حوار من واتا:
كيف بدأت تجربتك الشعرية و ما هي أهم المراحل الأدبية التي مررت بها في حياتك؟
بدأت تجربتي الشعرية مبكرا ، وبتشجيع من معلمي الفاضل رحمه الله الأستاذ هزاع أبو ستة الذي كان يرعاني ، ويحب الاستماع إلي . ويعود الفضل الأول والأخير إلى أخي الأكبر الدكتور محمد النجار ، ولوالدي رحمه الله ؛ فقد كان أخي يكتب الشعر ويسمعني منذ حداثة سني ؛ فشربت الشعر منه ومن الوالد الذي كان يحفظ من الشعر القديم الكثير .
بدأت كلاسيكيا جدا ، وتأخرت كثيرا في تعرف مدارس الشعر وفنيات الكتابة ، حتى إذا ما سافرت إلى الإمارات فتحت لي كل أبواب المعرفة والشهرة ، فلم تنقطع الأمسيات الشعرية التي كنت أشارك فيها بشكل مستمر ، وزاد من ثقتي بنفسي المقابلات التلفزيونية التي حظيت بها لمرات عدة ، والتغطيات الإعلامية لنشاطي ، وما فتح لي من أبواب الصحف للكتابة .. إضافة إلى الجلسات شبه اليومية التي كنا نعقدها في النادي الثقافي العربي في الشارقة ، وفي فندق الهوليدى إن ، وكان كل حضورها بين شاعر وقاص وناقد وصحفي ؛ مما أثرى ذاكرتي ، وقفز بي إلى مستوى معقول .
وكان أن كتبت إبان الانتفاضة الأولى قصيدة بعنوان ( المنبعث الأوحد ) كان لها صدى كبير ونشرتها أكثر من صحيفة ، وكانت هذه القصيدة انطلاقتي الحقيقية إلى عالم الشعر ؛ وقد سجلها تلفزيون الشارقة لاحقا بصوتي ، وصار يبثها في كل المناسبات الوطنية الفلسطينية ؛ مما كان له كبير الأثر على مسيرتي .
بعد عودتي إلى الأردن لم أجد نفسي في الأوساط الثقافية ، وتعرضت لصدمة حالت بيني وبين التفاعل مع الأجواء الثقافية ؛ فوجدت في شبكة الإنترنت متنفسا حقيقيا لي .
من أول شخص أطلق عليك لقب شاعر ؟
كان أول من أطلق علي لقب شاعر فيما أذكر أحد زملائي في المدرسة ، ولم أعد أذكر اسمه ؛ وهو من قدمني إلى أستاذي هزاع أبو ستة رحمه الله ، قائلا له : " أستاذ ، محمود النجار يكتب شعر .. إنه شاعر " ؛ فطلب مني أن أسمعه ، فأسمعته ، فكذبني ، وقال لي : هذا الشعر لك ؟ قلت : نعم أستاذ إنه لي " ، فقال : عيب عليك يا ولد تكذب ، فكدت أبكي واقسمت له أنه شعري ، فجاء إلى بيتنا وكان يعرف والدي ، وتوثق من الأمر ، وبدأ يشجعني ، ويدفعني إلى الأمام .
هذا واقبل خالص المودة .
محمود النجار
أخي الفاضل محمود النجار
شكرا لك على الإجابات الصريحة و الرائعة
أتابع اللقاء بعد إذنك
- ماهو تعريفك الشخصي للشاعر , و الشعر ؟
- هل ترى للشعر أثرا كبيرا في رفع المستوى الثقافي للأمة العربية ؟
- لكل شاعر قصيدة يعتز بها و يحبها أكثر من غيرها , ما هي قصيدتك المفضلة ؟
- كيف تبدء بقراءة و إنتقاد نص شعري ؟
- ما هي النصائح التي تستطيع أن توجهها إلى الشعراء الجدد ؟
مودتي و تقديري
د.إياد فضلون
ماهو تعريفك الشخصي للشاعر , و الشعر ؟
الشاعر في رأيي الشخصي ، هو الشخص الذي يمتلك ناصية البيان والذي يتحلى بحد أدنى من الثقافة ؛ فالشعر ليس كما يزعم كثيرون وزن وقافية .. هذا كلام مضحك في رأيي .. من أهم خصائص الشاعر أن يكون عارفا ببواطن اللغة ودلالاتها ، وأن يكون قادرا على خلق الصورة الجديدة ، والا يظل رهين الصور القديمة .. والشاعر في رأيي شخص ذكي نابه بالضرورة ، قادر على الاستشراف ، لديه قراءاته الخاصة لما يدور من حوله .. قادر على الإدهاش ، وليس الكتابة الجميلة وحسب ..
