا..

المروض: اذن فقد خيبت ظني..

وانا كنت افكر انك على قدر من الذكاء يجعلك تحمي نفسك من عناء الجوع

ومن اوجاع الضرب والإهانة

ولكنك انت المسؤول عن كل ما سيحل بك من المصائب

النمر: لماذا انا هنا؟؟

ولماذا سلبتم مني اعز الاشياء؟؟!!

المروض: هذه اسئلة سخيفة..

ومن الان لن اسمح لك بطرح الاسئلة

انا هنا من يسأل..

النمر: انت من سلبتني كل شيء..

انا لم افعل لك اي مكروه

كنت اعيش في الغابات

انت من جاء إليَّ واقتحم عليَّ حياتي

وسلبني اعز ما كنت املك..

المروض: كف عن هذا الهراء.. وإلا ومنذ هذه اللحظة

فسأعاملك بمنتهى القسوة

انت لا تعرفني عندما اغضب

عندما اغضب.. ستدفع الثمن غالياً

النمر: لا يهمني ان تغضب.. ان تفرح.. او حتى ان تموت

ما يهمني انني اريد حريتي

اريد ان اعود للغابة

الى الحقول الخضراء الشاسعة

الى بيتي

الى صغاري

آه.. ان لي صغار هناك.. انهم ينتظرونني

اريد ان اعود

المروض: لا.. انك دون شك نمر غبي

عليك ان تنسى كل شيء.. هل فهمت؟؟.. كل شيء

الغابات الحقول..!!

ما تبقى لك.. هو هذا القفص

به ستحيا.. وبه ستموت

ان حياتك داخل هذا القفص

ستكون جميلة طيبة ان اقتنعت بكلامي

وستكون جحيماً ان استمريت في هذا الغباء..

النمر: ان كلامك هذا يقطع لحمي..

لا اريد شيئاً سوى حريتي..

لا حاجة لي بالحياة دون حرية

المروض: يبدو لي انك في هذه المرحلة لن تفهمني

وصدقني يا عزيزي

انه الآن بامكاني ان اجلدك بهذا الكرباج

حتى اخلع جلدك عن عظمك

ولكن كما ترى فانا اشفق عليك

لانني اعلم ان حالتك لم تستقر بعد.. وانك لا زلت متعباً

هذه المرة سأسامحك..

سأتركك لترتاح قليلاً

ولكن حين اعود

اذا استمريت بغبائك فسيكون لي معك حساب آخر..

سأجعلك تتمنى الموت

النمر: ان الموت اهون علي.. من هذا القفص

ما معنى الحياة.. اذا سلبت الحرية منها..

المروض: عندما ينهش الجوع معدتك الخاوية..

وتنتفض مفاصلك من اوجاع الجوع

سوف تنسى كل سيء.. السماء الزرقاء، الغابات الخضراء

وهذه الحرية التافهة التي يحلو لك ان تبكي عليها

النمر: ماذا يقاس وجع الجوع.. وجع الجسد

مع وجع الروح؟؟..

المروض: هذا ما ستخبرني عنه غداً يا صديقي

النمر: لا تناديني صديقي

كيف يمكنك ان تكون صديقي؟!!

وانت من سلب اعز الاشياء مني

المروض: سترى كيف سنصبح اعز الاصدقاء

سنلعب معاً.. نركض معاً.. نرقص معاً..

النمر: سأمزقك ارباً..

سأقطع لحمك تقطيعاً..

لن تكون صداقة بين الغاصب والمغتصب.. بين القاتل والمقتول

المروض: بل ستكون..

وستفرح عندما تراني

وستبكي عند فراقي

وستنتظرني وتتمنى عودتي

لانني انا فقط.. من سيطعمك عندما ستجوع

ستتغير كل الاشياء يا صديقي النمر

فكما قلت لك.. الكبرياء لا يُشبع معدةً خاوية

النمر: ربما هذا عندكم بني البشر

اما نحن النمور.. فلا نكون إلا نموراً..

المروض: الجوع جوع يا صديقي..

النمر: لن اجوع.. سأكل من لحمي.. ولن اجوع

المروض: طاب مساؤك.. سأتركك هكذا دون طعام

كي يبدء الجوع يتسلل جسدك القوي.. ويخرج ما به من الحماقات

اراك غداً.. يا صديقي

نم جيداً.. ينتظرك يوم شاق عند الغد..

“المروض يخرج.. الاضاءَة خافته”

النمر: “يدور بين جدران القفص

يبدو وقد فقد هيجانه وعنفوانه.. وقد بدا الحزن يدب فيه”

أه ايتها الغابات البعيده

انني هنا.. بين هذه الجدران المظلمة

والقضبان الحاقده العنيدة..

اشتاق للسماء الزرقاء

للهواء.. للاشجار.. لغدير الماء..

لكل الاشياء..

آه يا صغاري

هل اكلتم؟؟

هل شربتم؟؟

من يحرسكم هناك غيري؟؟

يا الهي

ماذا سيفعل صغاري إن التمت عليهم قطعان الضباع

لا اعرف

ان رأسي تكاد تنفجر

انني حزين

انني حزين

انني حزين..

لا استطيع ان افكر

ولا استطيع ان اكف عن التفكير

المروض: “داخلاً تبدو عليه علامات الجدية والحزم..

