هل نتفق جميعاً على أن الخطأ والصح هي مسألة نسبية تتوقف في معظم الأحوال على المعطيات المتاحة أمامنا ومساحة الرؤية التي قد تعطينا الأفضلية في بعض الأحيان كما انها قد تعطي الآخرين نفس الأفضلية وان كنا لا ندرك هذه الأفضلية للآخرين الا بعد ان نصطدم بخطأ تصورنا ونظرتنا لقراراتنا المتخذة . ان في جميع تصرفات من هم حولنا عادة نسبة من الخطأ ونسبة اخرى من الصواب وهذه النسبة تحددها المعطيات المتاحة لدينا وموقعنا من الحدث . وكلما زادت قناعتك بصحة موقفك ووجهة نظرك كلما زادت قناعتك بالتبعية بخطأ الشخص الآخر بحيث إنه إذا كانت قناعتك بنسبة 80% انك على صواب فهذا يعني ان نسبة الصواب المتاحة للطرف الثاني هي 20% وهي نسبة قد تكون مقبولة اذا كنت في موقف استراتيجي يتيح لك تحمل تبعيات تمسكك بموقفك هذا كأن تكون في منصب وظيفي متميز (مثلاً رئيس حكومة ) ولكن ما بالك لو كانت قناعتك 100% انك على صواب ان هذا يعني ان كل ما تركته لمن هم من حولك هو 0% اي انك لا تراهم ولا تسمعهم ولا ترى الا نفسك انت فقط وهو موقف شديد الخطورة لأن الآخرين مهما كان وضعهم او مكانتهم لا يزال لهم رؤيتهم الخاصة ومعطياتهم التي تمكنهم من رؤية بعض التفاصيل التي لا تستطيع انت ان تراها . فما بالك لو كان الآخر هو بنفس أهمية ومستوى منزلتك ومسؤوليتك والذي يرى ما لا تراه ويعلم ما لا تعلمه وما سيترتب على ذلك من نتائج وانعكاسات سلبية خطيرة بسبب عدم قناعتك الإستناد الى مرجعيات لا تقل اهمية عن مكانتك وتملك مصداقية المعلومات . ان كل المطلوب منك هو ان تحتفظ دائما لنفسك بقدر من التفهم . ان من يختلف معك في اسلوب الاداء او طريقة اتخاذ القرار يكون لديه من المعطيات التي تجعل رأيه او قراره هذا يحتوي على قدر من الصواب ، لأنك ان لم تستطع التوصل الى هذا القدر من التفهم فانك ستعيش وانت تحمل هم التفكير الدائم في الخطأ الذي ارتكبته بحق الآخرين بسبب تشبثك انت بقناعتك وبصحة رأيك ورفضك الداخلي في ان تعترف ان بقية الجهات المعنية بهذا القرار تحتوي على نسبة من الصواب لا بد من الاقرار بها حتى وإن لم تكن تعلمها او تجاهلتها ولم تضعها في اعتباراتك . إن عدم قدرتنا على الرؤية في الظلام لا تعني ابداً اننا قد فقدنا البصر .. ولكنها تعني اننا لا نملك الآليات والوسائل التي تتيح لنا الرؤية بعناية ... منقــول.