قصة ( الودق)
--------------------------------------------------------------------------------
قصة
*بقلم :أحمد ختّاوي/ الجزائر
الودق
أنا تئق.. وأنت مئق...فكيف نتفق..
-مثل عربي
فقط لأنه ترهّل من النوافل ...ولأنه يسند ظهره للسفح وللصفح ..وحكايا الوسادة ..هذا فقط وفقط ...
**** ******
كفُّ العفريت في زئبق ( مساحيقه) وأدعية الهدي تلاحق رواتبه... ومساحات الوضوء والسناء لديه عريضة كالذي يعتقد...هذا الذي حدث ..فقط ..وفقط ..هذا الذي أعرفه عنه..فقط ..وفقط ..
أيادي الغواني الراعشة و ( نفح الطيب) وقرنفل النواحي ..قرنفل آسيا المنبث .. وعطر الهند وجوزه .. كانت طيفا وأشرعة طوّاف أو بحّار ..وبقايا أدعية ..كان يرددها ..هذا ما أعرفه عنه.. فقط وفقط ..
ومن الودق أخرجناكم ..من الودق أيضا ..ومن كل نطفة حيّة ..في الأصلاب وفي الذنب ...وكل ما فينا يبلى إلا عجب الذنب .. يقولها دوما عقب كل نافلة وراتبة ..نافجا حضنيه ..يخفي هدير حقد القيلولة المعتادة لديه ..يخاف الشيطان حتى لو صدق...
***** ****
نحن شئناك سمحا .. وأحببناك سمحا ..أقولها له دوما ،لا يستسيغها مثلما لا يستسيغ أدعية العتمة ..والتحلّق قبل صعود الإمام المنبر ...تفاصيله تقاسيم مَنْ أغوته تجاعيد عانسة على مشارف الأربعين .. لا عائشة ولا خديجة ..وشيء من الهمس واللمز ..وبقايا مناجاة وأدعية خافتة ...لا يجهر بها .وجهه ينضوي تحت كثرة سقوطه في الوصل ..والوحل ...أحيانا .. وفي الوهن أحايين ،لكنه يستيقظ خفية كما أدعيته وتهاليله وتسابيحه يبيح لنفسه وضوءا فوق الجوارب .. شربتُ الشاي معه ، فأسمعني أغاني الوجد ..لأنني صديقه .. وصداقة الله لديه كما لدي ..ضربٌ من الحنين إلى الوراثة ..إلى الإنتماء ..،لم يسقني ، ولم أسقه إلى المخمرة ..واللات ..والعزى ومناة .. لم أسقه ولم يسقن ، إنما فقط كان ذليلا أمام همس الوسادة ..فقط وفقط ..
**** ****
جئته للحجامة في فصل الرعد .. وفي فصل الورد ، فترهّل الشيخ من سماع وقع الوسادة .- يا شيخي السمنة لا تكفي..
-الحمد لا يكفي .. وغار حراء للمتقين ..
- إختلاف المذاهب ، يا شيخي رحمة ..
- العاقبة للمسنين...
وافترقنا ..
كان يمسح الإناء بالزعفران ..وكنتُ أجفف دمي من الحجامة ..نسج خيوط العنكبوت على جفني .. ووهني .. وجبيني ..ومسح الإناء بالزعفران ..ومسحتُ دم جمجمتي بالقطران .. غمغم كما يغمغم دائما كلما جئته للحجامة ..ذكّرته بالدم على الموسى .
- آسف ،كنتُ أسبّح للواحد القهار ..
- عفوا – شيخي الحجام – ذكرتك ،فقط ..
كان الإغماء يتلاشى من جسدي وأوصالي ، كما يتلاشى الودق من قدرة الله .
كانت الإغفاءة .. تسكنني .. وكانت تستفزني لأنطق ، أو لأنظف وألامس الموسى .
أنسج مرة ثانية – يا شيخي – خيوط العنكبوت على وجهي ،وإيحائي ..لأن الخلط بين الخلط والخلط ،لا يمطر ودقا ، كما قلت ،ولا يخرجني من كهفي ..