يحمل الكرباج بيده ويضرب به على يده الاخرى”

تركتك كي تنام..

ولكنني سمعتك تكلم نفسك

يبدو انك لا تريد النوم..

ولذلك.. ومنذ هذه اللحظة سأحرمك النوم ايضاً..

لن تنام لن تأكل لن تشرب

إلا بموافقتي انا..

النمر: كنت افكر بصغاري..

هل تعرف كيف يتفطر قلب الأب حزناً

عندما يكون بعيداً عن صغاره

خاصة.. وانهم..

المروض: لا.. بهذا الشأن عندي لك بشرى سارة جداً..

النمر: لي انا؟؟!

المروض: ابنك الصغير هنا عندنا

النمر: ابني هنا

المروض: نعم..

النمر: ارجوك دعني اراه

المروض: لكل شيء عندنا ثمن

النمر: ثمن؟؟!!

ثمن ماذا؟؟

المروض: ان عندي لائحة طويلة.. طويلة جداً من المهمات

التي سوف تنفذها

عندما تقوم بتنفيذ مهمة من المهام التي سألقيها عليك

سأقوم انا باعطائك مقابل ذلك شيئاً

فان اردت ان اسمعك صوت ابنك

عليك ان تناديني يا سيدي

ان اردت ان تراه.. بعينيك مثلاً

عليك ان تقبل حذائي..

النمر: يا لك من سافل جبان

انا النمر.. اقبل حذاءَك؟؟!!

المرض: تقول عني سافل وجبان؟..

خذ ايها الحقير.. “ينهال على النمر بالضرب”

كنت لا احب هذا.. لكنك ترغمني ان اكون قاسياً معك

النمر: يا الهي

كيف خلقت بين خلقك من في قلبه كل هذه القسوة؟؟!!

المروض: اخرس ايها الكلب

لقد خيبت ظني.. ولن اكون لطيفاً معك ابداً

لقد روضت الكثير من الحيوانات

لم اصادف أغبى منك ابدا..

هل انت جائع؟؟

النمر: وهل يقاس الم الجوع بالم فقدان الاهل والحرية

المروض: ايها الكلب.. سألتك ان كنت جائعاً

اجب على سؤالي فقط..

النمر: انا لست كلباً

المروض: بل كلب

انت كلب.. من انت؟؟!!

النمر: انا النمر

سيد الغابات

المروض: بل انت كلب.. “ينهال عليه بالضرب”

سأمزق لحمك.. ايها الكلب

اتعرف ماذا خطر ببالي

سأقدم ابنك طعاماً لأحد الضباع الجائعة..

النمر: لا يا سيدي

المروض: حسناً

رائع.. هذه الكلمة الجميلة.. هي بداية علاقتنا الطيبة

ماذا قلت ايها النمر

النمر: قلت لا... “بعد تردد” يا سيدي

المروض: نعم انا سيدك

اذا ناديت.. فقل يا سيدي

هل اقدم ابنك الصغير طعاماً للضبع

النمر: لا يا سيدي اتوسل اليك

انه ابني.. صغيري

المروض: من انا؟!

النمر: انت

المروض: ماذا هل نسيت.. انا سيدك

النمر: نعم يا سيدي

المروض: اريد ان اسمعها كثيراً.. هيا رددها..

النمر: نعم يا سيدي. نعم يا سيدي

المروض: سأدعك قليلاً

واريدك ان تستمر في ترديد هذه العبارة الجميلة

كي لا تكلمني إلا بها

نعم يا سيدي..

ولانك قد بدأت تفهم وتنفذ مطالبي سأتركك ترتاح قليلاً

كي تعرف ان ما تفعله من طلباتي سأعطيك مقابله معاملة احسن..

لقد قلت لك ان لكل شيء ثمن..

النمر: نعم يا سيدي

ارجوك ان تعامل صغيري.. بلطف انه صغير يا سيدي

ابعده عن الضباع

ان الضباع مخلوقات بشعة وشرهة ومقرفة

ان الضباع تأكل اللحم الفاسد والفضلات والجيف

ولها اسنان حادة ومخالب تثير القرف والاشمئزاز

المروض: ولكن الضباع مطيعة

لا تواجهني اي مشكلة في ترويض الضباع

النمر: انا اكره الضباع

المروض: ولكنني احبها.. احبها كثيراً..

سأتركك الآن.. اريد ان اقدم لصديقي الضبع

لحم ضبي طري لقد وعدته بذلك

وانا لا احب ان اخلف وعدي مع اصدقائي

النمر: ولكن ارجوك ان تعامل ابني بلطف يا سيدي

المروض: سنرى.. “المروض يخرج”

النمر: ابني.. انني اسمع صوته يأتي من هناك..

انني اعرف صوته

انه هو.. هو ابني

انه جائع.. هكذا يبكي عندما يكون جائعاً

انه هو.. وهذا الصوت صوته.. لا أشك في ذلك

ان هذا الانسان سافل.. يا إلهي كيف خلقت مخلوقات لا تعرف الرحمة؟؟

آه ان رأسي تكاد تنفجر

انهم بلا قلوب بلا ضمائر بلا رحمة

نحن النمور احياناً نقسو على من هم اضعف منا

ولكن نحن نفعل ذلك فقط كي نأكل ونعيش..

