آيات عرابي تكتب | حلقاتك برجالاتك.. بتصرف

من في مصر لم يشاهد تلك اللقطة من فيلم الحفيد والتي ظهرت فيها مرفت أمين بملابس البحر , فيلم تم انتاجه ضمن حملة إعلامية كبرى استمرت عقداً أو أكثر للترويج لفكرة “تحديد النسل” أو تنظيم الأسرة كما أطلقوا عليها أحياناً من باب التخفيف، لدفع المجتمع لقبولها, كانت فكرة قاتلة تزيح العبء عن كاهل العسكر وتنقله إلى المواطن , فبدلاً من مسائلة الحكومات حول التزاماتها في توفير المأكل والمشرب والعلاج والمسكن الكريم في دولة مساحتها مليون كيلومتر مربع, تصبح أنت المذنب في حق نفسك لأنك انجبت عددا من الأطفال..
الفيلم انتهى بأغنية تحولت إلى جزء من التراث الشعبي واصبحت من بين أغاني الاحتفال بالمواليد الجدد, وما بين الأغنية الشهيرة واللقطة الأكثر شهرة, احتوى الفيلم على مجموعة من مفاهيم مسمومة تم تمريرها إلى العقول , فسيادتك كنت منشغلاً بمايوه مرفت أمين, بينما انشغلت الفتيات في موضات وتسريحات ظهرت بها ممثلات الفيلم, ثم اندمجت الأسرة كلها بمشاهدة النهاية السعيدة حين عاد الزوج إلى زوجته على أنغام (حلقاتك برجالاتك) !!

أنت لم تنتبه إلى مجموعة الثعابين التي تسللت إلى رأسك في خضم أحداث الفيلم, مثل ابنة الموظف, التي بالكاد أرتدت ما يستر عورتها مع زوجها في حمام السباحة دون أن يشعر الزوج بأي غضاضة لكشف زوجته معظم جسدها هكذا في الشارع !
لقد أُثقل كاهلك أيضاً بأعباء جديدة مثل الحمام واللحوم في (السبوع) من أجل الطفل, وعشرات المفاهيم الثعبانية التي زرعت في عقلك دون أن تتنبه.
الفاتنة والأغنية استخدما بمنتهى الحرفية الدعائية لتنسى سيادتك أن لك حقاً في الحياة الكريمة.. وأن من يجلس على كرسي الحكم مطالب بتوفير العلاج والمسكن والوظيفة
!
الكثيرون يتسائلون بمرارة, لماذا تحصل راقصة على ما يعادل أجر المهندس في عقود ؟ ما سر الأجور الفاحشة التي يحصل عليها هؤلاء المشخصاتية في مسلسلاتهم وأفلامهم, برغم أنهم لا يقدمون سوى العري والأفكار المشوهة ؟
والإجابة هي أن تلك الطائفة أكثر أهمية لديهم من خريج الهندسة أو خريج الطب أو المدرس. فهم من يشكلون وعي الشعب بلا مبالغة,
الممثلين قبل الانقلاب كان لهم الدور الأكبر في الحشد لسهرة 30 سونيا. وهم أكثر ولاءً العلمانيين , ولا يمكن لاحداهن أن تقف أمام الكاميرات الا بعد تقديم التنازلات التي تتصورها والتي لا تتصورها في ابشع كوابيسك باستثناء من كانت ابنة منتج أو ممثل شهير او ما شابه, فتثبت عدم اكتراثها بالدين وعداوتها للأخلاق بما يجعلها صالحة للوقوف أمام الكاميرات
باختصار, شاشة السينما مصفاة لا تمرر سوى ... ويتكفل سحر الكاميرا وبراعة طاقم العمل و أموال المنتج في جعلهم منابر للحكمة لتوجيه المجتمع. هؤلاء مشاريع استثمارية, تنفق فيها الأموال على تشويه الوعي واختراق العقول وتدمير المفاهيم وسحق الأخلاق, وتقديم الرديء الأسود التافه دائماً. وهو ما يجعلك تدرك سبب اشمئزاز هؤلاء من مجتمع رابعة وصلواته وتهجده, ولماذا هلل هؤلاء لمجزرة ارتكبت في حق من كانوا يذكرونهم بضآلتهم.
أما المواطن المطيع المرابط أمام شاشات التليفزيون, يتلقى العلم من هذه ويحصل على ثقافته من تلك, فلم يكن يمتلك مساحات خاوية في عقله بعدما قالته فلانة أو صرحت به علانة, فهن القدوة وهن النخبة وهن بحكم الأدوار التي قمن بها, من يمتلكن الحكمة وتصبح رابعة بؤرة ارهابية, وتصبح مجزرة فاقت صبرا وشاتيلا ودير ياسين تستحق الاحتفال. وحلقاتك برجلاتك أيها المواطن,