على أنغام العناق بين لقاء الأرض بقطرات المطر بسطت كفيّ على الطاولة التي اوهنتها كتبي و دفاتري و بعض الفوضي التي كنت أنثرها عليها ، و أسندت خدي عليهما و رحت أتأمل البخار الذي يتمايل صاعدا بهدوء من كاس الشاي الذي جهزته تواً

..شيئ ما يشدني للإحساس بالسعادة و أشياء كثيرة تعرقل مدارج عبورها
أرغب في أن أحقق كل أمنياتي غير أني لم أجدها حاضرة في تلك اللحظة ..
لم أكن افكر في أي شيئ لأن كل شيئ كان يسكن تفكيري ..
و ارسلت لحظي للسماء بَعيدها لا نجمة ..لا ضياء للقمر ..جحافل الغيم تحتل وجه السماء ..
و رعد و برق شديد الضياء ، جمال الطبيعة كاسر ، ما أجمل غرة الشتاء ، جميل أن افكر بالضياء ..
ليته يتسرب في سراديب صدري الذي يطوي سنين ظلماء
..و فجأة ..... يهزني و يفزعني بلوغ الستائر سقف الغرفة ..إنها الرياح التي تحمل اوراق الخريف للبعيد البعيد ، يجتاح أركاني البرد ..
تذكرت الآن لقد نسيت إغلاق النوافذ جيدا بعد وقفة تأمل لامتداد الطريق و مرور السيارات المختلفة ، و عاشقان تحت شمسية سوداء لم يتركا لضوء او ذرة من هواء تمر بينهما ..كانا يتهامسان .. يتباسمان و كلاهما يمسك بها خوفا من بلل قطرات المطر..

و بسرعة أوصدت النوافذ و أسدلت الستائر في لمح البصر ..
و تركت التي تقابل مجلسي فهواجسي خلف الجدر ، الخوف يزيد من وحشة الوحيد المندثر
مخاوف الروح تضني.. تحتاج الأمان المندحر .. ليتك يا نوافذ الروح سهلة الإغلاق كهذه او ليتني يوما عليك أنتصر
و لا زلت ارى المطر و من صوت الرعود قلبي ينفطر
و على جانبي الطريق تجري المياه و تجري و تكثر و تكثر و تعلو و تعلو حتى صارت سيلا عارما اقتحم نوافذي فهربت منها إلى إغلاق النوافذ حيث أجتاز الخطر فرأيتني غارقة بدمع ينهمر ..
سيل الدموع محرّق بمحاجري إن الشواطئ تُنتَحَر
و كأني بأساطيل النهاية .. تمخر عباب الزمن .. ..ترسو على موانئ العمر

و اعود لأنظر كأس الشاي الذي لا تزال ترفرف عليه أجنحة البخار المهاجرة
و أحمل الكأس بيديّ المرتعشة لأرتشف منه القليل
كم من الظمأ في ثناياك يا قلب لرشفة من بعض أمل !
_ كلا كلا .. لا يجدر بي اليأس عليّ أن استمتع لبعض الوقت و أن أستمع و اشاهد فقط .. فلغة و صوت الطبيعة أجمل من مفرداتي الخرساء ..
لا يزال المطر يغازل جمال وجه الأرض و لكن ..

لا وجود لأوراق تهدهد الأغصان ليغسلها ..هذا ليس مطر نيسان الجميل الذي يلوح لأوراق الربيع مسلما و مبشرا بموسم جديد ..
يقولون : بأن النفس مواسم ، فما بال المواسم مني تفرُّ ؟

و تحملني سحب التفكير بالاوراق التي جففها الخريف و لم يعد ينفعها مطر ، و هي الآن تحت سلطان الرياح الباردة و الخطر ، تجعلها بعيدا عن أغصانها خلف إمكان النظر..عن أوطانها ..عن الحضن الذي كان يجلسها على كتف جذع ثابت ممتد الجذور و يجمعها بحبات الثمر ..
و في رحلة بحثي عن ومضة نور يأتيني وميض و لكن .. من هاتفي يزعجني .يقهرني و يخبرني برسائل مللتها و أزيحه تحت الكتاب الذي ارهقته دون فهم للعِبر ..فأنا أحتاج البشر نعم أحتاج البشر خلف الطلول أرى أطيافهم كالدرر او كالسراب المستعر ..
الكل حول دفاتري و يراعهم يحوي الشرر ..يا نجمة قولي لهم أني غريب ينتظر ..

_نجمة ؟؟ عن اي نجمة تتحدثين يا امرأة و الجو يعصف ماطرا و رياحه لا تُستتر ..هل من ضرر ؟
لم أدر كيف اتكأ القلم على أناملي يبغي السفر ..أنا و اليراع و الاسطر التي تموج بكلمات شاقها طول انتظار قد قَهر ..
و نشد رحل همومنا و مداده نزف الفؤاد المنشطر ،، هذي السطور جميلة و قويمة ماذا عساي أخطها مما خَطَر ؟
و يجيئني خيط يضايق مقلتي ، هذا الصباح لقد ظهر ..لكن كأسي لم يزل و بخاره ذا يستمر ..
و تظل اوراقي كاوراق الخريف تحتضر
لم يروها دمع اليراع المنصهر

لقد أثقل الكرى أجفاني من طول السهر ،و دعت طاولتي و استأذنت قلمي و جررت جسدي الثقيل إلى السرير إلى حلم بحلمي يعتصر ..
و أردت ضبط منبهي فوجدت أني في تموز في الرابع عشر .