بين ابن سارة والشراري .. عزف على الثنائية

وقفت – عبر ورقة من التقويم –على أبيات لابن سارة،الشاعر الأندلسي ،أبو محمد عبد الله بن محمد المتوفى سنة 517هـ... فذكرتني بأبيات لشاعر معاصر،هو الأستاذ جمعة الشراري .. وعلى بعد البون بين موضوع القصيدتين .. إلا أن إحداهما لا بد أن تذكر بالأخرى .. ولا تخلوا قصيدة الأستاذة"الشراري"من رقة وعذوبة .. بل تكسوها عذوبة ورقة.
يقول ابن سارة .. ولكن قبل ذلك .. في ورقة التقويم لم تكن عبارة"الشقاء"واضحة المعنى،بالنسبة لي،ثم تبين أن أصل العبارة"السُّقاة"ولعلها استبدلت تجنبا لذكر "الخندريس"!!
يقول ابن سارة :
يا من يصيخ إلى داعي"السُّقاة"وقد نادى به الناعيان الشيب والكبر
إن كنت لا تسمع الذكرى ففيم ترى في رأسك الواعيان السمع والبصر
ليس الأصم ولا الأعمى سوى رجل لم ينهه الهاديان العين والأثر
لا الدهر يبقى ولا الدنيا ولا الفلك الأعلى ولا النيران الشمس والقمر
ليرحلن عن الدنيا وإن كرها فراقها الثاويان البدو والحضر

أما الأستاذ جمعة الشراري فيقول :

أطاعني العاصيان الدمع والسهر * وملني المؤنسان الشعر والقمر

والباقيان معي جرح وأمنية * والهالكان عليك السمع والبصر

يا بؤس أمنية عمياء ما ولدت * على ذراعيك إلا وهي تحتضر

أين العهود التي كنا نعوذ بها *ألا تفرقنا الدنيا ولا البشر

هل يذكر اللهو يوم الطين من عمري * أم تذكر السندباد الريح والمطر

أم تذكرين بقروى حين ألبسني * ثوب الجنون إليك الموعد الخطر

أم تذكرين وراء الليل يا قلقي * ما قالت الكأس أو ما رتل الوتر

نقية الروح هل أهديك ذاكرتي* فلا تعود بها الأحلام والفكر

فاليوم بعدك لا حلم أرتديه * ولا نديم ولا خمر ولا سمر

هكذا افتتح الشاعر الأول أبياته بحديث عن"السُّقاة" .. وختم الشاعر الثاني أبياته ب"ولا خمر"!!

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي