بسم الله الرحمن الرحيم
بالإشارة يفهم
د. ضياء الدين الجماس

خُلِقَ ابن آدم من ترائبَ يُضْرم = والطينُ جبلته وماءٌ يؤدم
والنار تلفحه تشدُّ ترابه = والروح قد نُفِخَتْ به تتنسَّم
وبفطرة الإنسان يعرفُ ربَّه = ولسانه في ثغره يتكَلّمُ
في قلبه بصرٌ يشاهد دربه = ويرى النعيمَ إذا انجلى يتبَسّم
عقل السليم حديقة غناءة = بغصونها سترى الثمار تُخضْرَم
فإذا غشاه حجابُ شهوته انعمى = فيتيهُ في درب الضلالة يُجرم
متمرغاً بدم العباد ومالهم = ويغوص في أعراضهم يترنم
تقسو القلوب بجهلها كحجارة = فتموتُ في حيٍّ بـمَيْتٍ تعدم
إنَّ الجهالة تستحيل سفاهة = بجحيمها يردى السفيه ويُردم
عقل السفيه بناره متأهبٌ = مثل الكحول بأيِّ نارٍ يُضْرَمُ
إنْ رُمْتَ تزرع بذر زهر مبهج = أرض السفيه صَريمَةٌ بل مَيْتَم
وازرع بأرض لينة وخصيبة = إنَّ الحراثةَ في الصخور جهنَّم
إياك من جدلٍ مع الأعمى الذي = إما سيُعْملُ سيفَهُ أو يشتمُ
بصَرُ القلوب بعينها متفاوتٌ = منه الكفيفُ ومنه صخرٌ أبكم
منه الأصمُّ ولا يداري حوله = خَبَثُ الخبيثِ بلُبِّه يتراكم
منه اللبيب تراه يسمَعُ نملةً = وتراه يشدو كالطيور ينغِّم
وهو البصير بعينه وبقلبه = يتجنَّبُ العثَراتِ منها يَسْلَم
يكفي البصيرَ بصيصُ نورٍ لامعٍ =أمّا اللبيبُ فَبالإشارة يـفـهــمُ
والحُرُّ كالشمْعِ اللطيفِ قِوامه = باللين دونَ أذيَّـة يتقوَّم
مخُّ العنيد كضلعه مُتقَوِّس= إن رُمْتَ تقويماً له يتكدَّم
ما كلُّ مُعْوَجٍ يُقَوَّم صُلْبُه = بعض العظام بدائها تتهشَّم
والعقل أولى بالسلامة ينعَم = فَدعِ العقول بنورها تتنعَّم