اما هم فانهم يلتذون بتعذيب غيرهم

يرقصون على الدماء والدموع والاحزان

يلتذون كثيراً وهم يُعذبون الغير

آه انني متعب

اريد قليلاً من الماء..

العطش يكاد يقتلني

انني اموت من الجوع ولكن لن اقول له انني جائع

ولكنني حقاً جائع..

لن اقول له

وابني ايضاً جائع.. انا اعرف صوته حين يكون جائعاً

يا الهي..

لماذا كل هذا العذاب؟؟

لماذا؟؟!!

المروض: “داخلاً” لقد تركتك كي تتمرن على ترديد تلك العبارة الجميلة

نعم يا سيدي

ولكنني أرى انك لا تفعل

هل تريدني ان اغضب

النمر: لا.. نعم يا سيدي

المروض: نعم يا سيدي

هذه العبارة.. هي اجمل ما سمعت منك..

انا سيدك..

انا المسؤول عنك

حياتك او موتك بيدي

أكلك، شربك، نومك بيدي..

النمر: هذه الامور يا سيدي هي بيد الله..

بيده الحياة والموت.. بيده ان يرزق وبيده ان يمنع..

هكذا نؤمن نحن الحيوانات

المروض: انك كثير الكلام.. وكلامك مزعج وغبي مثلك

منذ الآن كل شيء هو رهن اشارتي

ولن ارحمك بعد الآن ابداً

النمر: ولكن ماذا فعلت.. لاستحق مثل هذا؟!!

المروض: انت لم تفعل اي شيء.. سوى انك مملوء بالكبرياء الزائف

والغباء والوقاحة

ولكنني اعدك ان اخلصك من كل هذا

وسأجعل منك نمراً من الورق

وديعاً كالحمل.. مطيعاً كالكلب.. جباناً كالارنب

اعدك بذلك

النمر: وانا اعدك ان ابقى كما انا.. النمر سيد الغابات

هكذا نحن النمور.. لا نكون إلا نموراً

ترتعد الغابات منا..

المروض: وهكذا انا احب هذا التحدي..

وسأجعلك تموت الف مرة من الذل والمهانة والوجع

ولن ارحمك

هل تفهم لن ارحمك

النمر: انا لا اطلب الرحمة.. ما اطلبه هو الحرية فقط

الحرية..

المروض: كف عن هذا الهراء

“ينهال على النمر بالضرب”

اسمع ايها الفأر

النمر: انا لست فأراً

المروض: بل انت فأر حقير

اسمع.. ستخرج من هذا القفص في حالتين فقط

النمر: نعم يا سيدي اخرجني من هذا القفص الذي يكتم انفاسي

المروض: اسمع جيداً

كيف ستخرج من هذا القفص

في الحالة الاولى: ميتاً.. تخرج جثة.. نقدمها طعاماً للضباع

وفي الحالة الثانية: تخرج مطيعاً تنفذ كل اوامري..

تجلس، تقف، تصفق، ترقص، تركع، تسجد وتمتثل لأوامري

ولا تعصى لي طلباً

أفهمت؟؟

النمر: ستكون مهمتك صعبة..

المروض: وكما ترى فانا احب المهمات الصعبة

سأتفنن في تعذيبك حتى تتمنى الموت الف مرة..

اسمع ما خطر ببالي الآن..

بعد قليل سأقلم اظفارك..

..وسأخلع انيابك من فمك

سيكون شكلك مضحكاً

دون مخالب ودون انياب

النمر: لا يا سيدي لا تفعل هذا

المروض: بل سأفعل وبعد ان تصبح مجرد نمر لا حول له ولا قوة

مجرد كومة من اللحم يغطيها جلد مبرقع بلون جلد النمور

سآتي بالضبع وادخله معك في هذا القفص

وسيكون منظرك مثيراً للشفقة والعطف وانت تتوسل بالضبع

ان لا يمزقك..

انها فكرة رائعة..

سأذهب وآتي بالكماشة والمقص.. وسيفرح الضبع كثيراً بهذه الفِكرة..

إستعد يا صديقي.. “المروض يخرج”

النمر: يا إلهي..

كيف اكون بلا انيابي وبلا مخالبي!؟

سأبدو تافهاً ومثيراً للسخرية

والضبع.. هذا المخلوق الحقير الكريه الرائحة

الذي يأكل الجيف والقمامة.. هل سيأكل اخيراً لحم النمور؟؟

لا.. سأمزقه ارباً..

كيف؟؟ وبعد قليل سيقلع هذا الانسان المتوحش انيابي ويقص اظافري..

اريد ان اموت قبل ان افقد قوتي وكبريائي

ما قيمة الحياة ان امتزجت بالذل والمهانة

سأقلع عينيه ان هو قلع انيابي

لن اعيش إلا نمراً

ولن اموت إلا نمراً..

المروض: “داخلاً يحمل صندوقاً يخرج منه مقصاً وكماشة”

ما رايك؟؟

النمر: سأموت قبل ان افقد ناباً من انيابي

المروض:سيفَرح الضبع كثيراً

اخيراً سيأكل الضبع من لحم النمور

النمر: ان لحم النمور مُرٌ وقاس وصلب

ولن يكون ابداً طعاماً للضباع السافلة الحقيرة

المروض: وانا ايضاً فكرت بالامر

لا حاجة لي بك عندما تكون كومة من اللحم

دون انياب ودون مخالب

ولذلك.. سأعطيك مهلة أخرى

النمر: لقد قلت لك.. انني لن اكون إلا انا

ان الرؤوس العالية يا سيدي لا تداس بالنعال..

