-
باحث في علم الاجتماع
المخططات الأمريكية: السيطرة على النفط والهيمنة على وطننا (6)
المخططات الأمريكية: السيطرة على النفط والهيمنة على وطننا (6)
مصطفى إنشاصي
الهدف الثاني للسياسة الأمريكية إضافة إلى تحقيق غاياتهم الدينية التوراتية إقامة (إسرائيل التوراة) في فلسطين، وإعادة (شعب الله المختار لأرضه الموعودة) هو: السيطرة على منابع النفط في وطننا، فمنذ إعلان الرئيس الأمريكي مونرو في بدايات القرن التاسع عشر مبدأه القائل (أمريكا للأمريكيين)، إلى بدايات القرن العشرين واحتياج بريطانيا الإمبراطورية التي كانت لا تغيب عنها الشمس إلى القوة الأمريكية في الحرب العالمية الأولى، كانت أمريكا قد استطاعت أن تقطع شوطاً كبيراً في استغلال المواد الخام في القارتين الأمريكيتين، وأن تحقق نجاحاً كبيراً على صعيد الإنتاج والتقدم العلمي، وبناء القوة العسكرية. وأصبح واضحاً أن أسواق الأمريكيتين لم تعد تكفِ طاقتها الإنتاجية، وأنها في حاجة إلى مجال أرحب لنشاطها التجاري، ولحاجاتها المتزايدة للمواد الخام.
ومع اكتشاف البترول في إيران وأذربيجان بدأت أمريكا تهتم اهتماماً حقيقياً بمنطقة العراق والخليج العربي، للاحتمالات المؤكدة لوجود البترول على سواحلها، وفي باطن أراضيها، أسوة بدول الجوار، لذلك عندما طلبت بريطانيا من أمريكا مساعدتها في الحرب، كان شرطها الثاني على بريطانيا هو: الكف عن مناوأة مساعي الأمريكيين للتنقيب عن البترول في السواحل العربية على الخليج العربي.
وما لبثت المصالح الأمريكية أن برزت بكل وضوح اعتباراً من نهاية الحرب العالمية الثانية، كما أن خبرة الأمريكان وثروتهم ساعدتهم على أن يكونوا السباقين في اكتشاف البترول في كل من البحرين والإحساء. ومنذ ذلك التاريخ بدأت أمريكا تتحول إلى إمبراطورية، إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم، وجعلت وزير خارجيتها كولن باول يعلن بكل صلافة أن الهدف من العدوان على العراق واحتلاله هو تحقيق هدفين: السيطرة على النفط، وتوفير الأمن للعدو الصهيوني.
الهدف الثالث أو البُعد الثالث في الصراع، وهو الأكثر أهمية لأمريكا والغرب كله، وترجع أهميته إلى أن تحقيقه هو الذي سيساعد على استمرار هيمنة الرجل الأبيض وسيادة مشروعه الحضاري على العالم، وهو الذي سيحافظ على استمرار وجود العدو الصهيوني في قلب الأمة والوطن بعد إقامة دولته، التي سيكرس وجودها واقع التجزئة وحدود سايكس - بيكو ويجسدها واقعاً جغرافياً ونفسياً، بعد القضاء على نظامنا السياسي الإسلامي (الخلافة العثمانية)، الذي تم له في إلغاءها عام 1924. كما أنه سيحافظ على استمرار نهب ثرواتنا النفطية والمادية الأخرى، والبشرية أيضاً!
ذلك البًعد هو الذي من أجله حدث التحالف وتحققت الموالاة، وكانت حبل الناس لليهود بعد انقطاع حبل الله، لعودة الإفساد الثاني لليهود في الأرض، والذي كان (وعد بلفور) عنوانه، والإعلان في مؤتمر الصلح الذي انعقد في باريس بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى لاقتسام غنائم دول المحور التي هُزمت، عن تأسيس عصبة الأمم، التي سيكون أهم مهامها شرعنة احتلال (انتداب) بريطانيا لفلسطين، شريطة أن تنفذ (وعد بلفور) وتهيئ فلسطين لتصبح (وطناً قومياً) لليهود، وقد تم إلحاق تنفيذ (وعد بلفور) بصك احتلال (انتداب) بريطانيا على فلسطين!
وهكذا تكون أهمية إنشاء كيان العدو الصهيوني في قلب الأمة والوطن إضافة إلى أنه تنفيذاً لوعد الرب بإعادة (شعبه المختار) إلى (أرضه الموعودة)؛ ليساعد الغرب (اليهودي - النصراني) في حربه على الإسلام والعروبة، وفي القضاء على عوامل القوة والمقاومة في الأمة والوطن ومحاولة التحرر الحقيقي من السيطرة والهيمنة الغربية على مقدراتنا وثرواتنا.
وقد شارف العلو والإفساد على بلوغ نهايته، لذلك هم يسابقون الزمن في محاولة منهم استغلال حالة الضعف والفرقة والتمزق في الأمة، والصراعات البينية التي أشعلها الغرب بين طوائف الأمة، وحرب الإبادة على غزة القامة الآن جزء من المحاولة، لفرض المشروع الأمريكي لـ(لشرق الأوسط الجديد)، على دول المنطقة!
والمشروع في ظاهره أنه يهدف إلى تمدين وتحضير دولنا باسم نشر قيم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وتقوية دور المرأة ومؤسسات المجتمع المدني، وتحقيق الازدهار والتنمية في وطننا من خلال دمج العدو الصهيوني في نسيج وطننا وكأن وجوده تاريخي وليس مستحدث وطارئ ... وغيرها من الدعاوى الأمريكية والغربية الزائفة، في الوقت الذي باطنه سلب الأمة إسلامها وما بقي لديها من أسباب القوة والمقاومة حتى يتم استعباد الأمة والوطن باسم (محاربة الإرهاب)، الذي صنع منه عدواً مشتركاً ومركزياً للغرب والأنظمة المرتبطة به!
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى