من أصعب المهام على العاملين مع الطلاب المعوقين سمعياً . تنمية قدرات هؤلاء الطلاب على التواصل مع غيرهم ، لذلك تم ابتكار الكثير من الاستراتيجيات من قبل المختصين والعاملين في هذا المجال للتواصل بكفاءة مع الأشخاص الصم .
ومن أهم الطرق المستخدمة :

أولاً : الطريقة الشفهية المنطوقة (أو طريقة الاتصال اللفظي ):
إن أول من طبق هذه الطريقة صموئيل هانيك في ألمانيا (1723-179م). كما كانت هناك محاولات في هذا المنحى لمعلمي الصم الذين سبقوه وهم : بونيه (1579-1620م) وهودلر وآمان (1669-1724م) .
هذه الطريقة إحدى الوسائل الأساسية المتبعة في أسلوب التعليم الشفهي التي كانت سائدة في القرن الماضي، واستمرت حتى النصف الثاني من هذا القرن ، حيث بدأت الشكوك تتسرب إلى أذهان الباحثين اللغويين والسمعيين .
وقد أكدت الدراسات صحة هذه الشكوك وأشارت إلى أن ما نسبته (30-40%) فقط من مجمل الحديث ، يمكن للشخص الأصم الذكي المتدرب جيداً على أسلوب قراءة الشفاه أن يستوعب، وتعتمد قراءة الشفاه على فلسفة العين بدل الأذن .
وتعتمد هذه الطريقة على التفاهم عن طريق الكلمة المنطوقة من الصم ، وتشمل القدرة على لفظ وفهم الكلام المنطوق ، وذلك لأنه يعتمد على السمع ، أما الطفل ذو الصمم الشديد ، فيجب تدريبه على أصوات الكلام ميكانيكياً بطريقة آلية ، وتعويض القصور السمعي بالنظر واللمس ، ولكي يستطيع التحكم في صفة وإيقاع ونبرة الصوت ، وعلوه وانخفاضه ، فلا بد من أن يسمع صوته وأصوات الآخرين ، وعليه أن يستفيد من القدر الضئيل المتبقي من السمع ، ذلك بالاستعانة بأحدث الأجهزة السمعية المناسبة ، وتستخدم طريقتان لتدريب الأشخاص المعوقين سمعياً على مهارات قراءة الشفاه ، هما :
الطريقة التحليلية :
وتشمل تعليم المعوق سمعياً ، وتعريفه بالشكل الذي يأخذه كل صوت على الشفتين ، وتدريبه على تحديد كل صوت ، وبهذه الطريقة يتم تعليمه أصوات الحروف منفردة. وبعد أن يتقن نطق كل صوت على حدة ، تشكل منها كلمات ويتدرب على نطق تلك الكلمات ، ثم يكوّن منها جملاً . ومن عيوب هذه الطريقة أن الطفل الأصم قد يعمد إلى نطق كل حرف في الكلمة كما هو لو كان منفرداً ، فيكون نطقه متكلفاً ويتعذر على الفهم .
الطريقة التركيبية :
وبها يتم تدريب الفرد على التعرف على أكبر عدد ممكن من الكلمات المنطوقة ، ومن ثم تعريفه بالكلمات التي لم يفهمها بالاعتماد على كفاءته اللغوية ، وتعتمد – أيضاً- على تدريب الطفل الأصم على نطق الكلمة ككل منذ البداية ، يلي ذلك تدريبه على بناء الجملة ، حتى إذا ما بلغ مرحلة الاستعداد لتصحيح النطق ، دُرب على الكلمات غير المنطوقة بشكل سليم .
كما تستخدم طرق أخرى للتدريب على قراءة الشفاه ، منها :
أ‌- الطريقة الأولى :
ويكون فيها التركيز على أجزاء الكلمة ، ويطلق عليها الصوتيات ، بهذه الطريقة يتعلم الطفل نطق الحروف الساكنة والحروف المتحركة ، ثم يتعلم نطق مجموعة من الحروف المتحركة ، ثم يتعلم نطق هذه الحروف مع بعض الحروف المتحركة ، ثم يتعلم نطق هذه الحروف مع بعض الحروف الساكنة ..وهكذا .
ب‌- الطريقة الثانية :
لا تهتم بالتركيز على الكلمة أو على الجملة ، وإنما تهتم بالوحدة الكلية أو المعنى . فقد تكون هذه الوحدة قصة قصيرة ، حتى وإن كان الطفل لا يفهم منها سوى جزء صغير جداً .
ج‌- الطريقة الثالثة :
تعتمد على إبراز الأصوات المرئية أولاً ، ثم بعد ذلك الأصوات المدغمة .
العوامل التي تساعد المعاق سمعياً على قراءة الشفاه:
أجريت دراسات عديدة حول هذا الموضوع ، من بينها دراسة فريزينا وكويكسلي (1971م) :