المروض: اذن لنعد لنقطة البدء

واسمع جيداً يا صديقي النمر

لا حاجة لنا بالدخول في حكايات عقيمه

ولا حاجة بالعودة الى الماضي

عليك ان تدرك شيئاً واحداً فقط

هو انني انا السيد هنا

انا الحاكم وانت المحكوم

انا الآمر.. وانت المأمور

أنا كل شيء.. وانت لا شيء..

اذا ادركت هذه الامور.. سيتحول هذا القفص الكريه الضيق

الى عالم كبير.. تعيش فيه بهناء تاكل وتشرب.. حتى دون اي عناء..

وانا اعرف عنك كل شيء.. كل شيء

فلا حاجة ان تذكرني.. بمن انت وما كنت وما الى ذلك

فهذه امور لا قيمة لها ولا حاجة بالعودة اليها

سأسألك دائماً سؤالاً واحداً فقط

هل انت جائع؟

وعندها اجب فقط بنعم او لا

لان الجوع سيأتي شئت ذلك ام ابيت

واعلم ايضاً يا صديقي

ان ابنك الصغير ايضاً لن يأكل.. ما لم تأكل انت

ولا تكن قاسياً

ان طلباتي.. طلبات بسيطة وتافهة

فمثلا ها انت تدور في القفص

عندما اقول لك قف.. معناها قف

وان فعلت بعد ان تعترف بالجوع سأقدم لك ولابنك

اللحم الشهي اللذيذ فتأكلان

ان الامر بغاية السهولة.. ولا حاجة لكل هذا صدقني..

انت نمر ذكي..

النمر: تتحدث وكأن الامر بكل هذه البساطة

انت يا سيدي سلبتني كل شيء.. كل شيء

المروض: قلت لا حاجة لهذا الكلام

ألم تفهم؟؟

لا ترغمني ان اكون قاسياً معك..

ثم لقد حان لك ان تدرك

ان ما كان قد انتهى.. وعليك ان تفكر فقط بما سوف يكون

“يسمع صوت النمر الصغير.. الصوت يبدو ضعيفاً باكياً”

النمر: انه صوت ابني الصغير

انه جائع.. انا اعرف بكاءَه عندما يكون جائعاً

المروض: نعم انه يكاد يموت من الجوع

انه يتوسل لقليل من الطعام

النمر: ارجوك.. اتوسل اليك.. انه صغير.. لا يتحمل آلام الجوع

المروض: ان جوعه بسببك انت

بسبب قلة رحمتك

بسبب كبريائك الزائف

ها انت تقف الان.. صحيح

النمر: أنا.. نعم انا اقف

المروض: اجلس عندما آمرك بذلك

النمر: أجلس لماذا؟

المروض: لانني آمرك بذلك..

عندما تنفذ أمري.. سنقدم قليلاً من الطعام لابنك

النمر: انه بالفعل طلب تافه..

سأجلس.. “النمر يجلس”

المروض: عظيم عظيم ايها المساعد قدم للنمر الصغير قليلاً من اللحم ليأكل

أرأيت كم طلبي بسيط؟..

النمر: صحيح.. انه طلب بسيط جداً

المروض: والأن قف

النمر: “يقف”

المروض: اجلس

النمر: “يجلس”

المروض: قف

النمر: “يقف”

المروض: هل هذا صعب؟؟

النمر: لا..

المروض:ابنك لا زال جائعاً لم يأكل إلا القليل

اذا اردت ان تقدم له اكثر

فقف على قدميك وارفع يديك الى اعلى

النمر: “يقف على قدميه ويرفع يديه الى الاعلى”

المروض: رائع.. رائع.. انك تتقدم بشكل جيد

ايها المساعد.. قدم للنمر الصغير المزيد من الطعام

وقل له ان والدَه يضحي كثيراً لأجله

النمر: قدموا له طعاماً طرياً.. انه لا زال صغيراً.. قدموا له حتى يشبع

المروض: ارجوك ان لا تكلم

عليك ان تركز معي.. وما عليك انت إلا تنفيذ الاوامر

النمر: وقدموا له ماءً كذلك لا بد انه يقاسي من العطش

المروض: قلت لك كف عن الكلام.. ونفذ اوامري فقط

ان يشرب صغيرك ماءً.. فهذا متعلق بك

هيا حَرك رأسك يميناً ثم شمال

يمين.. شمال

النمر: “ يحرك رأسه الى اليمين والى الشمال

وفقاً لتعليمات المروض”

المروض: رائع.. رائع..

ايها المساعد قدم للنمر الصغير الماء ليشرب..

النمر: هل اكل ولدي وشرب؟؟

المروض: نعم لقد كان جائعاً جداً.. لقد التهم كل ما قدمناه له

النمر: الحمد لله.. “النمر يجلس على الارض وكأنه قد أنهى مهمته”

المروض: لِمَ جلست وانا لم اطلب منك ذلك؟!

