غاية البشر في تحرير طرق الطيبة (1)

باب البسملة
ـ من الطيبة: "وعن خلف فاسكت وصل"
يعني أن لخلف في اختياره الوجهين بين الوصل بين السورتين وبين السكت بينهما.
أما وصل السورة بالسورة أي من غير سكت ولا بسملة.
قال في النشر (1/259) :"فنص له أكثر الأئمة المتقدمين على الوصل كحمزة وهو الذي في المستنير والمبهج وكفاية سبط الخياط وغاية أبي العلاء، ونص له صاحب الإرشاد على السكت وهو الذي عليه أكثر المتأخرين الآخذين بهذه القراءة "اهـ بلفظه
قلت: وقد اقتصر التحبير على الصلة لخلف وجها واحدا مثل حمزة أي أنه وافق في اختياره روايتَه عن حمزة.
وكان السكت لخلف في اختياره هو الزيادة من الطيبة على التحبير.
ـ من الطيبة: "والخلف كم حما جلا "
يعني أن لابن عامر والبصريين والأزرق ثلاثة أوجه بين البسملة بين السورتين والسكت بينهما ووصلهما.
وقال الشاطبي: "وصل واسكتن كل جلاياه حصلا ـ ولا نص كلا حب وجه ذكرته ـ وفيها خلاف جيده واضح الطلا" اهـ
قال الداني في التيسير:"ويختار في مذهب ورش وأبي عمرو وابن عامر السكت بين السورتين من غير قطع" اهـ بلفظه
أما عن ابن عامر:
قال في النشر (1/260) "وأما ابن عامر فقطع له بالوصل صاحب الهداية وهو أحد الوجهين في الكافي والشاطبية، وقطع له بالسكت صاحبا التلخيص والتبصرة وابنا غلبون واختيار الداني وبه قرأ على شيخه أبي الحسن ولا يؤخذ من التيسير بسواه وهو الوجه الأخر في الشاطبية، وقطع له بالبسملة صاحب العنوان وصاحب التجريد وجميع العراقيين وهو الوجه الآخر في الكافي وبه قرأ الداني على الفارسي وأبي الفتح ، وهو الذي لم يذكر المالكي في الروضة سواه وهو الذي في الكامل"اهـ بلفظه.
قال الداني في جامع البيان:"(1/245) فأما ابن عامر فلم يأت عنه في ذلك شيء يعمل عليه من فصل ولا غيره، والذي قرأت له على الفارسي عن قراءته على أبي بكر النقاش عن الأخفش عن ابن ذكوان وعلى أبي الفتح عن قراءته على أصحابه في رواية ابن ذكوان وهشام جميعا بالفصل بالتسمية، وقرأت له في الروايتين على أبي الحسن عن قراءته بغير تسمية ولا فصل"اهـ بلفظه
وأما عن أبي عمرو:
قال ابن الجزري في تقريب النشر (ص 33) :"فالبسملة لأبي عمرو في الهادي وأحد الوجهين في الهداية واختيار صاحب الكافي وهو الذي رواه ابن حبش عن السوسي والذي في غاية الاختصار له" اهـ بلفظه
قلت: ولكنه في النشر جعل للمهدوي في الهداية ثلاثة أوجه عند ذكر وجه البسملة لأبي عمرو.
وقال في التقريب أيضا ص(35) "والوصل لأبي عمرو في العنوان والوجيز وأحد الوجهين في جامع الداني وبه قرأ على الفارسي عن أبي طاهر وهو قراءة صاحب التجريد على عبد الباقي وأحد الثلاثة في الهداية وبه قطع في غاية الاختصار لغير السوسي وطريق الطبري في المستنير وغيره وظاهر عبارة الكافي وأحد وجهي [الكافي] الشاطبية "اهـ بلفظه
قلت: والصواب هو " وأحد وجهي الشاطبية" أما عبارة الكافي قبلها فإنما زيادة من الناسخ في التقريب لم ينتبه لها المحققان رغم وجودها صريحة صحيحة في النشر (1/260) قال " وهو ظاهر عبارة الكافي وأحد الوجهين في الشاطبية" اهـ بلفظه. وزاد النشر على التقريب بقوله في النشر (1/260) "وبه قطع الحضرمي في المفيد للدوري عنه" اهـ بلفظه
وقال في التقريب أيضا (35 ـ 36) "والسكت لأبي عمرو في التبصرة والتلخيصين وإرشاد بن غلبون والتذكرة وأحد وجهي الهداية والشاطبية واخيار الداني وبه قرأ على أبي الحسن وأبي الفتح وابن خاقان وهو الذي في المستنير والروضة وسائر العراقيين"اهـ
قلت: يعني كما في النشر (1/260) "لغير ابن حبش عن السوسي وفي الكافي أيضا" اهـ
وقال في النشر (1/260) "ولا يؤخذ من التيسير بسواه عند التحقيق وهو الوجه الآخر في الشاطبية وبه قرأ صاحب التجريد على الفارسي للدوري وقطع به في غاية الاختصار للدوري أيضا" اهـ بلفظه
قلت: وكذلك في جامع البيان للداني (1/245ـ246) اختار السكت بقوله" وبذلك قرأت على جميع شيوخي وبه آخذ" اهـ بلفظه
وأما عن يعقوب:
فالبسملة بين السورتين له كما في التقريب (ص34) "ليعقوب في التذكرة والوجيز وعند الداني وابن الفحام وابن شريح" اهـ بلفظه
قلت وزاد في النشر (1/261) طريق الكامل للهذلي مع من قطعوا له بالبسملة.
