هذا المقطع الرائع ما زال يسلب لبي:

( كانت الأرض تزداد صلابة كلما سار محمد ، فما كان هناك طريق ، و راحت البغلة تجفل في الظلام فقادها محمد حوالي ربع ميل بين الصخور و الأعشاب ـ حتى بلغ قبراً آخر ، قبراً متواضعاً كقبر أبي طالب ، و تحدده ثلاثة أحجار حجر عند الرأس و حجر عند الأقدام و حجر في الوسط ـ فترجل محمد عن بغلته و جلس بجوار القبر .
كانت زوجته الحبيبة خديجة ترقد تحت الثرى ، زوجته التي كانت أول من آمن به ، و المرأة الوحيدة التي أحبها حقاً .
فصلى في صمت ، ثم لف بردته و بقي لا يتحرك ، و غرق في التفكير ، و بدا كأنما يستعرض حياته أمام عينيه . ثم اطمأن و لمس الأرض التي تضم خديجة في رفق ، فإنه بفضلها قد حدث كل هذا ، و بفضلها قد كان كل ما كان ، و بقي محمد مدة طويلة لا يتحرك .
و ما تحرك حتى كان على ثقة أن هذه المرأة التي أحبها عرفت أنها كانت الوحيدة التي تعنيه دوماً ، على الرغم من أي مظهر من المظاهر التي تدل على نقيض ذلك )

ر. ف . بودلي
حياة محمد