حين يصبح الحلم مروحة ببطارية
مصطفى إبراهيم
7/8/2015
منذ الصغر ونحن نحرص على النظام والقانون و الإلتزام بتسديد فواتير الكهرباء والهاتف والمياه، ولاحقا الجوال والانترنت ورسوم المدارس وما تسميه الحكومة تبرعات والتأمين الصحي، ورسوم تسجيل ساعات الجامعات وغيرها من مستحقات مالية للحكومة وغيرها من المؤسسات الحكومية والخاصة. هكذا تعلمنا من آباءنا مع نهاية كل شهر يجمع الوالد كل هذه الفواتير وغيرها ويتم تسديدها مباشرة ويا ويله إذا كلف أحدنا بالذهاب والتسديد وتأخر وما كان يلقاه من تأنيب وتقريع.
هكذا تربينا وهكذا مستمرون مع أبناءنا، وتعليم الناس أصول إحترام القانون و سيادة القانون والديمقراطية والشفافية والنزاهة والمساءلة ومن أين لك هذا.
جميعنا يعلم أن ما يسمى بالنظام السياسي الفلسطيني فاسد، نظام السلطة الوطنية ومن قبله قصص و حكايا وإشعار تغنى و تقال في فساد المتنفذين في قيادة منظمة التحرير، ربما اعتقد الناس ان الحال تغير لكنهم على قناعة تامة ان النظام فاسد وذيل الكلب ما بنعدل، وذاكرتنا ما زالت حية وتقرير هيئة الرقابة العامة في العام 1998، ما زال ماثل أمامنا وما شكل من فضيحة للسلطة، ولن يغيب اليقين لدي و آلاف وربما عشرات الآلاف ان جميع الحكومات السابقة كانت فاسدة وأفسدت الناس والحياة السياسية و الاقتصادية والاجتماعية.
وصفقات كثيرة مثل اتفاقية إنشاء محطة توليد كهرباء وما نعانيه منها في غزة، واتفاقية استخراج غاز بحر غزة، وغيرها من الصفقات التي لم يسمع أو يعلم عنها الناس شيء، وما زالت رائحتها النتنة تزكم أنوفنا، ولن يقنعنا أي منهم أن العلاج بالخارج والتعليم لكبار الموظفين هو ليس على حساب الناس وأن النظام الذي يسمح هو نظام فاسد، وغير قانوني وأخلاقي وهو نهب لموازنة السلطة المنهوبة بكل أشكال العهر السياسي.
وكل ما أشيع بعد الانقسام وقبل ذلك منذ تولي الرئيس محمود عباس تمسكه بالقانون ونسف إرث الراحل ابو عمار بمنع كتب المساعدات والهبات والمناشدات، كل ذلك تم منعه عن الغلابة والمساكين من الفقراء والعاطلين عن العمل، وأن حديث الشفافية وبناء مؤسسات الدولة تحت الاحتلال وخطط التنمية هي قصص وهمية انهارت بمجرد خروج صاحبها من الحكومة، و ان حديث محكمة الفساد هو لمحاكمة بعض الأشخاص من غير المقربين من النظام أو من خرجوا من عباءته.
منذ قيام السلطة لم تؤسس المنظمة نظام سياسي شفاف ويعتمد على المساءلة والمحاسبة، إنما نظام قائم على المصالح وموازين القوى وتقاسم الغنائم وأجهزة أمنية موازناتها غير معلومة وإن قبل أنها 35% من الموازنة العامة.
حين يصبح حلم الناس بكهرباء مستمرة ومياه نقية ومروحة ببطارية ووظيفة بألف شيكل في الشهر أو مستحقات مالية يتقاضاها الفقراء من الشؤون الاجتماعية كل ثلاثة أشهر ، أو ظ¢ شيكل مواصلات لطالب جامعي كي يصل جامعته أو ظ¢ظ*ظ* دينار رسوم فصل وديون مستحقة لآلاف الطلاب، أو مرضى يموتوا من الحصار والفقر ولا يملكون تامين صحي برسوم 50 شيكل شهرياً، يكون الحلم بوطن حر نوع من الفنتازيا.

و فواتير تعليم سالي ومنى و سارة وعلاج عائلتها وغيرها من الفواتير التي لا يعلم الناس عنها و تكلف موازنة السلطة ملايين الدولارات، في حين أن آلاف الطلاب الجامعيين في غزة لم يتسلموا شهاداتهم لعجز ذويهم عن سداد ما تبقى من رسوم و ألاف الطالبات والطلاب المتفوقين الذين لم يكملوا تعليمهم الجامعي الأول أو العالي بسبب فقرهم أو ضيق حالهم بسبب البطالة وغياب تكافؤ الفرص.