قلت: وهي الزيادة على التحبير.
قال في النشر (1/260) :"وأما يعقوب فقطع له بالوصل صاحب غاية الاختصار" اهـ بلفظه وهو كذلك في التقريب ويعني لأبي العلاء الهمداني.
والسكت ليعقوب في الإرشادين والمستنير والكفاية وسائر كتب العراقيين.
وأما عن الأزرق:
فالبسملة بين السورتين له في التبصرة وهي اختيار ابن شريح في الكافي وهي أحد الثلاثة في الشاطبية.
والوصل للأزرق كما في التقريب في الهداية والعنوان وظاهر الكافي وأحد الثلاثة في الشاطبية، وزاد في النشر بقوله "والحضرمي صاحب المفيد" اهـ بلفظه.
يعني كتاب المفيد في القراءات الثمان لأبي عبد الله محمد بن إبراهيم الحضرمي المرقم في غاية النهاية لابن الجزري برقم 2682.
والسكت للأزرق كما في النشر "وقطع له بالسكت ابنا غلبون وابن بليمة صاحب التلخيص وهو الذي في التيسير وبه قرأ الداني على جميع شيوخه وهو الوجه الثاني في الشاطبية وأحد الوجهين في التبصرة من قراءته على أبي الطيب وهو ظاهر عبارة الكامل الذي لم يذكر له غيره" اهـ بلفظه.
وقال الداني في جامع البيان:"واختلف عن ورش عنه في ذلك فقرأت له من طريق أبي يعقوب على ابن خاقان وأبي الفتح وأبي الحسن وغيرهم من قراءتهم بالأسانيد المذكورة بغير تسمية بين السور في جميع القرآن وعلى ذلك عامة أهل الأداء من شيوخ المصريين الآخذين برواية الأزرق" اهـ بلفظه.
وقال ابن الجزري في التحبير (ص 39) "وبكل من السكت والوصل قطع جماعة من الأئمة لورش وأبي عمرو وابن عامر ويعقوب، وبالسكت قرأ المؤلف (يعني الداني) لورش على جميع شيوخه، ولأبي عمرو على أبي الحسن وأبي الفتح وابن خاقان، ولابن عامر على أبي الحسن، وبالوصل قرأ على الفارسي لأبي عمرو، وبالبسملة قرأ لابن عامر على الفارسي وأبي الفتح فهذا من الموضع التي خرج فيها عن طريق الكتاب والله الموفق" اهـ بلفظه
قال الحسن ولد ماديك: وأوضّح ما استطعت المواضع التي أعلن ابن الجزري في التحبير أن المؤلف أي الداني خرج فيها عن طريق الكتاب أي التيسير.
فأقول:
أما عن هشام في التيسير فإنما طريقه بالبسملة بين السورتين لأن الداني كذلك قرأ وتلقى عن شيخه أبي الفتح فارس على السامري على محمد بن عبدان على الحلواني على هشام.
وليس للشاطبي أداء إلى هشام خارج هذه السلسلة أي طريق التيسير هذه.
وهكذا كان السكت والوصل لهشام في التيسير والحرز خروج منهما عن طريقهما
وأما عن ابن ذكوان في التيسير فإنما طريقه بالبسملة أيضا لأنها قراءة الداني على شيخه عبد العزيز الفارسي على النقاش على الأخفش على ابن ذكوان.
وليس للشاطبي أداء تلقاه إلى ابن ذكوان خارج هذه الطريق.