النمر: لقد اكل ابني وشرب.. ماذا تريد مني؟

المروض: أرى انك تعود مجدداً لغبائِك القديم

هيا قف

واستمع لاوامري

النمر: انني متعب.. متعب جداً

وبت لا اقوى على الوقوف

ارجوك اتركني.. اتركني

المروض: لقد خارت قواك بسبب عنادك

انه الجوع

قد بدأ ينهش احشاءَك ويتسلسل ضعفاً الى مفاصِلك

هيا انهض ونفذ ما سآمرك به..

ومن بعدها سنقدم لك اللحم والماء لتأكل

هيا.. لِمَ لا تسمع

النمر: “بحزن شديد” لا اريد ان اسمع

ولا اريد اي شيء

لا اريد

المروض: هل تظن اننا هنا نلعب!؟؟

هيا قف وإلا سلخت جلدك عنك

هيا.. “المروض يجلد النمر”

هيا.. لن اعاملك إلا بهذا الكرباج

النمر: يحاول ان يقف.. “فيسقط” لا استطيع..

المروض: لا بل تستطيع.. آمرك بالوقوف.. هيا!!

النمر: يقف بصعوبة.. ليتني اموت الآن..

المروض: لن تموت مرةً واحدة

ان بقيت تتصرف بهذا الشكل

ستموت الف مرة باليوم

عليك ان لا تدعني اغضب

عندما اغضب.. انت من سيدفع الثمن

اجب على سؤالي!!

من انا؟؟

النمر: انت انسان من بني البشر

المروض: “صارخاً” سألتك من أنا؟؟

النمر: لقد قلت لك

المروض: “ينهال عليه بالضرب” انا سيدك.. من أنا؟؟

النمر: انت سيدي

المروض: نعم انا سيدك.. من انا؟

النمر: انت سيدي

المروض: اياك ان تنسى

انا سيدك

النمر: انت سيدي

المروض: انا سيدك

والمسؤول عنك

وحاكمك

انا اطعمك وان اسقيك

انا آمرك..

انت لا شيء بدوني.. ومعنى وجودك هو إطاعتي

النمر: “حزيناً” نعم يا سيدي

نعم يا سيدي

نعم يا سيدي

المروض: رائع. رائع.. اياك ثم اياك ان تنسى

النمر: نعم يا سيدي

المروض: هذه العبارة

هي اساس تعاملنا

عليك ان تقولها كلما أمرتك بشيء

النمر: نعم يا سيدي.. “النمر يسقط لشدة التعب.. ويتمتم لنفسه”

انا جائع يا سيدي.. انا جائع.. انا متعب.. انا حزين..

المروض: الجوع.. الجوع

الجوع ايها النمر

يقلب الاشياء ويغيرها

عندما تكون المعدة خاوية.. يتوقف العقل عن التفكير

ويصبح الجسد هزيلاً.. ورويداً رويداً تغدو الروح والارادة كذلك..

الجوع ايها النمر

هل تشعر به؟

انه يسلبك جمال الحياة وروعتها

وتغدو هزيلاً شاحباً ضعيفاً لا تقوى على الحياة.. وانت تحب الحياة

كل المخلوقات تحب الحياة

النمر: ان الجوع يكاد يقتلني.. انا ضعيف وحزين ومتعب

المروض: اتريد مني ان أطعمُكَ؟؟

النمر: نعم يا سيدي

المروض: حسناً.. هل انت جائع جداً؟؟

النمر: اكاد اموت جوعاً

المروض: اريدك ان تقلد مواء القطط.. اذا فعلت ذلك واعجبتني..

قدمت لك طعاماً.. طعاماً شهياً..

فتعود اليك قوتك.. وتعود نمراً مفعماً بالحياة..

هيا قلد مواء القطط..

النمر: القطط.. انا نمر يا سيدي

المروض: انت قط.. هيا اسمعني مواء القطط

النمر: نعم يا سيدي.. “يحاول ويحاول لكنه يفشل”

المروض: سأتركك تتمرن على المواء.. وعندما اعود

اريد ان تموء كالقطط

“المروض يترك النمر” لا تضع الوقت

ان نجحت في تقليد مواء القطط رضيت عنك.. وقدمت لك الطعام

وإلا...

النمر: “يبدو حزيناً متعباً كئيباً.. يجلس ويبدأ في محاولة تقليد مواء القطط

ويزداد حزنه وألمه مع كل محاولة”

لا اعرف

من الصعب على النمور ان تكون قططاً

انني اكاد اموت جوعاً.. وعطشاً

“يعود ويجرب لكنه يفشل”

ان صوت القطط رفيع.. اما انا فصوتي ترتعد له الغابات

آه ايتها الغابات البعيدة انني حزين.. حزين.. حزين

المروض: “داخلاً” ما هذا الهراء الذي أسمعه

لقد تركتك لكي تتمرن على المواء

ما هذه الاشياء التي سمعتها منك

غابات وسخافات..

النمر: لقد حاولت يا سيدي.. لكنني لم استطع

المروض: سأساعدك.. حاول مرة اخرى

النمر: “يحاول.. بصوت غليظ”

المروض: لا.. لا تجعلني اغضب منك.. اجعل صوتك اكثر نعومة..

ان صوت القطط ناعم..

