بين المجاملة والنفاق
تمهيد:
معجميا:
لسان العرب:
جامل:
والمُجاملة المُعاملة بالجَمِيل، الفراء: المُجَامِل الذي يقدر على جوابك فيتركه إِبقاءً على مَوَدَّتك.
والمُجَامِل الذي لا يقدر على جوابك فيتركه ويَحْقد عليك إِلى وقت مّا؛ وقول أَبي ذؤَيب: جَمَالَك أَيُّها القلبُ القَرِيحُ، سَتَلْقَى مَنْ تُحبُّ فتَسْتَريحُ يريد: الزم تَجَمُّلَك وحياءَك ولا تَجْزَع جَزَعاً قبيحاً.
وجامَل الرجلَ مُجامَلة: لم يُصْفِه الإِخاءَ وماسَحَه بالجَمِيل.[1]
نافق:
العباب الزاخر
في الحديث: أنَّ أبا بكر الصدِّيق لَقِيَ حنظلة بن الربيع الأُسَيْدي -رضي الله عنهما- فقال: كيف أنتَ يا حنظلة؟ قال: قلتُ نافقَ حنظلة. قال: سبحان الله ما تقول؟ قال: قلتُ نكون عند رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- يُذَكِّرُنا بالنار والجنة كأنّا رأْيَ عين؛ فإذا خرجنا من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وعافَسْنا الأزواجَ والأولادَ والضَيعاتِ نَسِينا كثيراً، قال أبو بكر -رضي الله عنه-: فَواللهِ إنّا لَنَلْقى مثل هذا، فانْطَلَقْتُ أنا وأبو بكرٍ -رضي الله عنه- حتى دخلنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- فقُلْتُ: نافَقَ حنظلة يا رسول اللهِ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: وما ذاكَ؟، قُلْتُ: يا رسول الله نكونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنا بالنّارِ والجنّة كأنّا رَأْيَ عَيْنٍ، فإذا خرجنا من عِندكَ وعافَسْنا الأزواجَ والأولادَ والضَيعاتِ نَسِينا كثيراً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: والذي نفسي بِيَدِه أنْ لو تَدومونَ على ما تكونون عندي وفي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُم الملائِكة على فُرُشِكُم وفي طُرُقِكم، ولكن يا حنظلة ساعةُ وساعةً ثلاثَ مَرّاتٍ. "رَأْيَ عَيْنٍ" منصوب بإِضمارِ[2]
معرفيا:
لم نجد في المعاجم المعرفية تعريفا محددا لما قدمنا له من المصطلحين، لكنهما يعتبران ضعف في شخص الإنسان يقف حائلا دون التصريح بما يضمره الإنسان، ويبقى مصطلح المجاملة أخف وطئا، إذ يجب خلافا ويدهن الحوار بعسل ويخفي بين السطور بعض غرض.
متن الموضوع:
هل تشعر بنفسك أنك مجامل فعلا عندما يقابلك أحدهم بعيب فيك فتشكره ، ولا تعزم على تغييره؟
هل سبق وقابلت إنسانا مشهورا، فبطنت الكلام م معه مديحا وثناء؟
هل صليت ولم تصل؟
هل أطعت قولا ولم تطع فعلا؟
************
لقد كان للنفاق والمنافقين حظا وافرا في القران و السنة النبوية المشرفة . و هذا دليل قوى على أهمية معرفة النفاق وأسبابه وكيف يدخل إلى القلب وكيف يفسده حيث انه بفساد القلب يفسد الدين . ففي أسباب دخول النفاق القلب قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "أربع يفسدن القلب و ينبتن النفاق في القلب كما ينبت الماء الشجر ,استماع اللهو ، و البذاء، و إتيان باب السلطان , و طلب الصيد". أما عن علامة المنافق ,قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :"وأما علامة المنافق فأربعة ,فاجر دخله , يخالف لسانه قلبه, و قوله فعله، و سريرته علانيته، فويل للمنافق من النار ".أما عن مكمن النفاق فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "أربع من كن فيه فهو منافق, وإن كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها, من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف ,وإذا عاهد غدر ,و إذا خاصم فجر". نذكر أيضا ما رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم: (ثلاث من كن فيه فهو منافق: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان، فقال رجل: يا رسول الله، ذهبت اثنتان وبقيت واحدة؟ قال: فإن عليه شعبة من نفاق ما بقي منهن شيء).[3]
