لم أرَ أكثرَ سذاجةً من انتقامِ رهيفي الشعور..

يظنون الأفكارَ وسيلةَ قتلٍ لمجردِ أنها قتلتهم سابقًا!

ويظنونَ الصمتَ مشانقَ المودةِ لمجردِ أنهم سهروا يومًا بانتظار (مساء الخير) واستيقظوا مُعلَّقينَ في أسقفِ عَشَمِهِم!

يعمدونَ للظهورِ الكثيفِ ليقولوا (نحنُ هنا ولم نجِئكُم).
بينما قلوبهم تقول: نرجوكم انظرونا! سنسامح لو قلتمْ أهلًا حتى دون اعتذار.

يظنون الردَ على (كيفَ حالُكَ) ب(جيد) فقط انتقامًا قاصمًا، لمجردِ أنهم يرونَ الردَ الوحيدَ الصحيح (كيفَ حالي؟ كيفُ حالِك، لذلك أهتمُ به).

ويعتبرونَ تفويتَ يومٍ دون اطمئنانٍ هزيمةً نكراء لمجردِ أنهم ينزفونَ ثقتَهَم بأنفسِهِم حين لا يهتم لأمرهم أحد.

يسعدهم القليل فيظنونَ منعَه عداءً، ويرضونَ باليسيرِ فيعتبرونَ البخلَ به جزاءً، وتنتشلهم (صباح الخيرِ) صادقةً مِنْ مَن يحبونه كأنها بعثُهُم، فيمنعونها في غضبهم ظانِّينَ أنها للآخرين تعسُهم!

يتأخرُّونَ بالردِ ويظنونَه مَقتَلَة، ويتمادونَ بصلبِ الردودِ ويحسبونه مَقصَلَة.

هؤلاء التعساءُ بالرِقَّة، الموصومونَ باللين، الشهداءُ بنقاءِ النية، المجبولون على الاعتذارِ لوجودهِم..

ينثرونَ الماءَ وفي حشاهم حرائق لا تنطفئ، وينسجونَ النجدةَ وبأجوافهم مقاصلُ لا تنكفِئ.

الودعاءُ ضميرُ الإنسانية؛ الذين يعتبرون المَنحَ واجبَ سدادٍ لأنهم ممنوحونَ حقَ الحياة.

لا يعلمون أن انتقامَهم مدعاةُ الضَحِك، وعراكُهم أنفاسٌ إضافيةٌ في عمر السذاجة، وخصامهم إضافةٌ مُعتَبَرَةٌ للعبِ الأطفال.

هؤلاء السُذَّجُ الطيبون، الذين يؤمنونَ أنَّ العالمَ ملوَّنٌ لمجردِ أنهم يحبون الرسم!

الحقيقةُ الوحيدةُ التي يجهلها عدوهم؛ أنَّ رحيلهم أسمنَتِيُّ لا رجعةَ فيه، كَمِيتٍ يطلبُ حَقَ النَفَس.
منقول