انا متأكد انك تستطيع.. حاول مرة اخرى

النمر: “يحاول بصوت ارفع”

المروض: عظيم عظيم.. كرر ذلك مرة اخرى

النمر: “يحاول.. ويكون صوته شبيهاً بصوت القطط”

المروض: رائع رائع.. لقد نجحت “يصفق للنمر”

منذ البداية كنت على يقين بانك.. ستنجح

النمر: انني جائع يا سيدي

المروض: اعرف.. لا حاجة بان تذكرني دائماً بانك جائع

انا سأطعمك متى شئت انا.. لا متى تريد..

النمر: نعم يا سيدي

المروض: اريدك ان تُركز معي..

ان تأكل.. او لا.. فهذا متعلق بك

ما زال امامك بعض المهمات القليلة لتنفذها ومن ثم ستأكل..

ساقدم لك الكثير من الاكل.. حتى تشبع

النمر: نعم يا سيدي

المروض: اما الآن.. فاريدك ان تنهق كالحمار

النمر: الحمار..؟؟

انا نمر يا سيدي

انا اكره الحمير

المروض: الآن.. انت حمار

وعليك ان تنهق كالحمار

النمر: انا حمار يا سيدي

المروض: رائع.. اذن عليك ان تنهق كالحمار

النمر: “ يحاول تقليد نهيق الحمار”

المروض: لا.. انه تقليد فاشل

اريدك ان تشعر كما يشعر الحمار

ومن ثم تنهق كالحمار

النمر: امرك سيدي.. ولكن كيف للنمر ان يشعر كالحمار؟!!

“يحاول تقليد نهيق الحمار”

المروض: حاول مرة اخرى لقد بدأت تنجح.. ولكن حاول ان تشعر بشعور الحمير

اجعل صوتك اكثر خشونة.. وحاول ان تكون حماراً بالفعل

النمر: “يحاول.. ينهق.. ويبكي.. ينهق ويبكي”

المروض: عظيم عظيم.. انه نهيق مفعم بالمشاعر..

انك نمر موهوب.. ولولا بعض الغباء الذي لازمك في البداية

لكنا فرغنا من كل الاشياء بسرعة ولكنت قد قدمت لك الطعام..

ولكن ماذا افعل لقد استغرق معي الكثير من الوقت

كي اخرج “التياسة” من رأسك.. انت المذنب

النمر: انني جائع..

المروض: كف ايها الحمار

ما هذا..؟؟ “مشيراً الى حذائه”

النمر: لا اعرف

المروض: انه حذاء

هل تعرف مِمَ يصنع الحذاء؟؟

النمر: لا اعرف يا سيدي

المروض: انه يصنع من جلود الحيوانات أمثالك

النمر: نعم انه حذاء.. انه جميل يا سيدي

المروض: ولكنه وسخ

واريدك ان تنظفه

النمر: انظفه.. كيف؟ لا اعرف

المروض: ستنظفه كما ينظفه ماسح الاحذية

ولكن الفرشاة ستكون.. شواربك.. ولسانك

النمر: اتريدني ان انظف الحذاء بشواربي ولساني

هذا ذل ليس بعده ذل

المروض: لكنك ستفعل.. لانك بدأت الخطوة الاولى التي لا تراجع بعدها..

هيا.. افعل ما امرتك به

النمر: لن افعل ذلك ابداً

المروض: “ينهال بالضرب على النمر”

سنرى ايها الحقير

النمر: لقد اذللتني بما به الكفاية

ألا تعرف الرحمة ولا الشفقة!؟

بماذا آذيتك حتى انال منك كل هذا

المروض: انا روضت الكثير من الحيوانات

روضت الذئاب والدببه والفيله والقرود

لم اصادف ما صادفت منك من هذا الكبرياء الزائف

وهذا الغباء الذي لن يوصلك إلا الى الهلاك والموت

النمر: ألم يكفيك كل هذا الذل الذي رميتني به؟؟

المروض: أتسمي هذا ذلاً؟؟

انا سأصنع منك شيئاً ما كنت لتحلم به قط

سأصنع منك نجماً من النجوم.. تعيش تحت الاضواء

سيصفق لك الناس اعجاباً

النمر: لا اريد اي شيء

اريد ان اعود للغابة

الى اولادي

الى...

المروض: لا اريد ان نعود للبداية

كف عن هذا الهراء

هذا الكلام لن يفيدك بشيء

على العكس سيجعلك تموت جوعاً

وانت الآن بت تدرك ما هو الجوع.. اليس كذلك؟

النمر: نعم انني اكاد اموت جوعاً.. يا سيدي

المروض: اذن.. عليك ان ترحم نفسك

قبل ان تطالبني بأن ارحمك..

ولكي اثبت لك حسن نيتي

خذ هذه الخيارة وكلها “يقذف له بخيارة”

النمر: خيارة “يمسكها ويقذف بها ارضاً”

النمور لا تأكل سوى اللحم يا سيدي

المروض: ستأكل اللحم.. بل الكثير من اللحم

ولكن لكل مقام مقال ولكل حادث حديث

هيا تناول الخيارة وكلها

لا اريد ان ترفض نعمة انعمتها عليك

هيا..

