أعلمُ أنكَ مُتعبٌ يا صاحبي، وأنَّ ما فيكَ يكفيكَ، وأنَّ آخر ما ينقصكَ حمل جديد، فأنتَ تنوءُ تحت حملكَ القديم!

وأعلمُ أنكَ ربما حدَّثتَ نفسكَ قائلاً: ماذا على المُتْعَب لو أنه أفلتَ يده؟
لا يا صاحبي، إنَّ إفلاتَ اليد في أول الطريق خَيَار، ولكنه في المنتصف جريمة!
ثم قِفْ هُنيهة، وراجع حديثنا القديم، حديثكَ أنتَ أعني: إن اللهَ لا يضعُ ثمراً على غصن لا يستطيع حمله، وأنه سبحانه يختار أخلص جنده لأنقى معاركه، وأن دماً كثيراً نفرَ من الشرايين لتبقى راية هذا الدِّين خفَّاقة ومن أراد أن يقتدي فليقتدِ بالذي ماتَ فقد أَمِنَ الفتنة!

تعرفُ أكثر مني لماذا العبادة في الهرج كهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وتعرف أكثر مني أنه قد عاد غريباً كما بدأَ، وأن طوبى لكَ تطرقُ بابكَ ، فلا تُفلِتْ يدكَ!

أو لعلَّكَ ما حدَّثتَ نفسك بشيءٍ من هذا، ولعلني يا صاحبي أردتُ أن أُثبِّتَ نفسي، فألبستُ الكلام ثوب تثبيتك، أعرفكَ جيداً، أعرفُ كيف تكون عند حسن الظنِّ دوماً، وكيف تشتدُّ حين نقول أنك ستضعف، وكيف تلين حين نظن أنك ستنتقم، ليتَ لي شيئاً من اتزانك، فلا تقُل بعد هذا أن عُمَر لم يربِتْ على قلبك!

يا صاحبي : إنما المرءُ بإخوانه كما تقول، فهذا قلبي تحت قدميكَ فانتعِلْ هنيئاً، وهذا كتفي فاتكىِء مريئاً، والسلام، الكثير من السلام لقلبك

أدهم شرقاوي