أنا
للشيخ عمر بن أحمد القزابري
بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أحبابي الكرام :
أنا العجز يمشي على قدمين. أنا الضعف أنا الفقر أنا الموسوم بالنقص المعروف بالتفريط. أنا عبد وهذا أرقى أحوالي. أنا العارف بحالي. أنا المُثْقِلُ كاهلي بذنوبي. أنا الظَّاهِرَةُ في مرآة الوجود عيوبي. يتملكني الأسى على حالي حين أرى في سِيَرِ الكبار عزمهم وحزمهم وصدقهم وسبقهم. فأحاول النظر إِلَيَّ فلا أراني. فالتيه ممن هم مثلي حمق. آه ثم آه على من يغتر بالسراب. ويمد عينه إلى الحطام والتراب. الأسى على نفسي يقتلني. وعندما يتسلل شعاع حسن الظن إلى قلبي يحييني. من لي سوى ربي يسترني. يسامحني. يمحو زلتي. ويداوي علتي.
أنا السائر في دروب الحياة ونفسي لا تكف عن لومي. أنا الذي يَمُدُّ عَيْنَيْهِ إلى مقامات الكبار وهمتي لا تطاوعني. أحاول حِيناً وحِينًا أَحِيد . كأنني في وسط هذا العباب غريق طريد. أَفِرُّ من نفسي إلى نفسي. وأسكب دمعي وأركب الفُلْكَ يَمْخُرُ عُبَابَه أبحث عن شاطئ أنثر فيه خوفي. كيف أسكن ولَمَّا أَصِلْ بَعْد إلى نفسي. أنا السائر في الصحراء أبحث عن واحة روحي وسقيا قلبي. الماء معي. ولكنني أحيانا لا أكاد أعي. أضناني البحث عني. حتَّى كِدْتُ أَيْأَسُ مِنِّي . ولكني وإن طال بحثي فإنه لم ينقطع أملي. فإن ربي آخذ بناصيتي . يُسَيِّرُني وذاك ما يخفف عني. لن أغادر الباب أبدا. سأظل أطرق وأنادي. سائل بالباب. يرجو الندى. وما أنا بالمغادر حتى يُفْتَحَ لي. فقير يلوذ بغني. وضعيف يلجأ إلى قوي. ومذنب يستغيث بغفار. أنا الذي عاين لطف ربه في كل المراحل. أنا الذي أسأت وأذنبت والحليم يستر وبعطائه يقابل. إن ربي رحيم ودود. .الله. .هل تأملتم جيدا. .رحيم ودود. فأنا أَسْتَرْحِمُ الرحيم. وأطلب الودود. ارْفَعْ بها عَقِيرَتَك أيها المذنب مثلي. واطرد ثعالب اليأس وذئاب القنوط. وقل : إن ربي رحيم ودود. اللهم إني أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك انك انت الله لا إله إلا انت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك. كيف أضام وأنت ربي؟. أم كيف أذل وأنت سيدي؟. أم كيف أهان وأنت رجائي؟. لَئِنْ وُكِّلَ أمري إلى أمي وأبي لَرَحِمانِي وتجاوزا عني. فكيف وأنت أرحم بي من أمي وأبي. وعزتك وجلالك إني أؤمل فيك الخير كله على تفريطي وذنوبي. أنت القائل في الحديث القدسي (ابن آدم. إنك مادعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي. ..)فأنا أدعوك وأرجوك. .
أحبابي :من لطف الله أن رزقنا بعض الذين تأوي إليهم أرواحنا في هذه الغربة التي يسميها الناس حياة. نبثهم أشجاننا. ونشاركهم مواجيدنا. ولولا ذلك لاختنقت أنفاسنا في وسط هذه الأمواج. وهذا اللَّجَجُ والارتجاج. فلك الحمد ربنا. ولك العتبى حتى ترضى ولا حول ولاقوة إلا بك. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري