القدس والأقصى في فلسطين رغم أنف أصحاب النظريات العبثية! (1)
مصطفى إنشاصي
نشرت شبكة راية الإعلامية تحت عنوان: "الربيعي يفجر قنبلة نووية في التاريخ اليهودي ....؟" بتاريخ الثلاثاء، ٧ فبراير/شباط ٢٠٢٣! لا أعلم هي مقالة أو تقرير المهم يتحدث عن قنبلة الربيعي النووية بمنتهى الاستخفاف بالعقول، موضوع لا يستحق لا القراءة ولا الرد عليه، رددت فقط على أعظم وأخطر كذبة واستخفاف لا يليق بعقل جاهل وهو التالي:
الكاتب لم يحترم عقولنا نهائياً وذلك أمر غير إيجابي، بل استخف بعقولنا بشكل سافر، في حديثه عن تزوير بريطانيا وأمريكا للتوراة وأن الربيعي حصل على النسخة الأصلية من الأرشيف البريطاني وترجمها وكشف مؤامرتهم التي استغلت فيها اليهود ضد العرب لأجل نهب نفطهم!
لا أعلم أي نسخة أصلية من التوراة التي حصل عليها الربيعي من الأرشيف البريطاني؟!
لا يوجد نسخة أصلية للتوراة التي أعطيت لنبي الله موسى عليه السلام إلا الألواح، فهل جمعتها بريطانيا يوم كسرها موسى عليه السلام عندما عاد من مقيات ربه ووجد قومه عبدو العجل قبل 3500 سنة وأخفتها وزورتها ونشرت التوراة التي بين أيدينا التي استغلت بها هي وأمريكا اليهود لخدمة مصالحهما؟!
يكفي هذا الاستخفاف بالعقول ليثبت التزوير والتزييف وأن تلك النظريات والله أعلم تشرف عليها المنظمة الصهيونية العالمية وتوابعها من المنظمات الغربية لصالح أهدافها التوسعية المستقبلية!

هذه مقالة سبق نشرها رداً على تلك النظريات العبثية! ونصها:
دعوني أصارحكم من البداية: أن مصيبتنا ليست في زيدان ومن قبله كمال صليبي وفاضل الربيعي وغيرهم؛ لكن مصيبتنا أننا اُبتلينا بقادة فصائل فلسطينية جهلة وإعلاميين في وسائل إعلامهم أجهل! لا تغضب أيها القارئ وأهدأ قليلاً! واصل القراءة .. كانت صدمتي الأولى بمقالة في موقع أحد الأصدقاء كنت أنشر فيه مقالاتي، وفي يوم من عام 2009 تقريباً استرعى انتباهي عنوان مقالة عن فلسطين والقدس والمسجد الأقصى، فتحتها وما أن قرأت أول سطرين حتى أغلقتها وتواصلت بصديقي وسألته: عن توجه كاتبة تلك المقالة؟ فصدمني رده أكثر؛ فكاتبتها من تنظيم إسلامي فلسطيني يدعي الطليعية والوعي! ناقشته حول مضمونها دون أن أتم قراءتها وأن تلك الآراء تدمر القضية وتقدم خدمة مجانية للعدو الصهيوني للتوسع في مناطق أخرى من وطننا بعد أن ثبت أقدامه في قلب الأمة والوطن، فلسطيننا، فما كان منه مشكوراً إلا أن رفعها مباشرة من الموقع!
وقبل شهور للأسف وأنا أقلب في القنوات الفضائية، استوقفني حديث في القناة الفضائية للتنظيم الذي تنتمي له تلك الكاتبة والحديث عن القدس والأقصى، علماً أني لا أشاهد فضائيات تلك التنظيمات لأن جهلهم أوقات يكون مستفز! وإذا مقدمة البرنامج (لا أعلم إن كانت نفسها الكاتبة أو لا؟!) مستضيفة مفكراً فلسطينياً وموضوع الحلقة دعاية لأفكار فاضل الربيعي التي سبق أيضاً أن رددت عليها وأضفت الرد إلى المقالة السابقة!
لذلك ردي ليس موجهاً لأصحاب تلك النظريات الذين يستغلون عدم معرفة المسلمين خارج اليمن بجغرافية اليمن ومواقع مدنها وقراها وتاريخها و... ويصنعون تاريخاً مزيفاً لتوسيع أطماع اليهود في تلك البلاد وأدلتهم جاهزة، ولكن رداً على جهل بعض الإسلاميين بخطأ تلك الآراء وخطورتها:

النظريات العبثية عن موطن اليهود واليهودية! توسيع لأطماع اليهود في وطننا!
وبعدها بسنوات وصلني من أحد المنتديات بريد بعنوان "مقالة تستحق القراءة" فتحتها وإذا بها حديث عن نظرية الكاتب العراقي (فاضل الربيعي) التي سبق أن طرحها منذ سنوات ويزعم فيها ما سبق أن زعمه (كمال صليبا) في نظريته، لكنه وسع هذه المرة المساحة الجغرافية لمسرح أحداث خرافات وأساطير التوراة من عسير لتشمل اليمن! وفي عام 2015 قرأت مقالة للكاتب أ. د/ عبد الله بن أحمد الفيفي، عنوانها: "العابثون بالتاريخ، شَرُّ التاريخ ما يُضحِك!" المصدر: (صحيفة "الرأي" الكويتية، الثلاثاء 24 فبراير 2015، ص41)، ينتقد فيها نظرية (كمال صليبا) التي أطلقها في كتابه "جغرافية التوراة" عام 1984! ومثلهم كتاب اللبناني (فرج الله صالح ديب) بعنوان "اليمن وأنبياء التوراة"!