1- سرعة الكلام : إن هذه الدراسة بينت أن القراءة في حالة الكلام البطيء أفضل من حالة الكلام العادي ، على أن يكون الكلام غير بطيء جداً . فقد ظهر من خلال شريط مرئي تم تسجيل عشرين جملة عليه بسرعات مختلفة ، وفق ما يلي:
(80% ، 67% ،58%) من السرعة العادية ، إن السرعة المثلى للكلام من أجل قراءته على الشفاه كانت السرعة المتوسطة (67%).
2- الوسط الذي يعيش فيه الطفل الأصم : تبين أن الأطفال الصم الذين يواظبون على الدوام في القسم الخارجي في مؤسساتهم – أي الذين يذهبون إلى بيوتهم بعد انتهاء الدوام النهاري – كانوا أفضل حالاً في قراءة الشفاه من أولئك الموجودين في القسم الداخلي .
3- القدرات الفردية: تبين أن الأطفال الذين لديهم القدرة على الانتباه لمدة أطول ، يمكنهم قراءة الشفاه أفضل من الأطفال الذين ليست لديهم مثل هذه القدرة .
ويستفاد من قوانين التعلم عند تدريب الطفل الأصم على قراءة الشفاه ، وذلك عبر موجهات عامة ، منها :
1- يجب التركيز على الكلمات السهلة في البداية ، وأن تكون هذه الكلمات مرتبطة بالواقع وبدائرة تجارب الطفل وخبراته .
ويلاحظ –أحياناً- إن قراءة الكلمات ذات المقاطع الطويلة أسهل شفاهياً على الأصم من قراءة الكلمات ذات المقطع الواحد ، فمثلاً ، كلمة (بطاطا، أو مستشفى) أسهل للمعوق سمعياً قراءتها من قراءة كلمة (قط) .
2- يفترض أن يكون قارئ الشفاه مدركاً للغة الشفهية .
3- مساعدة الطفل الأصم بالتدريب على ملاحظة الوجه والشفاه بدقة ، ثم الربط بين ما يراه من تعبيرات وحركات وبين المواقف ، ثم تعويده على الفهم المجرد ، دون أن يرى مواقف مماثلة أمامه أثناء التحدث .
4- الاستفادة من قدرة الطفل على التقليد في تدريبه على قراءة الشفاه ، وتعليمه الأنشطة أو الخبرات المختلفة .
5- ربط المهارات اليدوية والتدريب الحسي بالكلمات ، واستغلال كل الأوقات المناسبة للتدريب على قراءة الشفاه .
6- ربط الكلمات بواقع الطفل ، حتى يكون لها دلالة بالنسبة له ، مما يزيد من تعلمه وفهمه بصورة سريعة .
7- الاستمرار في التدريب الموزع على مدة زمنية معقولة ، مما يساعد عل تثبيت المعلومات .
8- أن تتم عملية قراءة الشفاه من خلال الأنشطة والعمل ، وأثناء اكتساب الخبرات والتجارب .
وفيما يلي الشروط التي يجب أن يأخذها المعلم في الحسبان عند استخدامه طريقة قراءة الشفاه مع تلاميذه :
1- درجة وضوح حركات الكلمات وسلامة الفم والأسنان والشفاه من العيوب المختلفة .
2- التحدث بصوت مسموع – وليس بصوت مرتفع – ولتكن سرعة الكلام متوسطة ، إذ أنه تزداد صعوبة قراءة الشفاه وفهم الكلام المُقال ، كلما زادت سرعة المعلم أثناء التحدث .
3- أن يتأكد المعلم من سلامة بصر التلاميذ ، وأن يضع الذين يشكون من ضعف بصرهم في المقاعد الأولى في غرفة الصف .
4- التأكد من انتباه المعوق سمعياً ، إذ لا يتم التكلم إلا وهو ينظر إلى من يحدثه، والتأكد من عمل السماعة .
5- ألا تزيد المسافة بين المتلقي والمرسل – في حالة قراءة الشفاه – عن خمسة أقدام ، ولا تقل عن قدمين ، لأنه في حالة الاقتراب منه يتعذر عليه تركيز انتباهه على عضلات الوجه .
6- عدم المبالغة بأداء نطق الحروف أو الكلمات ، لأن أية حركة غريبة توهم الطفل بمعان أخرى للكلام . كما ينبغي نطق الكلام للطفل مرات عديدة ، حتى يتم التأكد من أن الطفل قد فهمها ، وإذا تعذر ذلك يمكن استعمال الكلام ال على السبورة لمساعدة الطفل على الفهم .
7- يجب تعويد الطفل على عدة أشياء ، كالبدء في تعليمه قراءة الشفاه ، مثل :
‌أ- تدريبه على النظر إلى وجه المتحدث قبل كل شيء .
‌ب- تدريبه على الاستعانة بتعبير وجه محدثه .
‌ج- أن يطلب منه إعادة الكلمة في حال عدم فهمها .

