قانون الاحوال الشخصية ضرورة حقوقية لتحقيق المساواة
بقلم: عماد موسى

فما هو مفهوم قانون الاحوال الشخصية؟
هو القانون الذي ينظم جميع الأمور المتعلقة بالزواج والطلاق والميراث. ومصطلح الأحوال الشخصية حديث نسبياً، ويراد به الأحوال التي تكون بين الإنسان وأسرته وكل ما يترتب عليها من آثار حقوقية والتزامات أدبية أو مادية. وقديماً لم يستخدم الفقهاء هذا المصطلح وإنما كانوا يطلقون اسماً خاصاً على كل موضوع يتعلق بالمبادئ الحقوقية والأحكام الشاملة للأسرة ككتاب النكاح، وكتاب المهر وهكذا…
والأحوال الشخصية توازي في المعنى الأحوال المدنية. ومحتوى قانون الأحوال الشخصية يمكن عرضه في نقاط: ثلاث:
1 - كل ما يتعلق بالزواج وأحكامه 2 - كل ما يتعلق بالطلاق وأحكامه وآثاره
3 - كل ما يتعلق بأحكام الإرث،
خصو صا اذا ما علمنا ان أحكام قانون الأحوال الشخصية قد بني على مفهوم قوامة الرجال على النساء، ويرتبط مفهوم القوامة، في أذهان الناس ولدى كثير من الباحثين والمعنيين، من الجنسين، بالدين الإسلامي، حصرا، وذلك لعدة أسباب:

الأول: ورود نص صريح في القرآن حول القوامة؛
الثاني: أن الغالبية العظمى من سكان فلسطين هم من المسلمين؛
الثالث: فيتعلق بكون قانون الأحوال الشخصية للمسلمين قانونا عاما في ما يتعلق منه بالإرث والولاية والوصاية والحضانة وغيرها،.
لذلك ،اشتغلت المؤسسات النسوية الفلسطينية على تعديل قانون الاحوال الشخصية "بما يتلائم ومتطلبات العصر ومستجداته، وخروجاً بالقاعدة القانونية عن الجمود المتوارث إلى فضاء ٍ رحبٍ، بقصد مراعاة مكانة المرأة وإنسانيتها ..." استنادا الى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).
لأن هذه الاتفاقية تعتبر من أهم الاتفاقيات الدولية التي تكفل حقوق المرأة ، حيث تقر "ان مجرد التسليم بإنسانية المرأة لم يعد كافيا لضمان حماية حقوقها حسب المعايير الدولية الحالية واليات حقوق الإنسان، فبنود الاتفاقية تجمع في اتفاقية شاملة جميع التعهدات التي أقرتها مواثيق الأمم المتحدة في مضمار التمييز القائم على أساس الجنس معلنة بذلك ميلاد أداة حقيقة للقضاء على التمييز ضد المرأة.
وهناك ايضا عدد من المواثيق الدولية لحماية المرأة سبقت إنشاء المنظمات الدولية وهي:
• اتفاقية لاهاي الدولية لعام 1902 المتعلقة بالتناقض في القوانين المحلية، المتعلقة بالزواج والطلاق والوصايا على القاصرين.
• الاتفاقيات الدولية التي تم تبنيها في الأعوام 1904،1910،1921، 1933 حول مكافحة الاتجار بالنساء.
• الميثاق الدولي لعصبة الأمم 1919 الذي نادى بظروف إنسانية للجميع بغض النظر عن الجنس وحث على القضاء على المتاجرة بالنساء ونص على وجه الخصوص على إفساح مجال العمل في عصبة الأمم أمام الرجال والنساء على قدم المساواة.