وكل تلك النظريات تزعم أن موطن اليهود واليهودية في اليمن ومهبط الرسالات السماوية ومسرح أحداث التوراة وبني إسرائيل الجزيرة العربية واليمن تحديداً وليس فلسطين وبلاد الهلال الخصيب! وكلهم يعتمدون المنهج الاستشرافي اليهودي – الغربي وأدواته ووسائله في التأصيل والتوثيق لتلك النظريات المزعومة، الذي يتخذ من التوراة وما ورد فيها من قصص وأسماء مواقع جغرافية وقبائل، ومن الأدلة اللغوية والجغرافية لمناطق وأسماء في الجزيرة العربية المصدر الرئيس لإثبات أن جغرافية تلك الأحداث كان مسرحها الجزيرة العربية وليس فلسطين وبلاد الهلال الخصيب!
ذلك المنهج بدأ العمل به في وطننا منذ قرون وتم وتزوير كثير من الحقائق التاريخية التي كشفتها الحفريات الآثارية لتتطابق كذباً مع الخرافات التوراتية، وبذلك شوهوا تاريخنا خدمة للمشروع اليهودي – الغربي ضد الأمة والوطن! ومن المعلوم أن مثل هذه الدراسات الموجهة التي تحدد غاياتها ونتائجها قبل البدء في البحث وجمع الأدلة لا تتوفر فيها شروط العلمية والموضوعية والحيادية ولا البراءة، خاصة وأن مصدرها الوحيد أو الرئيس كتاب التوراة المحرفة الذي يستحيل اعتباره بمعايير البحث العلمي مصدر تاريخي موثوق يمكن الاعتماد عليه في دراسات بحجم وخطورة تلك الدراسات!
فاليهود قد تمكنوا من فلسطين والهلال الخصيب؛ وأصحاب تلك النظريات بزعمهم أن مواطن نشأة اليهود واليهودية وأحداثها في غرب الجزيرة العربية وليس في فلسطين يقدمون للصهاينة الدليل والمبرر ليطالبوا بحقوقهم فيها! ويزعمون أن ذلك سيدحض مزاعمهم ويكشفوا زيف الدعاوى الصهيونية واليهودية في فلسطين والقدس، ويبطل مبررات اغتصاب الأرض وتهويد القدس والحفريات تحت المسجد الأقصى، لأن القدس التوراتية والمسجد الأقصى ليسا في فلسطين ولكنهما في اليمن!
ما يدحض زعمهم ذاك؛ أن الحفريات اليهودية – الغربية التي بدأت منذ عام 1838 في القدس وفلسطين وكلفت عشرات المليارات من الدولارات لم تعثر على دليل واحد يثبت صحة حرف واحد من خرافات توراتهم، وأن علماء الآثار الصهاينة أنفسهم الذين بدءوا حفرياتهم تحت المسجد الأقصى منذ احتلال العدو الصهيوني لشرق القدس عام 1967 بدءوا منذ عام 1990 الإعلان من حين لآخر أنهم لم يعثروا على دليل أثري واحد يثبت أن داود أو سليمان أو الهيكل كانا في القدس، لدرجة أن بعضهم شكك في صحة روايات التوراة، والذي حدث أنهم كثفوا سياسات التهويد والحفريات في القدس وتحت المسجد الأقصى أكثر مما كانت عليه قبل عام 1990!
وقبل الرد على نظرية (الربيعي) حول القدس تحديداً، أذكر بحقيقة تاريخية مهمة للرد على تلك الدراسات المزعوم أنها علمية:
أن القبائل العربية التي هاجرت قديماً من الجزيرة العربية (اليمن وحضرموت وعُمان وغيرها من المناطق) تبين في كثير من الدراسات الحديثة ومنها رسالة دكتوراه لأحد الطلبة المصريين اطلعت عليها في ثمانينات القرن الماضي، والأمر نفسه لاحظته بنفسي في كثير من الأقطار العربية التي عشت فيها بدءً من فلسطين مروراً بمصر والأردن وسوريا والعراق ولبنان والجزائر وليبيا والسودان واليمن وغيرها أن هناك نفس اسماء مدن وقرى والأماكن تتكرر فيها جميعاً، فقد تتبع فيها صاحبها أصول أسماء القرى والبلدات والمدن التي تحمل نفس الاسم على مساحة الوطن من ساحل الخليج العربي إلى ساحل المحيط الأطلسي؛ وقد تبين له أن القبيلة العربية أثناء هجرتها وقبل أن تصل إلى موطنها الجديد الأخير كانت تنزل منها بطون أثناء سيرها وتستقر في مناطق على طول طريق هجرتها، وكان من عادة العرب بل كل شعوب العالم القديم أن يطلقوا على مواطنهم الجديدة نفس أسماء مواطنهم القديمة أو أسماء جدهم الأعلى، لذلك نجد اسم مدينة أو قرية أو بلدة ما يتكرر في أكثر من قطر، وفلسطين ليست استثناء عندما نجد كثير أو معظم أسماء مناطقها أصولها من اليمن أو عُمان أو غيرها!