لا تعد
حيدر محمد الوائلي
لا تعد
أقالها أبي؟!
قبرك محفورٌ موجود
ستدفن فيه جميل الذكريات
بعدما تبصق بوجوه كثيرة
وتحرق الكتب القديمة
وترفس لافتة مكتب سماحته
ستهين فضيلة الاستاذ
تلك الايادي البيضاء
صارت حالكة سوداء
ياوَلَدي طريقك مسدود
آه يا جرح السنين
قد مرّ أمامي
موكب حمايته العتيد
ياليتني لم أره
صاح بي مُسلحٌ:
إنتبه!
دفعني للخلف
حاذر...
إرجع...
وكررها ثانية:
انتبه!
فانتبهت لذكريات مضت
حلّق بيّ الخيال بعيداً
لسنين المِحنة وأيام الحصار
كان تقياً لأنه لم يَملُك
فلما مَلَك (سالَ بالدم أبطحُ).
رَكَب السلطة
طار بها عالياً
يرى الناس صغاراً
وهم يرونهُ كبيراً جداً
يهتفون له من مساكنهم المنهارة
يركضون له مبايعين في شوارعهم البائسة
أن الجرح عميق
إضغط عليه فيدك ضماتدك الاخيرة
دوى صوتٌ يُسْمِعني
يهتف بيَّ
يصرخ من ورائي عليَّ
إضغط على جرحك
فمن غيرك يداويه
ويدك ضمادتك الاخيرة
إمسك جرحك لا ينساب الدم غزيراً
صاح بي ومضى
بين الحشود إختفى
غطى وجهه بين زحام الوجوه
كانت رؤوس قد أينعت
ستفيدهم إن إنتخبت
بما ترى إستمتعت
إنتخبوا فاشلين
اعادوا انتخابهم بعد أن تحول الفشل لفسادٍ
وأعادوا انتخابهم بعد تميزهم فاشلين وفاسدين
هذه الجماهير تهتف وهي منومة
إرتفعت الروؤس ناظرة
موكب سياراته الفاخرة
تتحرك الروؤس ذات اليمين وذات الشمال
لترى بشكلٍ أفضل ما تبقى من سيارات الحماية
مبتسمون...!!
يقول أحدهم:
سبحان الله لهذي الهيبة!!
هذا موكب طويل!!
لكن من ذا الصارخ فيَّ
ليس الصوت غريبٌ عليَّ
خاف مني أن أعرفه
وخفت منه أن عَرَفني
سيصب دمي لو عرفوني
يارب الوطن المسلوب أخاف أن كانوا رأوني
يارب الوطن المنهوب أغثني فقد مسكوني
حدوا حدود
بنوا قلاعٍ وقصورٍ منيعة
ومن خلف الأسوار هتاف وحشود
كيف سيصل الصوت اليهم
صوتك ياهذا المفقود
قطعوا يَديَّ أن كتبت ضميرها
والسارقين يدهم الطولى
تطول كل يوم
باقية وتتمدد
تلتف على الناس تعصرها
وتتركها مهشّمة العظام
مشلولةً...
يأكلها الدود.