المؤلف هانز هولفريتز في وصفه للقات

--------------------------------------------------------------------------------

نقلت لكم من كتاب اليمن من الباب الخلفي المؤلف هانز هولفريتز
THE YEMEN A Secert Journey By Hanz Helfritz
صدر هذا الكتاب عام 1959م
المؤلف زار اليمن شماله وجنوبه عدن الحديدة حضرموت بيحان حريب والى صنعاء ...
اخذت منه فقط وصفه للقات ...
فاسمعوا ..( وليس اقراؤ )
يبداء في الوصف من صفحة 109 للنسخه المعربه التي عربها وعلق عليها خيري حماد ..الطبعة الثانية 1966م
وعندما تبلغ الساعة الخامسة يكون الجميع قد احتشدو في المكان ، اذ انها ساعة القات وهي ساعة يحترمونها هناك كل الاحترام كما يحترم الغربيون ساعة الشائ ولا غنى لاهل الجنوب العربي عن القات مطلقا . وهو من المخدرات ، ولاكن اهل اليمن يسمونه اكسير الحياة . واستهلاك القات عادة شائعه شامله ، اذ يتعاطاه الرجال والنساء والاطفال دون تمييز من الملك الى السلاطين والى الفقراء والشحاذين ، طالما يتوفر لديهم المال لابتياع هذه المادة الثمينة . وكثير ماقيل ان في وسع اهل اليمن الصيام اياما عدة بسهوله ، ولاكنهم لايستطيعون البقاء يوما واحدا بدون القات .
ونبات القات الذي يستخرج منه هذا المخدر ، شجيرات صغيرة لاتزهر ، ولها اوراق فاتحه الخضرة خصلة . وتزرع هذه الشجيرات في المناطق الجبلية في اعالي اليمن ، وزراعته من الاتساع ، بحيث لاتقل مساحة المنزرع من مزارع البن على الرغم من القات لايصدر الى الخارج وانما يستهلك محليا ليس الا . وتقطع العساليج الرطبه الناعمه بعناية وتجمع في حزمات ثم تلف باوراق الموز او الاعشاب وتربط ربطا وثيقا حتى تحتفظ بجودتها ونضارتها ثم تنقل الى الاسواق ولا ريب في ان اليمانيين يحسنون التمييز بين اصنافها في المذاق والنوع تماما كما نصنف نحن الخمور واجود انواع القات هو النوع البخارى والذي يرد من المنطقة التي تحمل هذا الاسم ولاكن استهلاكة غير متوافر الا للاثرياء .
ويلتف افراد العائلة واصدقائهم ومعارفيهم حول بعضهم البعض ساعة تناول القات وياتي العبد بحزمات من القات المربوط ويضعها امام رب الاسرة ويشرع هذا بدوره فيحل هذه الحزمات ويتذوق محتوياتها ليختار جودتها ثم يوزع القات على ضيوفه ولايجري التوزيع بالعدل على الجميع وانما يتناول كل فرد وفقا للتقاليد حصه تناسب مع درجته ومكانته اللذين يقدرهما رب الاسرة وهناك قول شائع في اليمن لوصف الرجل الفقير ...( بأنه لم يعط احدا قط ايه حزمة قات ) .
وتبداء حفلة القات بعد اجراءات التوزيع . ويقوم المدمنون باقتطاع الاوراق من عساليجها ، ويضعونها في افواههم ويلوكونها مع بعض الرماد ( هكذا وردت .. هل هي المضغة التنمباك ..لا اعرف ) .
وتستمر هذه العملية بعض الوقت . ويجلس الجميع وقد انتفخت اوداجههم بالقات الذي يلوكونه . ثم يبتلعون الورق الاخضر اما بقايا العسلوج فتبصق ويتناول الواحد بعد ذلك قليلا من الماء او بعض القهوة المصنوعه من قشور البن ثم يشكرون الله ويحمدونه . وينتهي الفصل الاول ليبدا الجميع الفصل الثاني ويستخدم اهل اليسر في اليمن مباصق معدنية صغيرة ، اما الامام وبعض السلاطين فيستعملون مباصق من الذهب .
وتحدث احد فلاسفة اليمن عن القات فقال ( انه نعمه من نعم الله . فنحن نلوكه ونستعيد بذلك قوانا بالاضافة الى يؤمن لنا قليلا من الكيف لا كالخمر بل على شكل نشوى روحية وراحة جسدية لا نحس بها الا عند تعاطية والا عند اخلادنا الى سكينة الحياة الدينية وعندما نشعر بالانهاك وتغدو كنبته متعطشه خذ قليلا من القات فيعود اليك نشاطك وحيويتك والقات ليس من مقويات الباه او غريزة الجنس فهو على النقيض من ذلك اذ ان الرجال البعيدين عن نسائهم يتناولون القات لتقوية اخلاصهم العائلي .
ومما لاريب فيه ان القات يعتبر من المهيجات والملطفات في ان واحد اذا انه يشتمل على مادتي الكافيين والمورفين معا . وهو لايفقد الوعي او يوجد حاله من الثمول كالخمر . ولايدفع متعاطية الى النوم كالافيون او الحشيش .
فالعقل يتفتح بتعاطية ويشتد نشاطه كما تزداد الرغبه في العمل ايضا . ويزعم اليمانيون انهم لايستطيعون عقد صفقات تجارية معقوله بدون القات كما ان الطلاب يخشون من التبلد في المدرسة اذا لم يكونوا قد تعاطو العشب السحري قبل ذهابهم الى المدرسة.
وتقول الاساطير ان الفضل في اكتشاف القات يعود الى حيوانات الماعز . فقد لاحظ احد الرعاة ذات يوم ان ماشيته يزداد نشاطها دون سبب ظاهر وانها تاخذ في القفز والجري بصورة مضحكة للغاية واخذ يدرس القضية واكتشف ان ماشيته يبدو عليها هذا النشاط بعد ان تناول وجبة طيبة من اوراق احد الاعشاب وجرب الراعي اوراق هذا النبات بنفسه فوجد انه يصبح منطلقا ونشيطا بعد تعاطية تماما كالحيوانات وسارع بالعودة الى البلدة وكان اول من لقيه بعد ذلك , احد الشعراء فشاركه اكتشافه.
ومضى الشاعر الى التلال فايقن من صدق رواية الشاعر بعد ان جرب اوراق النبات بنفسه وحمل الشاعر حزمه من اوراق هذا النبات وعاد بها الى البلدة حيث نظم اجمل القصائد من ( الاوراق الزمرديه ) لهذا النبات ( السماوي ) وهكذا بدأ استعمال القات في اليمن قبل نحو من اربعمائة عام . ولكنه ظل محصورا في اليمن اذ لايعرفه حتى اهل حضرموت المجاورة .
ومما لاريب فيه ان مضغ القات مضر للصحة على المدى الطويل فهو يؤثر بصورة تدريجية على اعمال الجسم العادية ، ويحطم اجهزة البدن وفي وسع الانسان ان يتعرف على مدمن القات من مسافه بعيدة من وجهه الشاحب وعينية الغائرتين ويفقد المدمنون ايضا قدرتهم البدنية على مقاومة الامراض الاستوائية كالتيفوس والاسهال . واذا كان الانحلال والضعف يبدوان على اهل اليمن ، فان ذلك عائد بصورة حتمية الى هذه العادة السيئة الشامله .ولهذا فليس من المدهش ان لايكون الجنود اليمانيون وكلهم من مدمني القات ندأ في الحروب لمحاربي الملك ابن سعود الاقوياء .
منقول عن

الكودنف