إن النفاق يبدأ صغيرا ولكنه يكبر مع الزمن و يزداد خطورته على القلب وفساد الدين و الدنيا وهنا اذكر المثل القائل من شب على شيء شاب عليه .حيث أن الحرص على الدنيا و الجري و راء الشهوات و البعد عن تعاليم الدين و عدم محاسبة النفس عند كل فعل ,يجعل النفاق يتغلغل داخل كل تصرف ويصير الإنسان بلا ضبط نفسي يساعده على الرجوع عند اللزوم.حيث يتوه الإنسان في النهاية عن معرفة حقيقة نفسه و يتوه عنها من كثرة كذبه, و ذلك حيث يكذب الإنسان على الآخرين ثم يصبح هو نفسه أسير كذبته بسبب كبرياؤه و غروره ، و أخذ العزة بالإثم فإنه لا يمتلك العقل فحسب , بل انه لا يمتلك الشعور أيضا لهذا الخداع الذاتي .ولذلك لابد أن يحاسب المرء ذاته كل يوم حتى يحمد الله على ما فعل من خير و يستغفره على ما بدر منه من شر.
لفت نظر:
ا-احذر من التبريرات والكذب حتى و لو بالضحك:
يبدأ النفاق عادة بكثرة تبريرات الإنسان لنفسه ,حيث يبرر لنفسه الإهمال في الواجبات الدينية – حيث يبرر تكاسله عنها بإلقاء الحجج حتى يعذر نفسه . ويعمل هذا مع كل موقف يضيق فيه الخناق عليه حيث يكذب و يخلف وعده و...الخ ويجد لنفسه المبرر "هذه كذبة بيضاء ,أو يحاول إضحاك الناس فيتخذ من الكذب وسيلة لذلك رغم أن رسولنا الكريم حظرنا من التهريج بالكذب حيث قال صلى الله عليه وسلم : " ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك منه القوم فيكذب ويل له ويل له".
إن الإنسان يبدأ بالكذب على الناس فيصبح شيئا فشيء دائم الكذب ,حتى يصدق كذبه وهنا وصل إلى نهاية المطاف حيث انه يكذب على نفسه قبل كذبه على الآخرين .
حيث لا يعلم الإنسان أن بهذا يدخل في زمرة المنافقين. حيث يبدأ في تبرير كذبه و عمله وكل ما يقوم به فينجرف في تيار النفاق .
ب-الخداع هو أصل النفاق:
إن الخداع هو أصل النفاق ,وفى هذا قال الله تعالى في كتابه الكريم :"يخادعون الله و الذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون"(البقرة:9).ومن هنا أكد الله تعالى انهم" وما يشعرون "و لم يقل انهم" وما يعقلون ". فهؤلاء المنافقين مرضى قلوب حيث يقول الله عز وجل : " في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا"(البقرة:10).وفى كتاب الله أيضا عن رب العزة أنه قال :"وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، لا انهم هم المفسدون و لكن لا يشعرون"(البقرة:11-12).
الخلاصة:
كن عمريا.. ولاتكن غير ذلك، وإن حيل بينك وبين ذلك كن في أخف درجات المجاملة، حتى لاتصل لدركات النفاق، فتخسر قوة شكيمتك وقوة شخصيتك، لقد حدثت معي مرة في دورات واتس معرفية، طالت وكثرت أفلامها التعليمية ، وكان ممكنا اختصارها ، لقلة تحمل الهاتف الجوال له، وعندما صرحنا بتلك العقبة، ما سمعنا أحد فانصرنا، فقالوا لناا:
-أعمريون أنتنّ؟
-نعم ولا فخر.
25-10-2016


[1] http://www.baheth.info/all.jsp?term=...A7%D9%85%D9%84


[2][2] http://www.baheth.info/all.jsp?term=...A7%D9%81%D9%82


[3][3] مقتبس بتصرف:
http://sona3.frbb.net/t196-topic