وهناك الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة بعد إنشاء الأمم المتحدة :-
* اتفاقية 1952 للحقوق السياسية للمرأة.
* اتفاقية 1957 المتعلقة بالجنسية للنساء المتزوجات وقد تم وضعها بعد إنشاء الأمم المتحدة، ولكن هذه الاتفاقيات سرعان ما خف بريقها وساد التوجه القائم على أن أفضل أسلوب لحماية حقوق الإنسان هو اتباع المبدأ العام بعدم التمييز.
* إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة لسنة 1967
وقد تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة في ديسمبر 1979 وأصبحت نافذة المفعول في سبتمبر 1981.
من هنا،حرصت المنظمات النسوية ومنظمات المجتمع المدني على وضع ا اهم التعديلات المطلوبة لقانون الاحوال الشخصية ، جندتها وهي :
1ـ رفع سن الزواج للفتاة الى 18 سنة.
2ـ إلغاء الولي في الزواج وجعل إرادة المرأة إلى جانب إرادة الرجلعند إبرام العقد.
3ـ عدم جعل الطلاق رهين إرادة الرجل بل تقييده بنصوص آمرة تحدُ من سلطان الزوج في هذا الأمر، مع جعله وليد إرادة مشتركة بين الزوجين.
4ـ منع تعدد الزوجات.
5ـ مشاركة المرأة للرجل في جميع أمواله المتأتية بعد الزواج حال قيام الزوجية، ولها نصف ما ترك بعد مماته دون التقيد بالمسألة الشرعية، كما هو الحال في القوانين المدنية للمجتمعات الغربية، وكما هو معمول به في كيان الإحتلال اليهودي.
6ـ المساواة بين الرجل والمرأة في الشهادة في مجلس القضاء.
وتقديم الرأي القبانوني لمعالجة أهم الثغرات الموجودة في القانون الأردني المعمول به حاليا في المحاكم الشرعية، وإذ أن هذا القانون المعمول به لا يلبي الكثير من الاحتياجات، وأن هناك حاجة إلى قانون فلسطيني ، وحتى يتحقق ذلك لا بد من استمرار المؤسسات النسوية ومؤسسات المجتمع الأهلي بالضغط على المشرع من أجل إقراره؛ لأن القانون الحالي يتضرر منه الكثير من المواطنات ، حتى يتم القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة.


ومن الجدير بالذكر في هذا المقام هو ضرورة العمل على ابراز حاجة النساء الى رفع وتيرة الوعي القانوني من خلال بناء قاعدة معرفية حول قانون الأحوال الشخصية في فلسطين والدول العربية ، الامر الذي يكسبهن وعيا قانونيا بحقوقهن وبكيفات الدفاع عن هذ الحقوق و يجعلهن أكثر قدرة على التغلب على عدد من المشكلات القانونية التي يمكن ان تواجهها النساء بما يكفل االحفاظ على روابط الحياة الأسرية .

وكذلك العمل على انجاز قانون موحد للأحوال الشخصية في فلسطين بدلا من مجموعة متفرقة من القوانين والتشريعات المتباينة التي يرجع أصلها إلي الدول التي حكمت فلسطين على امتداد عدة عقود من الزمن. وهذا يتطلب تشريع فلسطيني جامع و عصري يكفل إنصاف النساء ويمكنها من حماية حماية حقوقها المهدورة و يمنع التلاعب على هذه الحقوق

من الواضح ان المسائل الحقوقية ذات الصلة بحقوق المرأة ما يزال هناك قصور في النضج الاجتماعي والقانوني مما يؤكد على ان هناك مصلحةلدى الشرائح الذكورية في الابقاء على ما هو قائم حتى يحافظوا على سلطتهم الذكورية. وفرض الهيمنة والسيطرة على النساء، من خلال ممارسة اقسى اشكال العبودية، وهي: العبودية الطوعية عبر تاويل النص التراثي لصالح سلطة الذكورة. والحل كما اسلفن،ا وكما طالبت به الحركة النسوية الفلسطينية هو ضرورة اعداد تشريع للاحوال الشخصية استنادا الى الاتفاقيات الدولية وخصوصا سيداو بما يمكن المراة من الحصول على حقوقها اسوة بالرجل.