نَصَبَتْ على عرشِ الفؤادِ المَنزلا

إذ ليس من لَبَسٍ رأتني الأوَّلا

وَتَلَفَّعَتْ بشَذا الشُّغافِ طروبةً

لمَّا سَقاها ذاتَ أنسٍ صَنْدلا

شَّرقيَّةُ النَّفحاتِ يهتِفُ نَوْرُها

يا ياسمينَةُ : هلْ ذرفتِ المَنهلا ؟

واليومَ تسْألني حَياءً : مَا الذي

جَعَلَ السَّقامَ بمُقلتيكَ مُهَرْولا ؟

أنتَ الذي أحيا فراتُكَ فرحَتي

والغيثُ من لُطفٍ يُماهي الجَدْولا

شاكي السِّلاح ، وقد ظفرتَ بخاطري

وهزمتَ باسمِ العاشقينَ الجَحْفلا

قلتُ اسألي مَن ظلَّ يتَّشحُ الأنا

أو راحَ يَمرحُ بالرِّيا مُتَطفِّلا !

من كلِّ لوْنٍ يغزلُ اللذَّاتِ مُنتَشيًا

... ودونَ الكأسِ يَنسى المِغزلا !

لي ضِفَّتانِ ، وَمِلءَ أعماقي الهَوى

والأفقُ بالدُّرر العَجيبةِ رتَّلا

يَصَّاعدُ الأدبُ التَّليدُ مُعانقًا

إرثَ الإبا ، بالخالدينَ مُقبِّلا

حتى إذا مَسَّ البيانُ صروحَهم

يهَّابطُ الدَّمعُ السَّخينُ مؤثَّلا

أوَ بعد هذا يستلذُّ بغَيْبتي

حَبْرُ الرُّعاعِ ، لكي يؤوبَ مُغفَّلا !؟

أوَ تنهبُ العَبَراتُ صفوَ مَدائني

وقريضُ أهل الحَيْنِ عادَ مُرَفَّلا ؟

أغرابُ ساحِ البَين ينعِقُ مُترفًا

وحَمامُ بابِ الطاقِ باتَ مُكبَّلا ؟

يا ياسمينةُ : قد رحلتُ بهَيكلي

وتركتُ روحي حولَ أروقةِ العُلا

لم أبتدعْ ، لم أنسَ ذكرى عِترتي

بل ظِلْتُ بالآهاتِ صَبًّا مُثقلا

وحفلتُ بالإيثارِ مَحضَ مُروءةٍ

أبكي وأضحَكُ حالَ أفئدةِ الألى

ليلي وهمّي ، واضطرابُ شِكايتي

من زفرتي الحَرَّى المُقَطَّمُ زُلزلا

واستخْبري السَّرَواتِ عن أحلامنا

عمَّن رأى حَبَقَ الحَنينِ مؤصَّلا

يا حلوةَ الأنفاسِ يا عبَقَ الوفا

خلِّ التساؤلَ والتعاتبَ مُجْمَلا

فلنا مَعَ الأنوارِ أحلى لُقيةٍ

وَهناكَ نشْدو بالبديعِ مُفَصَّلا
وَهَناك لمَّا لا " هناك " تحُدُّنا

نبني على عَرْشِ الخلود المنزلا