باختصار : الشاعر شخص لغوي ، مثقف ، نابه ولماح ، مستيقظ الذهن ، مدهش .. إنه شخص خطير ، يحب بشكل مختلف ، ويكره بشكل مختلف ، وينام بشكل مختلف ، ويستيقظ بشكل مختلف .. ويكتب بشكل مختلف .. ويقرأ بشكل مختلف .. إنه شاعر ، وليس شخصا عاديا .. إنه مختلف عن الآخرين في أسلوب حياته ؛ فقد خلق شاعرا ، ومن خلق شاعرا فهو غير عادي .. إنه دائم البحث عن الدهشة ، دائم البحث عن التميز .. إنه في عين الآخرين شخص مغرور .. !
أما الشعر ، فهو هذا النتاج لعقلية هذا الشخص المختلف ..
إنه الكلمة المضيئة ، الكلمة التي تحدث هزة في روح المتلقي وقلبه وعقله .. إنه الدهشة والنفور من العادي .. إنه الاختلاف مع الواقع والاصطدام مع المألوف .. إنه الرفض لكل أشكال الارتهان والتبعية لكل السقوف العالية .. !
الشعر الموزون أجمل .. لكن الشعر المباشر الهتافي الخطابي المكشوف تماما لا أعده شعرا فالإيحاء فاكهة الشعر الشهية .. !
وقديما قال أبو اسحاق الصابي : " وأفخم الشعر ما غمض عليك فلم يعطك غرضه إلا بعد مماطلة .. "
وقال يحيى بن حمزة صاحب كتاب الطراز : " اعلم أن المعنى المقصود إذا ورد في الكلام مبهما فإنه يفيد بلاغة ويكسبه إعجاباً وفخامة ، وذلك لأنه إذا قرع السمع على جهة الإبهام فإن السامع له يذهب في إبهامه كل مذهب " .
وكذلك مقولة جميلة لشيخ البلاغيين العرب عبد القاهر الجرجاني في كتابه أسرار البلاغة : " ومن المركوز في الطبع أن الشيء ، إذا نيل بعد الطلب له والاشتياق إليه ومعاناة الحنين نحوه ، كان نيله أحلى ، وبالميزة أولى ، فكان موقعه من النفس أجل وألطف ، وكانت به أضن وأشغف " .
فلست بحال مع النص المعرى المكشوف الذي لا يختلف عن النثر العادي إلا في الوزن والقافية .. لكنني في الوقت نفسه لست مع إهانة اللغة وتعذيب المتلقي في فهم ما لا يمكن فهمه ، فذلك أيضا ليس بشعر ـ كما أرى أنا عل الأقل ـ فمن أخص صفات القصيدة الناجحة أن تأسر المتلقي في شباكها منذ القراءة الأولى ، وهذا لايمكن أن يحدث في قصيدة لاسبيل إلى فهمها أو حتى شمها .. !
هل ترى للشعر أثرا كبيرا في رفع المستوى الثقافي للأمة العربية ؟
للأسف ، لم يعد للقصيدة تلك الأهمية التي تبوأتها فيما مضى ، ولم يعد الشاعر يحس بأهميته إلا بين نفر قليل من المثقفين ثقافة حقيقية ، ممن يفهمون روح الشاعر ومعاناته ، وحبه للأخر ، وإحساسه بحريق الأمة .. وهم ـ كما أشرت ـ قليل ..
القصيدة ـ كما أرى ـ لا ترفع من المستوى الثقافي للأمة ، لكن القصيدة الناجحة قد ترفع من ذائقة المتلقي ، وقد تقربه من روح الشاعر ، فترفع من معنوياته ، وتبصره بواجباته الوطنية .. لكنني لا أتصور أبدا أن يكون للقصيدة دور فاعل في رفع المستوى الثقافي للأمة بالمعنى التقليدي للثقافة ..
