الجوجي والذبيح (ملحمة شعرية )(*)
(1)
لو ظنَّ الجوجي الزاحف نحونا
أن الذبيح سيغدو
سلالَ خبزٍ منه الطير تأكل
لعصرتُ من ثغرةٍ في دمنا
موتا يمتطي صهوة جواد يصهلْ
ينبش بحوافره أرصفة المغول
يضرب بالسيف ، يجولْ
يبني صرحا
لا ترى الامة فيه يوما
(بغيرِ ثقافاتٍ بها النفسُ تصقل)
صرح امتي بالعز يرفل
وشعبي لا يرتضي سيدا غيره
إذا قال فعل
ايها الجوجي تمهل
لاتغظْ رضيعا في مهده
(إذا تاجج فيه الغيظ
لا يتمهل )
لا ترى الشموس في نهارنا
بغير البروق تشتعل
صرحا يراه العالم ، وأسمع محمدا (**)
في أذني يهمس :
(أبرق لبيروت والشام
أبرق لبغداد وبيسان )
أبرق لحزيران
أن وطني
(ما عاد يتعذب
بين الردة والنسيان)
(2)
لو ظن الجوجي الغارق
في مستنقعنا
أن الذبيح تائه
في لجةٍ هتكتها الأسرار
لاستفاق بردى
في وهج النيل
وانشد للمحيط انتماء
(وعلى الرافدين خيل المثنى
تعاود ساحة الوغى خيلاء )
( 3 )
لو ظن الجوجي الساكن
في مقابرنا
أن الذبيح صنمٌ أو
رقم احتلال
سنزفّ له النار
على نجمةٍ وصليبٍ وهلالْ
(وأطرح على الجنرال ابن الجنرال)
ألف سؤالْ
أن الحديث لا يدور
عن طغاةٍ أو لصوص
عن حرائقَ غاباتٍ أو فؤوس
عن أشجار في قمم الجبالْ
أُتحدث عن صبيةٍ
فيها ملامح الصدى
تخالط الجمالْ
عيناها صهوة فارسٍ من حطين
يتحرق شوقا على بساط
من الريح والرمالْ
صبية معفرة الجبين
نظراتها بروق
بسماتها رعود
(تمحق آلام القرون الطوال)
مثل النخيل أناملها تهتز
(فتوقظ الشجر الكسول)
تغسل بالدموع ندى أسئلتي
وحيثما تسقط
على الذبيح قنبلة
تنبت بين أناملها
ألف سنبلة
( 4)
في هزيع الليل
يتعالى صوتي كالرعود
يغربل بالنار رماداً
يخنق أطفالنا
يغسل بالنار دخاناً
يكتم أنفاسنا
شهقةٌ سمراء تحفّ بها
وعودٌ من غضبْ
( تبت يدا أبي لهبْ)
شهقةٌ رسمتها مثل زهوي
حبوتُ لها كطفل يغفو على يديها
فاشتهتْ روحي أرائكها
أُغازل وجنتيها
(ونفسي لا أجاملها
تطاوعني .. أشاكسها)
( 5 )
من هنا مرت الشام
تهدر في أعماقنا بالحب والسلام
من هنا مرت حطين
من منبر حيفا
(رأيت مهر صلاح الدين)
يطل على الشهباءَ
يزجي رعيلها
(يشتد في حلباتها)
بيرقا تزهو ذوائبه
بنصر مبين
(6)
من هنا مرت الخرطوم
والدار البيضاء
(من هنا مرت تونس الخضراء)
من هنا مرّ المختارْ
يهدر كالبركان في كل حقل ودارْ
من هنا مر المليون شهيد
من هنا مرت بور سعيد
من هنا مرت بيروت
( سيوفا لآلهة لا تموت )
من هنا مرت بغداد
سنوات عشق
مكللة بأهازيج الحقل والبيدرْ
معفرة بحبات المطرْ
مواويل تصهل في شهيقها
قنابل تتفجرْ
تتبادل أشواطها بالسلالة والجذور
من عهد بابل وأشور
ونبو خذ نصرْ

********************
(*) الجوجي : نسبة إلى يا جوج وما جوج وهنا تأتي كرمز للمحتل والمعتدي ، والذبيح : هو نبي الله إسماعيل عليه السلام ، وجاءت هنا كرمز للمعتدى عليه وهم العرب
(**) محمد الدرة




نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي