-
باحث في علم الاجتماع
مثقف مهزوم وليس ثقافة الهزيمة! ...
مثقف مهزوم .. وليس ثقافة الهزيمة!
الثقافة هي المجتمع بكل مكوناته ليست مكون من مكونات اﻷمم، ﻷن المجتمع ﻻ يقوم إﻻ بالثقافة، فالثقافة هي التي تربط بين أفراده وتجعلهم مجتمع! لذلك يعرفها الغرب على أنها تراث اﻹنسانيات الإغريقية الﻻتينية، بمعنى أن مشكلتها ذات علاقة وظيفية بالإنسان (فلسفة اﻹنسان). أما الاشتراكية: فالثقافة عندهم ذات علاقة وظيفية بالجماعة فهي (فلسفة المجتمع)!
ومعروف أن أزمة أي مجتمع هي أزمة حضارة لا أزمة ثقافة، كما هو حالنا اليوم زمن هزيمة المثقفين، لأن الثقافة لإ تهزم الذي يهزم هو مدعي الثقافة، لذلك أزمة أي مجتمع أزمة ثقافة لأن الثقافة هي الحضارة!
فنحن لدينا مثقف مهزوم وليس ثقافة مهزومة! أم أننا نسينا ما قاله ابن خلدون:
أن المغلوب غالبا يقلد الغالب! وأول شيء يقلد فيه ثقافته (ملبسه ومأكله وسلوكه وأخلاقه ...)، يبدأ بمظاهر الحضارة، فالذي هزم هو مدعي الثقافة وليس الثقافة ولا المجتمع!
ولدينا كمسلمين تجربتان مع الهزيمة:
اﻷولى: أيام الحروب الصليبية والتتار، هزمنا عسكريا ولكن لا مثقينا ولا ساستنا ولا علمائنا ولا مجتمعنا هزم نفسيا ولا معنويا ولا ثقافيا، والتاريخ يشهد أن الصليبيين مع انتصارهم العسكري هم الذين هزموا نفسيا وفكريا أمام المسلمين، فأسلم منهم عشرات اﻵﻻف، وتهذبت أخلاق الكثير منهم قادة وأفراد وتشبهوا بالمسلمين في مأكلهم ومعاملتهم وأخﻻقهم، أما فكريا فقد كان تأثير عقائد اﻹسﻻم هي أحد أهم عوامل النهضة الأوروبية وما بلغته في كل المجاﻹت!
أما التتار فإن القبيلة الذهبية التي كانت في بﻹد الشام أسلمت، وهي التي نشرت الإسلام في الهند وأسست الدولة الغزنوية!
الهزيمة الثانية: احتلال نابليون مصر، مع أننا انتصرنا عسكريا بعدها ورحل اﻻحتﻻل، إلا أن الهزيمة النفسية والمعنوية أصابت الساسة، محمد علي باشا، وتﻻمذته الذين أرسلهم للغرب لطلب العلم، فبهرتهم مظاهر الحضارة الغربية التي الأصل فيها اﻹسﻻم، نظافة الشوارع وتخطيطها وغيرها، فاستحكمت الهزيمة في نفوسهم، فرجعوا إلى مصر وغيرها مهزومين ودعاة للثقافة والحضارة الغربية، ومنذ ذلك التاريخ وادعياء الثقافة على الطريقة الغربية تتكرس فيهم الهزيمة جيلا بعد جيل إلى أن بدأوا يروجون لمفهوم خاطئ (ثقافة الهزيمة)!
المجتمع لم يهزم وإن حدث لديه أزمة ثقافة فهي بفعل المثقف المهزوم، صراع ما بين قيمه الاجتماعية التاريخية التي هي قيم دينه اﻹسﻹمي، وقيم المثقف المهزوم أمام الثقافة الغربية التي يحاول فرضها على المجتمع منذ أكثر من مائتي عام ويفشل!
الهزيمة هزيمة المثقف لا هزيمة الثقافة، جرب أن يختلف خطاب المثقف من الهزيمة إلى استثارة روح النهوض والمقاومة و... وسترى كيف سيتفاعل معه المجتمع وينهض. ..
كلمة أخيرة: طوال تاريخ الشعوب والأمم عندما تهزم عسكريا أو نفسيا ومعنويا ﻻ ثقافيا، وينهض فيها جيل ينادي بالثورة والتحرر، أو النهضة، يعتمد في خطابه على تاريخ شعبه وأمته، ويستثيرهم بأمجادهم الغابرة ... انظر حولك وإلى بعض التعليقات تتأكد أن الهزيمة هزيمة أدعياء الثقافة وليس الثقافة !
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى