اللؤلؤ في البحرين يبحث عن الغواصيين !!

--------------------------------------------------------------------------------

مملكة البحرين والتي أصبحت مملكة في عام 2002م بناء على استفتاء شعبي، هي أصغر مملكة عربية، وهي جزيرة تقع في الخليج العربي، ومساحتها 620 كم2 ويسكنها نحو 650 ألف نسمة، وترتبط مع الجزيرة العربية بجسر يوصل بين هذه الجزيرة وشرق المملكة العربية السعودية.
وهذه الجزيرة تعتمد حاليا على صناعة البترول وعلى صناعة الألمنيوم، وتقدم خدمات كبيرة في صيانة وإصلاح السفن بحكم موقعها البحري الفريد.

جزيرة اللؤلؤ:
وجزيرة البحرين كانت تسمى باسم جزيرة اللؤلؤ تجاريا، وكانت عاصمة العالم في إنتاج وتجارة اللؤلؤ حتى النصف الأول من القرن الماضي، وكان اللؤلؤ محور الحياة في هذه الجزيرة والمناطق المجاورة، وكان جميع أهل البحرين يستفيدون من هذه الثروة القومية، ويعملون فيها، فقامت صناعة القوارب وإصلاح السفن، كما ظهر العديد من البيوت التجارية الكبيرة، وظهر أيضا فروع لبنوك عالمية، وارتبط اسم البحرين وأهلها بمراكز عالمية، فأصبحت معروفة في أسواق لندن وباريس وبومباي في الهند، بسبب صناعة واستخراج هذه الدرر البحرية الثمينة.
وجعلت هذه المجوهرات من البحرين مركزا تجاريا هاما في وسط دول مجاورة تعتمد على الزراعة والرعي، بل كانت البحرين منطقة هجرة وعماله لكثير من المغامرين من شبه الجزيرة العربية والهند، والذين كانوا يسافرون إلى البحرين ليعملوا في صيد واستخراج اللؤلؤ من قاع البحر الغني بهذه الثروة.

نهاية مؤلمة:
كانت صناعة المجوهرات والعقود الثمينة من اللؤلؤ هي المنافس القوي للألماس الأفريقي، في التشرف بتملكه ولبسه كعقود أو فصوص في الخواتم، فقد كان اللؤلؤ من مقتنيات أصحاب الثروات وأصحاب السلطان والملك، إلى أن انتصف القرن الماضي. في ذلك الوقت طورت اليابان صناعة اللؤلؤ وجعلت زراعته بكميات كبيرة أمرا ممكنا في مزارع خاصة، وتقلصت قيمة اللؤلؤ كمجوهرات نادرة، ليصبح من المجوهرات المتوفرة للجميع وبأسعار متهاودة جدا. وأصبح العقد الذي كان يساوي عشرة آلاف دولار يباع مثيله من لؤلؤ مزارع اليابان بمبلغ لا يزيد عن مائة دولار.
وعلى الرغم من أن اللؤلؤ المزروع صناعيا لا ينافس المستخرج طبيعيا في الجودة والنقاء واللمعان، إلا أنه كان البديل المنافس والذي أقبل عليه الناس، والفرق بينهما لا يعرفه سوى الخبراء، على الرغم من أن النقاء والصفاء هي من علامات اللؤلؤ الطبيعي، بينما يختلف اللون قليلا في اللؤلؤ المزروع.

اللؤلؤ والمجتمع:
كان لصيد اللؤلؤ واستخراجه أثر كبير في تشكيل الحياة في البحرين، بل إنه جزء من تراثهم الشعبي، فالشعر والأدب البحريني غني جدا بأدبيات اللؤلؤ وقصص المغامرات والمغامرين فيه والمتاجرين به، بل إن تماثيل وتحف المحارات وأشكالها كانت تمثل الفنون البحرينية. وأصبحت كل هذه الذكريات مسجلة في أدبيات البحرين، وفي متاحف عديدة في البحرين تستهوي الزائر لها.
ولا يزال كبار السن يسجلون ذكرياتهم عن أيام مضت، ولا يزالون يقدمون خبراتهم للأجيال الحاضرة، ولكن ليس لتعلم المهنة للعمل بها، فهي لم تعد مربحة أو تحقق عائدا ماليا يكفي لتغطية العيشة الكريمة، ولكن للاحتفاظ بها كجزء من الثروة الثقافية والتجارية والتاريخية التي كانت تشكل لهم حياتهم، وتلونها بلون البحر واللؤلؤ.

خطر بيئي:
إن توقف استخراج اللؤلؤ بكميات تجارية من منطقة الخليج العربي وبالأخص في مناطق صيده المشهورة حول البحرين والكويت، سمح للمحار وهو حيوان بحري ينتج اللؤلؤ، أن يتكاثر تكاثرا كبير جدا، وقد يسبب ضررا كبيرا داخل الخليج العربي، حيث إن هذه الكائنات البحرية تتغذى على الثروات المتوفرة في هذا البحر، مما يحرم الكائنات الأخرى من الغذاء المناسب، ويطرد الأسماك من مناطق صيدها المعروفة بعد احتلال المحار لهذه المناطق وانتشاره فيها، فالمحارة الواحدة تتوالد مرتين في العام، وتنتج ملاين من صغارها في كل موسم توالد، وكانت عمليات استخراج اللؤلؤ تقدم توازنا طبيعيا للبيئة البحرية، وعندما توقفت أصبح المحار يتكاثر بشكل يمثل قلقا بيئيا يحتاج إلى دراسة جادة. كما تقول الباحثة البحرية من أستراليا السيدة ( بيوجيجا) والتي تعمل في البحرين.

عودة إلى الماضي:
وبسبب هذه التحذيرات البيئية، فإن هناك حملة توعية وحملة عودة إلى الغوص واستخراج اللؤلؤ بمكافآت سخية، مع الاحتفاظ بما يجود به المحار على مستخرجه، فالحكومة البحرينية أصبحت تشجع على الغوص، وتطلب من الشركات السياحية استقطاب السياح، وعمل مسابقات صيد اللؤلؤ، وتسهيل وتكثيف رحلات الغوص لاقتلاع أكبر عدد ممكن من محار اللؤلؤ، وإجراء تشجيع محلي للطلبة والشباب عموما، والقيام برحلات بحرية منتظمة لهؤلاء المغامرين من أهل البلد ومن السياح الذين سيذكرون البحرين وزيارتها بفص خاتم من اللؤلؤ قدمته له محارة بحرينية كريمة.
__________________