(لكي لا) و (لكيلا) والجذور

حديثنا هنا يتعلق بالإعجاز في رسم القرآن الكريم ، وهو المعجز بالحرف والرسم وفي جميع المجالات الأدبية والعلمية والاجتماعية و و ....
نلاحظ في القرآن الكريم أنَّ (لكي لا) قد رُسمت بوجهين اثنين همـــــا :
(لكي لا ) كلمتان اثنتان / الانفصال .
و (لكيلا) كلمة واحدة / الوصـــل .
والسؤال : مااللمسة البيانية في القطع والوصل ؟
في آية سورة الأحزاب قال تعالى في قصة زيد بن حارثة :
((وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً)) سورة الأحزاب/37
كتبت (لكي لا) منفصلة لماذا ؟
لأنه لا يحل الزواج بامرأة أخرى إلا بعد انفصالها عن زوجها الأول وقضاء العدة ؛ فلا يصح إذن الزواج بها إلا بعد الإنفصال ، فجاء رسم (لكي لا) منفصلا .
وفي آية أخرى قال تعالى :
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۗ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا )(50)
جاءت( لكيلا )موصولة ﻷن الكلام عن أزواج الرسول وهنا الإتصال قائم وليس هناك فصل لذا جاءت (لكيلا) متصلة.

فكأنَّ الرسم القرآني الشريف يشي بالأحكام الشرعية ويشير إليها إشارة قطعية .
وفي موضع آخر في سورة الحشر :
(مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ_لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ...)الحشر/ 7
هنا فصل (كي لا) لأنه يريد أن يفصل الأموال لأنها لا تنبغي أن تكون أو تبقى حجرا" على الأغنياء وإنما يجب أن توزع الأموال لتشمل الفقراء فاقتضى الفصل في رسم (كي لا) في هذه الآية الكريمة إشارة إلى توزيع الثروة وتقسيم التركات بين الورثة، الفصل بين الأداتين مؤذن بالفصل بين الأموال.
وفي آية أخرى في سورة آل عمران:
(إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّـــــاً بِغَمٍّ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ)153
جاءت (لكيلا) متصلة لأن المعنى يدل على أن الغم متصل بالغم ؛ غم الهزيمة وغم فوات الغنائم وهكذا مما اقتضى الوصل فوصل (لكيلا) ..
وهذا الأمر من باب الجواز فهو جائز أن تكتب ( لكي لا ) .

والشيء بالشيء يذكر ، فهذا الباب يفتح علينا حديث التاء المربوطة والمبسوطة في الرسم القرآني الشريف.
نحن نعلم أنَّ التاء إذا تمكنا من لفظها هاءً عند السكت فتكتب تاء مربوطة مثل :
الحياة ، المدرسة ، السعادة ، الوردة ................
وإلا فتكتب مبسوطة أو مفتوحة مثل :
نبات ، حيوانات .........................
ولكن هل ينطبق هذا على الكتابة القرآنية الكريمة ؟
اقرأ قول الله تعالى في سورة الروم /50 :
((فانظر إلى ءاثار رحمت الله كيف يحيي الأرض بعد موتها، إنَّ ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيءٍ قدير )) .
واقرأ في السورة نفسها /21 :
((........... وجعل بينكم مودةً ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )) .
لاحظ أنَّ (رحمة) كتبت على نمطين ، رحمة ورحمت، بالتاء المربوطة والمفتوحة المبسوطة .
يقول علماء الجذور أنها كتبت بالتاء المربوطة المغلقة حسب القاعدة الإملائية المعـروفة لكنها رُسمت بالتاء المفتوحة لما أضيفت ، في إشارة أنَّ رحمة الله واسعة ومفتوحة غير مغلقةوالله أعلم

=====================
وكالة اخبار المراة