النمر: “يتناول الخيارة ويحاول اكلها.. إلا انه يبصق ما مضغ منها”

المروض: لا تدعني اغضب

النمر: “يأكل من الخيارة بصعوبة ويبصقها” النمور لا تأكل سوى اللحم يا سيدي

المروض: اما الآن ايها النمر العزيز

وبعد ان بدأت احبك.. وبدأت اشعر بانك تتقدم

وان مهمتنا اصبحت على وشك النهاية

وانك ستنال الكثير الكثير من الطعام

سأعلمك اهم الاشياء في حياتنا نحن البشر

ابناء البشر يا صديقي النمر.. البعض يسمونهم بالحيوانات الناطقة

اما انا فاحب ان اسميهم.. بالحيوانات المصفقة

ولذلك.. سأعلمك الآن

اهم شيء في حياتنا نحن ابناء البشر

سأعلمك التصفيق

واعدك.. بعد ان تتقنه بصورة متكاملة

ان اقدم لك الكثير الكثير من الطعام

النمر: بعد ان اتعلم التصفيق

هل ستقدم لي الطعام؟؟

المروض: نعم.. الكثير من الطعام

ولكن منذ الآن

اطلب منك الهدوء والتركيز

لانك من هذه اللحظة.. انت على وشك ان تنظم الى بني البشر

ولكن بعد ان تتقن هذا الفن

النمر: امرك سيدي.. سأتقنه.. انني جائع

المروض: اذن اسمع

التصفيق..

انه فن من فنون الشرق..

بل هو اشهر وارقى انواع الفنون الشرقية قاطبةً

وعلى مدى تاريخنا العظيم..

كان فن التصفيق سيد الفنون واكثرها رواجاً..

ينتقل من جيل لجيل.. ومن الوالد للمولود.. ومن الاجداد للاحفاد..

التصفيق يا صديقي النمر..

هو ليس مجرد حركات تتصادم فيها الكفوف لتصدر صوتاً عذباً..

بل هو عبارة عن ذوبان العقل والقلب والاحاسيس وخروجها معاً

عن طريق حركات تتحركها الايدي وتتصادم شحناتها الكهرومغناطيسية..

مع الموروث التاريخي والانساني

لتصدر عنها سمفونية عذبة من المحبة والوفاء والاخلاص..

ولذلك احترف العرب على مر عصورهم فن التصفيق

وتخلوا عن غيره من الفنون كفنون النحت والرسم والشعر والكتابة

وتخلوا كذلك عن العلم والعلوم والطب والاختراعات

وما الى ذلك من الفنون الهزيلة..

وهكذا اصبح الفن العربي الاصيل.. هو الهوية التي نفخر ونعتز بها

فاينما تواجد العرب تواجد التصفيق

لماذا لا تصفق ايها الحمار “مشيراً للنمر”

صفق.. صفق

النمر: لا اعرف

المروض: هكذا “يعلم النمر كيفية التصفيق”

النمر: “يصفق”

المروض: رائع رائع..

منذ هذه اللحظة انت نمر عربي شهم شجاع

النمر: “يتوقف عن التصفيق”

المروض: من هذه اللحظة لا تتوقف عن التصفيق

وإلا اقسم

انك ستموت

النمر: هل تريدني ان اصفق دون توقف؟؟

المروض: نعم دون توقف

النمر: لكن هذا امر متعب.. وانا جائع..

المروض: لا يهم متعب جائع مريض.. ميت

المهم ان تصفق

النمر: كيف يصفق المتعب والمريض والجائع يا سيدي

المروض: انهم يصفقون .. صفق هكذا

النمر: “يصفق دون توقف ولكن بملل” انه عمل شاق ومقرف..

المروض: لا هذا ليس تصفيق

هذا ليس تصفيق

اين التفاعل؟؟ اين الحماس؟؟ اين الوطنية؟؟

اين القومية؟؟ اين التضحية؟؟ اين العطاء؟؟

النمر: كل هذا الذي قلته لا افهمه

كله موجود في التصفيق..

المروض: نعم..

ألَم اقل لك انه فن.. من آرقى الفنون..

النمر: اذن سأصفق

المروض: اذا رأيتني اضحك صفق

اذا رأيتني ابكي صفق

اذا رأيتني ارقص صفق

اذا رأيتني اغني صفق

النمر: “يصفق.. ويصفق.. ويصفق”

المروض: رائع.. رائع.. رائع..

ستحصل على الكثير من الطعام

النمر: ارجوك.. اريد طعاماً

المروض: ستأكل

ولكن هيا ‘إستمر

التصفيق ايها النمر.. هو اهم شيء..

به نكون او لا نكون.. به نحيا ونموت..

الكثيرون ماتو لانهم لم يصفقوا..

فلا تكن منهم ايها النمر.. لا تكن منهم

الآن سأقوم بالقاء خطاباً حماسياً

من خطبنا اليومية

ما عليك إلا ان تصفق وتصفق وتصفق

النمر: خطابا!!..

لا افهم ما هو الخطاب

المروض: ليس المهم ان تفهم.. ولا يوجد في الخطاب ما يجب ان يفهم

بل عليك ان سمعته ان تصفق

النمر: وهل

المروض: لا تسأل شيئاً.. صفق فقط

واريد ان اخبرك

ان التصفيق للخطاب.. هو فن بحد ذاته

الخطاب بحاجة الى تصفيق يليق به..

