معلومات بعضها قد لا تكون قرأته من قبل، نص محاضرة سألقيها غداً في أحد مراكز الدراسات! (1)
في ذكرى الإسراء والمعراج:
محاولة لفهم معاصر لأبعاد الصراع عالمياً
مصطفى إنشاصي
هل سأل أحدنا: هل هناك علاقة بين الإصرار الصهيوني وتصعيد الأحداث لتهويد المسجد الأقصى، وإعادة بناء (الهي كل) المزعوم، وما يحدث من أزمات في العالم؟! وهل يستحق (الهي كل) فشل كل محاولات تسوية القضية وإنهاء الصراع؟! الإجابة:
القضية ليست قضية (الهي كل) في حد ذاته؛ لكنها مسألة السيادة العالمية لليهود على العالم أجمع، والتي لا تكتمل إلا بإعادة بناء (الهي كل)، ونصب العرش فيه، وجلوس ملك اليهود عليه ليحكم العالم! فـ(الهي كل) رمز لتلك السيادة اليهود العالمية .. تلك هي حقيقة الي هودية!
فالقضية ليست قضية فلسطينية ولا عربية ولا إسلامية بقدر ما هي قضية عالمية، قضية الصراع بين منهج الخير والقيم الإنسانية ومنهج الشر والقيم الشيطانية، ومركزه المسجد الأقصى، لذلك على جميع قوى الخير في العالم التحالف ضد قوى الشر وإفشال مخططات الي هود وحلفاءهم ضد العالم!
قد يكون ما أقوله غير مألوف لأن الجميع يعتبر الي هودية دين مثل كل الأديان، والبعض يعتبرها دين سماوي أيضاً! لكن الحقيقة غير ذلك، وسأعرض بإيجاز تلك الحقيقة:

السبي البابلي والسقوط الشيطاني
لقد بدأ مع سقوط (دويلة يهودا) سقوط العالم أجمع في مؤامرات الشيطان وتبني خططه ومناهجه، وتجسيد أسباب رفضه السجود لأبينا آدم عقيدة دينية عرقية استعلائية (عقيدة الشعب المخت ار)، وفي العصر الحالي إلى فكرة أيديولوجية عنصرية متعصبة للعرق واللون (نظرية سيادة الرجل الأبيض) الغربية! وتحولت أساليب ووسائل إبليس الباطلة الشريرة للانتقام من أبينا آدم وبنيه وغوايتهم وبث روح العداوة والبغضاء بينهم إلى أساليب مشروعة لدى أتباعه من الي هود ومَن هم على شاكلتهم ..
فالسبي البابلي كان هو الأول من نوعه في تاريخ الي هود، حيث تم فيه تدمير (مملكة يهودا) التي هي مناط الوعد في التوراة، وتهديم (الهي كل) المزعوم، وسبي زعماء الي هود الروحيين وسلالة الأنبياء والملوك ورجال الدين السياسة والدولة وغيرهم من السادة وكبار المرابين إلى بابل، ومنذ ذلك الوقت أصبحت إعادة إقامة (الدولة الي هودية) هو محور تاريخهم السياسي. وقد "بدأت تتشكل ملامح فكر ديني يهودي جديد، يجعل من القدس نقطة ارتكازه ومحوره، وتأخذ شكلاً يجمع بين السياسة والصوفية عند الي هود، وتحولت إلى رمز للوطن الضائع، كما تحرك فيه التعصب الطبقي لزعماء اليهود المنفيين إلى بابل الذي كان يشعرهم أنهم كانوا متميزون وحاكمون في فلسطين، لقد تحول هذا التعصب الطبقي إلى تعصب ديني وعنصري".
وهناك شبه إجماع أن كتبة الت وراة في السبي البابلي حرفوا رسالة الأنبياء عليهم السلامة، وحولوها إلى ديانة وثنية قبلية. حيث وجد الي هود المسبيين "أنفسهم مضطرين اضطراراً إلى إعمال الفكر في صلتهم بـ(يا هو، يهوه) وفي العهد القديم القائم بينه وبين شعبه وفي أسباب محنتهم. ثم راحوا يتخيلون لأنفسهم سبيلاً إلى مستقبل أفضل ووسيلة للخلاص من مثل هذه الكوارث التي حلت بهم. واعتبروا أن المحن التي مرت بها إسرا ئيل كان سببها عدم الوفاء بالعهد وأن الطريق إلى إرضاء الإله هو: الخضوع في عبادته لحرفية النصوص والتمسك بالشعائر المطلوبة في غير ما لين أو تحرر. أي في الواقع إتباع شعائر غاية في الدقة والحرص تمنع تسرب أدنى نزعة إلى الوثنية. ويعود الفضل في تثبيت هذه الشعائر وفي تدعيم الاتجاه نحو مشروع محدد - قنن في صورة سايرت الرغبات الجديدة - إلى أنبياء المهجر، وعلى الأخص حزقي ال".
وقد شمل ذلك التحريف أسس عقيدة الي هود وتصورها الميتافيزيقي عن نهاية العالم والأخرويات، بحيث أصبحت الآخرة ويوم القيامة في عقيدتهم تعني العودة إلى فلسطين، وإقامة (دولة الي هود)، وإعادة بناء (الهي كل المزعوم)، وإقامة كرسي العرش الذي سيجلس عليه ملك من نسل داود ويحكم العالم، وتحاسب (إسرا ئيل) كل أمم الأرض على ما اقترفته في حقهم من جرائم وتبذير لثرواتها.
ويقطع الدكتور (آرثر روبين) أحد أعضاء الحركة الصهيونية وأستاذ علم الاجتماع في الجامعة العبرية في القدس، بأن الت وراة قد بدأت كتابتها أيام السبي البابلي، يقول: "وبينما كان هؤلاء ـ اليهود ـ يتحرقون في المنفى (السبي البابلي) دون أن يستطيعوا مقاومة. تفتقت عبقرية التآمر لديهم عن فكرتي (الشريعة) و(الوعد) وغايتهما المحافظة على أنفسهم كعرق متمرد متآمر منطوٍ على نفسه، منظم تنظيماً شبه عسكري، وغير قابل للاندماج مع غيرهم"، ويضيف: "ثم عدلت ونُقحت في القرون التالية في الشريعة غير المكتوبة، أي الشفهية وتلمود بابل".