طلب عمل
... وبعد أخذ ورد بينه وبين نفسه، قرر أن يحرر مرة أخرى بعض الكلمات ليرسلها عبر البريد إلى مؤسسة خاصة عثر مؤخرا على عنوانها، عسى أن تتم الإستجابة لطلبه هذه المرة ...
ثم إنه جلس منفردا بالقلم بين أصابعه الثلاثة وبالورقة على المكتب الصغير أمامه، فشرع بعد أن أثبت تاريخ اليوم يخيط الحروف، ويرصف الكلمات، التي حرص على انتقائها بعناية، فظل على تلك الحال إلى أن بلغ بالقلم في هذه الحلة المخيطة: ... وإني لا أشك في رحابة صدركم، وكريم عنايتكم، وبالغ اهتمامكم ...
أمسك عن الكتابة هنيهة، وقد أسفر ثغره عن ذات البسمة، التي يأنس بها وتأنس به كلما هم بتحرير أشباه هذا الطلب، وهي بالنسبة إليه الزائرة المعتادة، بل المميزة بين باقي بسماته ...
تابع خياطة الحروف المتبقية وأتمها، ثم ذيل ما خاط بتوقيعه، وألقى على نص الطلب نظرة أخيرة، وبرفق أودعه في الظرف الموسوم بعنوان سكناه، وبعنوان المؤسسة، وكذا بالطابع البريدي، وقبل أن يجد نفسه أمام صندوق البريد، وهو يضع حلته المخطوطة الجديدة فيه، التي اجتهد في سبيل عرضها مميزة، طمعا منه في أن تسر الناظر فيها، لم ينس أن يلقي عليها نظرة الوداع الأخير ...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
[/align]aghanime@hotmail.com