وهكذا كان السكت والوصل فيهما خروج عن طريقهما إلى ابن ذكوان.
وهكذا كان قول ابن الجزري في النشر (1/260) عن السكت لابن عام:"واختيار الداني وبه قرأ على شيخه أبي الحسن ولا يؤخذ من التيسير بسواه" اهـ بلفظه محل الغرض منه ولا يقع على طريق التيسير وإنما يعني أن ابن الجزري قد زكى اختيار الداني في هذه المسألة من بين سيل الروايات التي تلقاها عن ابن عامر وعن كل من روايتيه غير طريق التيسير وهو الذي تلقاه عن شيخه أبي الحسن طاهر بن غلبون وليس أبو الحسن هذا من طرق الداني في التيسير عن هشام ولا عن ابن ذكوان.
وهكذا أقر ابن الجزري للداني بمكانته العلمية الرفيعة وأخذ له باختياراته في التيسير خارج طرق التيسير، وهكذا كانت للقراء السبعة والعشرة وغيرهم ولرواتهم اختياراتهم التي ركبوا بها قراءاتهم ورواياتهم من بين سيل ما تلقوا عن شيوخهم.
وأما عن الدوري عن أبي عمرو في التيسير فإنما طريقه بالوصل بين السورتين لأنه من قراءة الداني على شيخه عبد العزيز الفارسي على أبي طاهر عبد الواحد بن عمر على ابن مجاهد على أبي الزعراء على الدوري، وهكذا كان السكت خروجا من التيسير عن طريقه لدوري أبي عمرو.
وأما في الشاطبية فلا اعتراض على زيادته لدوري أبي عمرو بل هي مقروءة لأن للشاطبي أداءين إلى الدوري خارج طريق التيسير:
أحدهما قراءة الشاطبي على النفزي على ابن غلام الفرس على ابن شفيع على ابن سهل على الطرسوسي على السامري على ابن مجاهد على أبي الزعراء على الدوري.
وثانيهما قراءة الشاطبي على النفزي على ابن غلام الفرس على ابن الدوش وأبي داوود على الداني على أبي الحسن طاهر بن غلبون على أبيه عبد المنعم على المجاهدي على ابن مجاهد على أبي الزعراء على الدوري.
وأما عن السوسي في التيسير والحرز فإنما طريقه بالسكت بين السورتين لأنه قراءة الداني على أبي الفتح فارس بن أحمد الحمصي الضرير على السامري على ابن جرير على السوسي، وليس للشاطبي أداء إلى السوسي خارج هذه الطرق.
وهكذا كان اختيار الداني لأبي عمرو من روايتيه السكت بين السورتين يعني اختيارا من الداني للسكت لدوري أبي عمرو كالذي تلقى للسوسي من طريق التيسير.
وسارع ابن الجزري إلى تزكية اختيار الداني للدوري في التيسير كما هو مدلول قول ابن الجزري في النشر (1/260) "ولا يؤخذ من التيسر بسواه عند التحقيق" اهـ بلفظه.
وأما عن الأزرق في التيسير فإنما طريقه بالسكت تماما كما أعلن الداني نفسه لأنه من قراءته على خلف بن خاقان الخاقاني وكما هو صريح قول ابن الجزري في النشر (1/161) "وهو الذي في التيسير وقرأ به الداني على جميع شيوخه" اهـ محل الغرض منه.
قلت ومنهم خلف بن خاقان طريق التيسير للأزرق.
ولا اعتراض على زيادات الشاطبي للأزرق إذ قد تلقى أداء للأزرق زيادة على طريق التيسي، هو قراءة الشاطبي على النفزي على ابن غلام الفرس على أبي داوود على الداني على خلف بن خاقان على الأنماطي على الخياط على النحاس على الأزرق.
ولا يخفى التغاير بين الطريقين إذ اختلفت زيادة الشاطبي عن التيسير بقراءة ابن خاقان على الأنماطي عن طريق التيسير بقراءة ابن خاقان على أحمد التجيبي على النحاس على الأزرق.

وأما قول عبد الفتاح القاضي في البدور الزاهرة (ص 16ـ18) "وروي عن كل من ورش وأبي عمرو وابن عامر ويعقوب ثلاثة أوجه البسملة والسكت والوصل" اهـ بلفظه فهو صحيح من طرق الطيبة التي قصّر هو نفسه كتابه عنها ولا يعني من التحقيق شيئا في التيسير والدرة طريقا كتابه البدور إلا استنساخ ما سبقه.