لكل شاعر قصيدة يعتز بها و يحبها أكثر من غيرها , ما هي قصيدتك المفضلة ؟
أعتز كثيرا بقصيدتين ، كل منهما شكل مفصلا هاما في حياتي الفنية ، الأولى قصيدة (المنبعث الأوحد ) ، والثانية ، وهي منشورة في منتدى الشعر الفصيح ( مرايا الروح ) : http://arabswata.org/forums/showthread.php?t=14603
فالأولى كان لها صدى كبير في نفوس الناس إبان الانتفاضة الأولى ، والثانية كانت أول نص درامي أكتبه بحرفية وفنية ، ولعله النص الوحيد الذي لم أفكر في تغيير كلمة فيه على الرغم من مرور نحو ثماني سنوات على كتابته .
كيف تبدأ بقراءة نص شعري ونقده ؟
أولا أنا لست بناقد ، مع أنني شاركت في أمسيات نقدية كثيرة ، وكتبت في النفد ، لكنني لا أحب النقد ، ولا أكتب نقدا علميا مقننا على نص إلا حين أضطر إلى ذلك ، ومع أنني أعلم جيدا أنني أمتلك كثيرا من أدوات الناقد ، إلا أنني لا أرغب في أن أكون ناقدا ؛ فقناعتي أن علي أن أكون واحدا من اثنين ، إما ناقدا وإما شاعرا ، وأنا أفضل الخيار الثاني ، وأكاد أؤكد أن النقد الموضوعي الدقيق في المنتديات نادر ندرة التبر ؛ فمعظم ما أقرؤه في المنتديات أحب أن أقدم عليه نقدا ولو في بعض الجوانب ، لكنني أحس أنني سأجابه بعداوات كثيرة لست مستعدا لها نفسيا ولا يسمح لي وقتي بها ، فأبتعد ، بل أحيانا أجد نفسي مضطرا للمجاملة ، وهذه آفة المنتديات .. ولعل المتبصر فيما أكتب من تعليقات يلاحظ أنني كثيراا ما أركز على الفكرة وليس على الفن في النص ؛ لأنني لا أريد أن أشيد بنص غير فني ، فأضطر إلى الإشادة بفكرته .. بثوريته .. بلغته القوية أحيانا .. ولعل بعض الإخوة يلاحظ أنني نادرا ما أمتدح نصا ، بل أركز على الموسيقا الناجحة أو على الألفاظ المنتقاة إلخ .. ونادرا ما أقول أن النص ناجح بكل المقاييس ..
القراءة الأولى لأي نص تعطي انطباعا أوليا عنه ، وتحكم عليه حكما مبدئيا ، ثم تكون القراءة الثانية وتلك التي يقف فيها الناقد على إبداعات الشاعر وإخفاقاته ، حيث يبدأ بحصرها والتعليق عليها ..
بقي أن أبين أن عيب معظم النصوص يكمن في سوء اختيار الكلمة المناسبة ، وتجاهل إيقاع الكلمة لصالح الموسيقا الخارجية ( الوزن و القافية ) ، كذلك أكثر ما يلفت انتباهي في النص العمودي القافية التي يضطر كثير من المبدعين إلى استخدام كلمة نافرة ليملأ القافية بالكلمة التي تناسب الوزن والقافية على حساب المعنى أو الموسيقا الخفية ، وذلك يحدث أيضا في كثير من النصوص الجيدة من شعر التفعيلة التي يسعى أصحابها إلى التزام القافية من حين إلى آخر ، لأن القافية تدعم الموسيقا بشكل لافت .
ما هي النصائح التي تستطيع أن توجهها إلى الشعراء الجدد ؟
سأوجز نصائحي على شكل نقاط أولها : لا تقل : نصي ، قصيدتي ..
اقرأ كثيرا بعمق .. اقرأ كل شيء ، وليس فقط الشعر ؛ فثقافتك هي التي تصنع نصك .. اقرأ الروايات العالمية ، خصوصا تلك التي ترجمت ترجمات مبدعة ، مثل رواية ( عمال البحر ) لفيكتور هيجو .. وأعمال شكسبير وتشارلز دكنز من أهم ما يجب على الشاعر قراءته ..