المشكلات والصعوبات المرتبطة باستخدام طريقة التواصل الشفهي :
1- تشابه بعض الحركات الكلامية في المخارج ، مثل حروف (الباء ، والميم) ، (التاء ، والدال) ،أو تشابه بعض الكلمات مثل (بدى ، مدى) (تاب ، داب) ، ومثل : (غالي ، خالي) ،(ظهر ، زهر) ،(زر ،زور) ، (تين ، طين) ،(جبل ، جمل) .
2- اختلاف نطق بعض الحروف بين الأشخاص ، سواء في البيئة الواحدة أو في البيئات المختلفة .
3- إن بعض الأطفال لا يمتلكون المهارات اللازمة لتعلم الطريقة الشفهية ، والبعض الآخر لا يستطيع التمييز سمعياً وبصرياً بما فيه الكفاية .
4- لم تساعد طريقة قراءة الشفاه التلاميذ الصم على سرعة استقبال الكلام وتتبعه ، وذلك لصعوبة تمييز بعض الحروف على الشفتين لتشابه مخارجها كما أن بعضها الآخر ينطق من داخل الفم ولا يظهر على الشفتين .
5- لم تساعد هذه الطريقة على تعلم الكلام وتنمية اللغة بشكل جيد ، لأن قارئ الشفاه لا يستطيع في أحسن الأحوال استيعاب أكثر من 40% من الكلام المنطوق .

ثانياً : الطرق اليدوية (التواصل اليدوي):
التواصل اليدوي نظام يعتمد استخدام رموز يدوية لايصال المعلومات للآخرين ، والتعبير عن المفاهيم والأفكار والكلمات ، ويشمل هذا النظام – في التواصل – استخدام لغة الإشارة والتهجئة بالأصابع .

لغة الإشارة :
نظام لغة الإشارة مقنن ، يراعي ويحافظ على قواعد النحو التي ابتدعها أول مدير لمدرسة سانت مايكلز جستل في هولندا (1817م) ، هذه المدرسة تتبع الآن منهج التعليم الشفهي البحت .
وتعد لغة الإشارة أسلوباً بصرياً – يدوياً لاستقبال المعلومات والتعبير عنها . والإشارات هي خليط من الأوضاع والأشكال والحركات في اليد ، تمثل كلمات أو أفكاراً محددة .. ويستطيع الأطفال الصم (صغار السن) التقاط الإشارات بسهولة ، كما أنهم يستخدمونها استخداماً جيداً في التعبير عن أنفسهم . و لغة الإشارة محورها حركة اليد وأصابعها لتصوير الألفاظ ، وحاسة البصر تعد أساس لغة الإشارة من حيث التقاط هذه الإشارات وترجمة معانيها .

آلية التواصل بلغة الإشارة :
لغة الإشارة ليست مجرد حركة لليدين ، بل يسهم في إنتاجها :اتجاه نظرة العين ، وحركة الجسم ، والكتفين ، والفم، والوجه .. وهذه الإشارات غير اليدوية هي السمة الأكثر حسماً في تحديد المعنى وتركيب الجملة ووظيفة الكلمة ، وتشير للأبعاد الزمنية للغة الإشارة ، أي وقت حدوث الأفعال .
كما أن هناك نطاقاً مكانياً للغة الإشارة ، إذ تستخدم الحركة في اتجاهات مختلفة في نطاق الأبعاد ، للتعبير عن دلالات نحوية معينة . وهذه الإشارات غالباً ما تكون تقليداً لما هو موجود في الطبيعية ، أو لما يميز الأشياء والأسماء من ميزات بارزة ، فإشارة سبابة اليد اليمنى باتجاه الرأس على الجبين ومد اليد اليسرى لتلامس الكوع الأيمن للدلالة على الهدوء , والإشارة التي تدل على اسم العروس ستكون باتجاه الرأس للدلالة على الإكليل .
الإشارات تعتمد إذاً على إعطاء صور موجزة مبسطة عن الأشياء ، مثل الاستدلال على الرجل بالإشارة إلى الشاربين ، والاستدلال على فعل الشرب بوضع اليد بشكل كأس وجرها نحو الفم .
الحاجة إلى ترجمة لغة الإشارة من قبل معلمين مختصين:
1- من الضروري أن يتعلم المعلمون لغة الإشارة ليتمكنوا من الاتصال مع الأطفال الصم بلغتهم من أجل تفسير الأمور التعليمية لهم.
2- حاجة الأطفال الصم لمترجمي الإشارة عند تواصلهم مع الآخرين .
3- حاجة الأطفال الصم المدمجون في المحيط المدرسي العادي والذين يندمجون في المحيط المهني في مستقبلهم إلى مترجمي للغة الإشارة.