في واحد من أعز مواسم السماء ..
المؤمنون الذين رحلوا هم الذين
يفتقدونا قبل أن نفتقدهم
هشــام الخـانيإن التألي على الله هو إثم مبين. ومعنى التألي على الله هو أن يجزم الانسان بأمر يعود فيه القرار كلية الى الله. كأن يقول: ان الله لن يغفر لفلان، او لن يدخل فلانا الجنة أو يجزم بمصير إنسان إلى الجنة أم الى النار .. وهكذا. ويعود الإثم في ذلك إلى أن المتألي يقوم بعمل وكأنه ينصب نفسه إلها من دون الله. لكن البعض أخذ مسألة (التألي على الله) يقحمها خطأ في كل موطن حتى بات الأمر يوشك أن ينذر بقنوط الناس من رحمة الله.
لقد علمنا من واقع الكتاب والسنة بأن الله تعالى قد شهد بالإيمان والفلاح وضمان الفردوس والجنان لكل عبد اتصف بصفات حددها هو (جل وعلا) بنفسه (سورة المؤمنون مثلا وليس حصرا) و (اولئك اصحاب النار او اولئك الذين حق عليهم القول .. والكثير من الشواهد والوصف الذي حدده الله). وإن رسول الله (عليه الصلاة والسلام) قد أمرنا بالشهادة للرجل بالإيمان في مواضع معينة (آذا رأيتم الرجل يرتاد المساجد فاشهدوا له بالايمان). وإن قولنا فلان من أهل الجنة تبعا لما أكده الله عبر بيانه الكريم لايمكن أن يكون تأليا. ﻷنه مامن أمر الا وحدوثه مرتبط كلية بمشيئة الله. وحبذا لو اقترن قولنا بعبارة (ان شاء الله) ﻻنها تنفي (التألي) والإنابة عن الله في تقرير أمر ربما اراد الله عكسه.
وها أنذا ومن منطلق رغبتي في تبشير الناس، وخاصة في هذه الايام الكريمة، وتطمين أولئك الذين يشتاقون إلى احباب لهم بصفونهم بأنهم تحت الثري .. ها أنا أقول: إن العوالم التي خلقها المبدع الحكيم تختلف كلية في مواصفاتها. وإن الأبعاد الثلاثة التي تصف الحيز والمكان، والوقت والتوقيت اللذين يصفان الزمن في الحياة الدنيا، هما أمران مختلفان تماما في الحياة الآخرة، وأن القبر أول منازل الآخرة. وإن صاحب الكرم المطلق والرحمة التي وسعت كل شيء، وهو ذو الجلال والإكرام، ليس لإكرامه العميم أن يتسبب بوجود من أحب من عباده تحت الثرى على الشاكلة التي نتخيلها نحن. وإن الآيات كثيرة في هذا الصدد وكذا صحيح الحديث. وإن القبر يكون روضة من رياض الجنة لمن حاز حب الله ورضاه .. والحديث يطول.
من هنا أقول للأحباب: ان الحال معكوس. فالذين نتخيلهم تحت الثرى من عباد الله هم الذين يتحسرون على من أحبوا من أهل الدنيا ﻻنهم في حالة تطلع وأمل إليهم كي يزيدوا ركعة أو تسبيحة واحدة لله ربما ترفعهم إلى منازل يصل مدى البون في كرامتها إلى مابين السماء والأرض.
الا فلنعد العدة، وليكن قلبنا مسرورا مطمئنا على من علمنا عنهم سلوك دروب الله في الحياة الدنيا. فلئن اشتقنا اليهم شوقا تحرق ناره قلوبنا، فإنهم يشتاقون الينا شوقا وفق أمل وحنين يتمنون ان نرافقهم في رياض يساوي الشبر منها الدنيا بما حوت.