لا تتسرع في النشر .
لا تغضب حين يوجه نقد لكتابتك .
تواضع لمن هم أعلم منك .
تتبع المجالس الأدبية ، وأكثر من حضور الأمسيات الأدبية .
تفاعل مع الوسط الثقافي على الأرض وفي الهواء ( المنتديات ) .
ضع نصب عينيك شاعرا أو ناقدا قويا ، وقل لنفسك : لو قرأ فلان نصي ، ماذا سيقول عنه ؟ اكتب لهذا المبدع ، واطلب رضاه ، وإن لم تقدم النص له ، وإن لم تكن تعرف عنوانه .. بمعنى أن تقيس أعمالك على أعماله .. !
وأخيرا وأهم نصيحة ، توقف عن كتابة الشعر وتوجه إلى فن آخر إذا نصح لك مبدع حقيقي بذلك ؛ لأنك قد تصبح قاصا أو روائيا مبدعا بالتدريب والإصرار ، لكنك لن تكون شاعرا بقرار شخصي .. !
أشكر لكم ، وفي انتظار أية أسئلة من الإخوة الأعضاء .
محمود النجار
أخي الفاضل الذي ينزل من قلبي منزلا حسنا ، أخي الذي أتابع معظم ما يكتب لإعجابي بمثابرته وصدقه وتواضعه الأستاذ الفاضل معتصم الحارث ، أشكر لك ما باركت لي ، وأجيب عن أسئلتك مستعينا بالله :
القصيدة العمودية و التفعيلة ، أين تجد نفسك ؟
لقد بدأت حياتي الأدبية أكتب القصيدة العمودية ، ولا أميل لقصيدة التفعيلة ، بل كنت أتخذ منها موقفا إلى أن درست في الثانوية العامة قصيدة بدر شاكر السياب ( أنشودة المطر ) التي تأثرت بها كثيرا ؛ خصوصا حين قرأت عن القصيدة نقدا مطولا في كتاب لم أعد أذكر اسمه .
أنا أحب القصيدة العمودية إذا جاءت بلغة قوية وابتعدت عن الخطابية ، وأميل كثيرا لها إذا كانت مختلفة عن السائد .. ولأنني أعشق العربية ؛ فكثيرا ما أكتفي منها بقراءة اللغة الموقعة الرائقة والألفاظ الجزلة المنتقاة بإبداع . بيد أنني في الحقيقة أميل أكثر إلى قصيدة التفعيلة وأطرب وأنتشي لها حين أقف على الصور الممتدة في خلايا النص وشرايينه ، وأحس أن النص الحديث قادر على استيعاب الروح أكثر ، وأن السحر الحقيقي والإبداع والتجلي والإحساس بالقوة والتفرد لا يكون إلا من خلال النص الحديث ( شعر التفعيلة ) .
شعر التفعيلة مظلوم بسبب ضيق الأفق وقلة الوعي الفني لدى كثيرين ، ذلك أن بعض المتلقين يتصورون أن القصيدة العمودية نزل فيها قرآن يتلى ، وأن قصيدة النثر بدع من القول ، ومخالفة لشريعة السماء .. !
للأسف تلك موجودة في خيال كثيرين .. ما أتصوره باختصار أن كلا الفنين مشروع ، ولا تضارب بينهما ، وهما فنان منفصلان عن بعضهما ـ كما أرى ـ فلكل سماته وأدواته ، ومن يكتبون النص الحديث يعلمون ويعلم معهم العارفون أن كتابة النص الحديث من الصعوبة بحيث يمكن للشاعر المتمكن أن يكتب كل يوم نصا كلاسيكيا أو أكثر ، بينما قد يستمر في كتابة نص حديث أياما وشهورا طويلة . ولا أعني بالنص الحديث ذلك الذي يقول ما تقوله بعض النصوص الكلاسيكية المسطحة ، بل أعني النص الغزير المليء بالمعاني والدلالات والصور البكر ، النص الذي تقول فيه كل كلمة قصة قصيدة ، النص الذي إذا قرأه المتمكنون من فن القصيدة أحسوا به وانتشوا بعد أن يدركوا ما يقف منه خلف السطور ، ما تشي به الصور ، وما ترمي إليه الرموز .. وجزء من مشكلة النص الحديث أن عقلية العربي أحيانا لا تطيق القراءة المتأنية السابرة ، ولا يصبر المتلقي على النص قليلا ؛ فهو يريد وجبة ساخنة جاهزة ، ولا يرغب في المشاركة في طبخها أو حتى تسخينها ؛ لذلك يهرب منها بالتقليل من شأنها ؛ ليبرر عجزه أو قلة خبرته أو عدم صبره على قراءة مختلفة .
