الفرْسانُ الدُّمَى واللؤلؤةُ المغْتَصَبَة

-1-
البحارْ
أهون ُالروع ما تعرفُ اسْماً لهُ
فاستدرْ هادئا نحو وجهك َ!
لا تُبْقهِ هكذا شائها في حُميَّا الدُّوارْ
فالخُرافيُّ يفْغَرُ في ظلمة القاع فاهُ
وخشْخشة ُ الربوِ في صدرهِ جاثما , والجثومُ انتظارْ
والدجَى خشنٌ رجعهُ كالصدى
ناعماً يتمطَّى مع الريح
- ما يستريح –
كئيباً يصيح
متى رنَّ في جوفك الفارغ ِ الغار ِ ... غارْ
والجا ًمن خياشيمك الضيقات المسارْ
هائجاً صار يلتفُّ حولكَ ,
يكتظُّ في كل زاويةٍ من زوايا المدارْ
خانقاً كعجَاج القتام المثارْ
فاستدرْ نحو وجهكَ ... وانـْــجُ بهِ
أو فمتْ وامئا !
فيمَ عيشُكَ لو أنَّ وجهك منك استحى ؟
فيم عيشك لو أن وجهك عنكَ استدارْ ؟!
-2-
أهونُ الروع ما تعرف اسما له ...
يستطيل ثقيلا عليكَ
يرُوعُكَ لو صار أطولَ منك َ...
وصارْ
وجه َ حرباءةٍ وقعت في مياه الغدير الذي ربما ...
موجة ً دوَّمتْ تتلاشى الدوائرُ فيها كما ...
نمِراً راكضا ًفي بطاح السما
احتدما ...
يلتوي خشناً ناعما ...
غيمةً أسرجتْ غائما ...
لـُمعة ً أطفأت أنجما ...
دومتْ حية ً غرقتْ في دم المرأة المستحمة ِ
في أعين اللامسين العراةِ وما ...
من مجير ٍ يجير الحمى
فنمتْ ونما
وارتمى مثلما ...
قابعاً جاثما ... والجثومُ انتظارْ
واستطال الظلام .... اللعابُ .... الفحيحُ .... استطال الذي أفرزتْ
شهقةً من حميم العمى ... زفرة من سموم الغبارْ
حفنة ً ... حفنة ً في عيون النهارْ
وجه َ حرباءة ٍ لم تجد غير وجهك تشبهه في حميا الدوار !!
-3-
وجهـِك المستجير ...
السناءِ الضرير الذي طالما قد أنارْ
استجارْ
الجوادِ القرير الذي قد أضر َّبه مكثُه ساعة ً من نهارْ
في القتام المثارْ
الجوادِ الذي ما تعوَّد حمحمة ً في اقتحام السرايا وخوض الغِمارْ
ما تعوَّد إلا الجِمامَ الطويلَ ... وكيف الفرارْ
بات يغْضي على ما به ِمن قذاه ُ...
وديعاً كنفسك حين تهابُ الأذَى والضرارْ
حين تخشعُ للآخرين رضيا ...
وتجثو على رُكْبتيك قميئاً رخيا ...
بدعوى السلام ِ ... وبغض الشجارْ
حين تُهرع ُ جرحَى إليك الديار
خنجراً مغمَداً في الحَشَا :
كيف تزورُّ عني ؟!
جبانٌ !!
أما قد كفتك حياتك في راحةٍ زاوياً ؟!
مُعْرضاً في ازْوِرارْ
مَن سيحمي سواك الحِمَى والذمار ؟!
الحمى والذمار !!
-4-
والدُّجَى زاحفٌ
والحراشيفُ في جلده ِ حيةٌ مِلْؤها التوهُ
عوراءُ تهتز عُجْباً ...
وقرعاءُ تزهو اغترارْ
عارياً يلتوي
فاستترْ أنتَ منهُ ولا تعْرَ
أم أنهُ عارمٌ ليس ينجيك منه استتار ؟!
صار فوق فراشك – من وطأة الروْعِ – أفعَى
وفوها على فيك يسعى
ولابد من ضجعةٍ غيَّــةٍ ....
واحتضان ٍ فِجارْ
لا فِرار !!