- أصمتْ ،اخرس،أنا الحجاّم وأنت َ الشاة ..
- حسنا
- هكذا أمطرني نظرات ، غمغتُ :
- صلِّ الشفع والوتر .. وأوترْ في حسابات البنوك ،لعل الوتر-يا شيخي –في بنوك الربا .. ينصفني ..
والتحفتُ وأياه العتمة ونوافل الأيام البيض والتشريق ( وأيام الصابرين ) والجائعين ..
...ونهض ذات مرة للحجامة :
استلق على ظهرك كما العادة ..
- أنا مرهق يا سيدي الشيخ هذه المرة ..
- قلت لك استلق على ظهرك .
- حسنا ..سأفعل ..فقط خذ حقك من حقي ودع لي حقي..
صلّ(ي)شفعك ووترك ( الياء لي ولام الأمر لله ) .. هذا صفحي..( الإبتسامة صدقة ) والعاقبة للمهتدين ..ودعِ السحاب الهمّار للودق ..
وترهّل الشيخ من الحجامة ، قال من مسح الموسى من الدم ؟
-شيء من العافية والوئام - يا سيدي
**إصغاء :
كنتُ ( أنا) في هوس .. وأنت الهواس.. والآخر : ما أغنى عنه ما له وما كسب .. لا تنس أن ( التاء) دوما تاء التأنيث ..( وتربت يداك ) أنا المسكين ذو متربة ..وأنت الصائم لتاسوعاء ..أنا الذي شغلته التمائم .. إن أصابني الرأب ، الله أقرب ، لا ترجمني بالغيب .. فقط .. وفقط.. يكفي ما بي من الرزايا ..الرصف والزلال والودق والعشق من الله وله ..
قاطعته:
- أهذا حديث الوسادة يا سيدتي ؟
- شيء من العافية والوئام ..
استرسل : أنا في رغد .. وأنت في رغد .. لا ترفث .. ولا أرفث ..فقط وفقط ..أنا عندي زهاق100 دينا ..أنا المسكين ذو متربة. زاغ البصر عما في أمسي وأمسك ..وزاغ البصر عن الإيمان .. والعاقبة للمستضعفين .. وانزاح الستار .
قاطعته: أنا الذي محوتُ لوحتي بالصلصال ولم يعرص البرق .. فقط بدا لك ..فقط وفقط ..العراص من لوحتي المزركشة .. المرصعة .. المكتوبة بالسمغ ( السمق) نحو طفولتي ..نحو العراص .. إلى السماء .. يحفها جبريل ..عرصة ( الكتاتيب ) وناصيتي وحبة تين في البستان .. والفرقان ..
سيدي محمد الطالب المالكي.. ومرح الطفولة .. والسدل والقبض عند الصلاة ،هاأنذا – سيدي الشيخ- مفعم بالمالكية والتيجانية ( وحلقات الزوايا) ( الوقف والإرث ) فقط وفقط..
وصال :
- ما هذا يا بني ، أهذا صفح الأبناء ؟
- هذا شيء من العافية والوئام ...
قرنفل آسيا المنبت ، ونشوة الطفولة، وشيء من العافية وسماحة الشيخ ..ووجنتي المعفّرة بدم الحجامة .. تهاوتْ .. وذابتْ...
مسح الشيخ مرة أخرى الإناء بماء الورد .. غارتْ عيناه ..غارتْ عيناي .
كان يُجهر هذه المرة :
- إقرأ ما شئت من سورة الفاتحة .
اغرورقت عيناه ...أضاف :شيء من العافية ..شيء من العافية .
استسلم ..استسلم ..فقط ..وفقط ..
كنتُ أصغي له ،قال : ( أنا تئق ..وأنت مئق ..فكيف نتفق)
قال الودق :شيء من العافية والوئام .. فقط ..وفقط ..وكفى ( تربت يداك )
**أحمد ختاّوي/الجزائر
-
-