أنا أحب أن أكتب النص الكلاسيكي لكنني سأعاني فيه كما أعاني في الحديث ؛ لأنني أرفض أن أكتب نصا كلاسيكيا عاديا ، فلا بد لي من المعاناة كتلك التي أجدها في النص الحديث ، ولعل المعاناة في العمودي أشد منها في الحديث لتقييدها الكاتب بالقافية وعدد التفعيلات ؛ بما يصعب عليه مهمته .. لكنني في الوقت نفسه أزعم أن أيا من القصائد العمودية لم تستطع أن تقول ما تقوله قصيدة التفعيلة الحديثة ، ولن تستطيع .. !
بقي أن أقول بأنني سأكون مع القصيدة العمودية قلبا وقالبا إذا كانت تعني الانتماء والأصالة ، بيد أن الأمر ليس كذلك أبدا ، والموقف المتشنج من قبل بعض المثقفين من النص الحداثي مستهجن وغريب .. أنا مع الأصالة حين تعني الانتماء ، ومع المعاصرة حين تعني الارتقاء .، والنص الحداثي كما أرى هو نوع من الارتقاء .
قضية الحداثة في الشعر العربي ، ما وجهة نظرك ؟
سأختصر الإجابة ما وسعني الجهد .. أرى أن ثمة وجهين للحداثة : وجه فكري ، ووجه شكلي ، أما الأول الفكري ؛ فأنا ضد الحداثيين الذين يتخذون من مناوأة الدين والتراث سبيلا للإبداع الزائف ، وضد من لا يجدون في تراثنا ما يوظفوه في كتاباتهم ، ويلجؤون فقط إلى الأساطير القديمة اليونانية والفارسية والرومانية ، وكأن التراث العربي لا يصلح إلا للشتم والإهانة ، هؤلاء موتورون خارجون من تاريخ الأمة وحضارتها وثقافتها .. إنهم باختصار أعداء لهذه الأمة .
أما الحداثة بما هي شكل من أشكال الكتابة ؛ فأنا معها قلبا وقالبا ، شريطة أن يكون النص الحداثي متمتعا بقدر من التوازن من حيث القدرة على التواصل مع القارئ ؛ فلا يكون نصا مغلقا يستحيل فهمه ؛ فوظيفة اللغة التواصل ، وحين يفقد التواصل بين الشاعر والمتلقي ؛ فما قيمة ما يكتب الشاعر ؟!
ما دور الشاعر الملتزم في التعبير عن قضايا الأمة ؟
دور الشاعر الملتزم أن ينافح عن قضايا الأمة ، وأن يكون صاحب موقف صلب ، وألا ينحني كغيره ؛ فإذا انحنى الشاعر ؛ فويل للأمة .. !
الشاعر الحقيقي لا ينحني أبدا مهما كان من أمر ، فهو شخص مختلف .. إنه أقوى وأمنع بما منحه الله من قدرة على الفهم والوعي والاستشراف .. الشاعر رافض بطبيعته ، رافض بكروموسوماته وخلايا جسمه .. لقد خلقه الله رافضا ، فإذا ذل ؛ فلا تلام الأمة إذا هي ذلت .. لذلك تجد الشعراء الحقيقيين أكثر تأثيرا في الناس من المنافقين والتجار منهم .
لكن في الوقت نفسه الشاعر الملتزم لا يقول خطبا عصماء ، ليثور الناس ؛ بقدر ما يخلق حالة فنية مؤثرة تكون قادرة على الوصول إلى عقولهم وقلوبهم وتستفز ذائقتهم .
أشكر لك أخي معتصم ، وبوركت على ما سألت ، وآمل أن أكون قد أوضحت رأيي فيما أجبت بشكل معقول .
محمود النجار
.