-5-
الحقولُ قضتْ نحبها ... والجداولُ عطْشَى
تُغرْغرُ أرواحُها مُرَّةً في احتضارْ
و خيال ُالمآتة – آخر من كنت َتخشى –
أتى شائها ... نافشاً قشَّه ُ
وعلى خده ِقد طفتْ عينه ُ ... حَبة ً من زبيب ٍ ضمير ٍ
قدِ انكفأتْ في اصفرارْ
عَوِرٌ جائرٌ يدعي أنَّ ما من جميل ٍ جليل ٍ
سيأتيك إلا بوجه محلَّى وحُسن ِ اعْورارْ
لا تمارْ
فهْو آتٍ ... ٍ جريئا ... وماذا لديك سوى أن تحارْ
طالما جنة ٌ في يديه ونار
والحياة التي .... ما بلوتَ اختيار ْ
-6-
الحقيقة ُفي وجهك الحيِّ ...
فاقدة ُ الوعي ...
نازفةٌ دمَها
عَبرة ً ... عَبرة ً في انكسارْ
جدَّلوها على الأرض ِ مذبوحة ً
بعدما بتروا في اشتهاءٍ مكان القلادةِ منها
وخلخالها خسة ً والسوارْ
جردوها ...
فهل من غيورٍ حَرورٍ يغارْ ؟!
-7-
الحبيبة ُتبكي على فارس ٍ ثائر ٍ مُستطارْ
راحل ٍ لا يعود ...
تقبلُ هذا الجدار وهذا الجدارْ
وهْي مولعة ٌ في شرود
بلقط الحصَى ...
والوجوه الدميمة ُ أغربة ٌ حولها وُقَّع ٌ في الديارْ
الحبيبة ُ ناقفة ٌ حنظلا ...
قلبها يتكي نازفا فوق حد الشفار !!
دمية ٌ في المدى تستغيث ُ ...
وهل تستغيث الدمى ؟
ثم هل من حيي يُـثارْ ؟
-8-
الحبيبة ُ في وجهك الحي ... فاقدة ُ الوعي ...
لؤلؤة ٌ هجرت عُشها ,
كاللآلي التي هجرت بعد عز القرارْ
في .... بطون المحارْ
عريتْ
والمثاقيبُ نشوَى
تفضُّ خواتيمها .. خاتما .... خاتما
نزوة ٌ أُججتْ بافتضاح الستارْ
والفوارسُ – ما للفوارسِ – تهوِى
على الأرض كلْمَى ...
تلمُّ العُرَى ...
عُروة ً عُروة ً وبقايا الإزارْ
أي عار ْ!!
هانها اليومَ نحرُ الغواني
وأيدٍ طوال تلذُّ بمس النحور
وأيدٍ تمنتْ قِصارْ
استكانتْ تشع الأسى في فتور
متى مسها النور تبكِ حنينا إلى رجعة ٍ للديارْ
المحارْ
الذي ذبحوه على شاطئ البحر مثلك ...
لا يستكينُ سوى صخرة تحت أخرى ذبيحا جُبارْ
البحارْ
التي جرفتْك على شاطئ الحزن رخوا ....
أما علمتْك ؟؟
أما أسمعتْك شكاةَ اللآلي ... وصمت المحارْ ؟
-9-
الخنوع الذي قد ألفْنا ...
نَقر ُّبه ِ ... دون أدنى شعور بعارْ
ينزف الروع في دمنا لذة ً مُرة ً
وهجا خانقا وانتحارْ
يصبغ ُالشيبَ بالوحْل ِ
والحِلْمَ بالجهل ِ
والعشقَ رغم سماحته بالسُّعارْ
خائنٌ أنت مثل الندَى ... خائن ٌ
والحياة ُ اضْطرارْ
( أنت مثل الندى حين يصبحُ في موضع السيفِ )
يا أيها الراكعُ الرخوُ ....
لا تنحن ِ اليومَ ...
فالسيفُ يرهفُ تحت انحناءتهِ شهوة ً حية ً للدمارْ
كيف تُـفدَى ؟ّّ!
وللَْسيفُ أشْحذُ من نحرك المسْتدَقِّّ
وأنبلُ من أن يكون َ مجردَ سيفٍ رزين ٍ
يُرَى بارقا في وقارْ
انشطارْ ..........
يُغرق الأرضَ في دمك المستعارْ
لا فرارْ
فالحصارْ
أقبح الذل أن نألف الذلَّ
يا دميةً قد حشاك الردَى
واحتواك البوارْ
لستَ تملك إلا ضجيج الخوارْ
لستُ أملك إلا ضجيج الخوار
ْ
شعر // محمد علي مصطفى