بحاجة الى حماس وتفاعُل ورجولة

وعليك منذ الآن ان تصفق بكل ما تبقى لديك من قوة

“المروض يخرج ورقة من جيبه.. ويقرأ..”

ايها الشعب العربي الابي العظيم

صفق ايها الحمار صفق

النمر: “يصفق دون توقف بينما المروض يستمر في القاء خطابه”

المروض: اننا الآن امام مرحلة صعبة ومصيرية من الكفاح والنضال

وان التحديات التي تواجه امتنا

تتطلب منا ان نكون على مستوى الاحداث والمهمات الصعبة

النمر: “يتوقف”

المروض: صفق ايها الحمار

النمر: ولكنني لا افهم شيئاً.. انا جائع

المروض: من قال انك يجب ان تفهم

صفق ولا تتوقف

النمر: “يصفق دون توقف” انا جائع.. انا جائع

المروض: وان الامة العربية امة الملايين

امة النفط.. امة الحضارة..

امة الثورات.. امة الفتوحات..

النمر: تعبت.. انا جائع

المروض: صفق ايها الحمار

النمر: “يعود للتصفيق” انا جائع

المروض: ان عيون الامة وأبصارها

من جاكارتا الى الدار البيضاء تنظر اليكم

وان عيون الاعداء والخونة والعملاء تحدق بنا

ولكن مهما نسجوا من المؤامرات

النمر: “يتوقف” اكاد اموت من الجوع

المروض: صفق ايها الحمار صفق

النمر: “يصفق وهو نائم”

المروض: واننا من هنا نبعث بتحياتنا الثورية والنضالية

الى كل المناضلين والثوار

في ساحل العاج

والصحراء الغربية

وجنوب افريقيا

وزمبابوي وروديسيا

ونشد على اياديهم..

ونقول لهم ان فجر الحرية سيسطع

وان الشعوب لن تركع

ونحيِ باسمنا وباسمكم جميعاً

الانتفاضة الباسلة بمناسبة دخولها عامها السبعين

ونرفع اسمى آيات التقدير للصامدين

في مخيم البقعة وعين الحلوة وجنين ومخيم عايدة

وباذن الله سنقوم باحياء حفلة غنائية راقصة

تشارك بها الاخت المناضلة نجوى فؤاد

دعماً لثوار الفيتكونج

النمر: “يتوقف”

ألم ينتهي خطابك سيدي..؟ فانا سأموت من الجوع

المروض: لا تقاطعني ايها الحمار

سأعطيك شيئاً تأكله.. “ينثر امامه الاعشاب”

النمر: ما هذا اعشاب؟؟ انا لست بنعجة انا نمر

النمور لا تأكل الاعشاب

المروض: واننا وباسمكم جميعاً

نعارض ونحتج ونشجب

كل اشكال العولمة والحوسبة والمكننة

ونطالب بانزال اقصى العقوبات

النمر: انا لا استطيع اكل الاعشاب يا سيدي انها تكاد تخنقني

المروض: “يقذف بالمزيد من الاعشاب فوق النمر”

ان الشعوب يجب ان تأكل حتى تُبدع

ويجب ان تنام حتى تحلم



ان الشعوب يجب ان تأكل حتى تُبدع

ويجب ان تنام حتى تحلم

النمر: ان الاعشاب تكاد تخنقني ياسيدي..

النمور لا تأكل الاعشاب..

المروض: سأجعلك طعاماً للضبع كما جعلت ابنك من قبلك

النمر: “غاضباً” ماذا هل اكل الضبع ابني؟!!

“ يسقط على كومة الاعشاب”

المروض: غير مكترثاً به

وكما اننا نبعث باسمى آيات الحب والتقدير

الى الامم المتحدة والجمعية العامة

والى مجلس النواب والاعيان والعموم

ونطالب بتقديم التالية اسماؤهم الى المحاكمة

نطالب بمحاكمة طارق بن زياد

...لحرقه السفن عند فتح الاندلس

ونطالب بمحاكمة المعتصم بن هارون الرشيد

...لحرقه عمورية عند قتال الروم

ونطالب بمحاكمة صلاح الدين الايوبي

… لحرقه حقول حطين عند قتال الصليبين

صفق ايها الحمار..

لماذا لا تصفق؟؟

“المروض ينتبه فجأة لمرأى النمر ينام بلا حراك فوق كوم الحشائش”

ماذا هل مات؟

لقد مات

انه ميت.. لا يصفق

لا فرق بين الاحياء والاموات..

… سوى التصفيق

“المروض يفتح باب القفص يدخله

يقف فوق جثة النمر

ويكمل خطابه”

واننا من هنا من هذا المكان

سنقف بوجه كل المتآمرين

وسنلاحق كل المنتفعين والخونة

وستبقى رايتنا خفاقة عالية..

الى الابد..

...الى الابد

…...الى الابد

صوت

وفي

اليوم التالي

ايها الناس



اختفى المروض والنمر والقفص

فصار المروض حاكماً..

وصار النمر مواطناً..

وصار القفص مدينة..



النمر يتحرك فيسقط المروض الواقف على ظهره...

والنمر يحاول الوقوف بينما المروض يرتجف خوفاً...



ستار