السيدات : من الصفع إلى الاغتصاب
ضج "تويتر"،وحق له، بقضية صفع امرأة – بغض النظر عن كون صافعها مقيما أو غير مقيم – أمام جمع من الرجال .. والذين اكتفوا بـتصوير"الواقعة!!
رسمت "كاريكاتيرات".. ودعا البعض إلى أن يرتدي الرجال الحاضرون "ملابس النساء" .. وألمح البعض الآخر للشوراب أو "الشنبات" .. إلخ.
ليس العجب في ثورة "آل تويتر"على عدم نصرة تلك السيدة .. ولكن هذه الأسطر تريد أن تذكر بأننا نستورد بضاعة من الغرب .. ثم ننسى أن ما نستورده عبارة عن منظومة متكاملة ،ومن ضمن بنودها .. أن (العنف) خصيصة من خصائص الدولة .. أي أن القانون هو الذي يأخذ لتلك السيدة – وغيرها منة السيدات .. بل وللرجال أيضا – حقها .. ولكن الواقع أن تقنين تلك القوانين،والتي قد تعاقب من اعتدى على ذلك المعتدي .. بنفس العقوبة – تقريبا – غير واضحة المعالم،إذ أننا لم نكمل مشهد الاستيراد من الغرب بكل تفاصيله .. ولكننا صنعنا "مرقعة" !!
لعل .. وأكرر لعل القانون المتحضر يكتفي من المشاهد بأن "يوثق" ما حدث .. ثم يترك القانون يأخذ مجراه ..
وهنا ننتقل إلى "الخزن الاستراتيجي" لنستخرج منه هذا الخبر ... (أعربت شرطة لندن عن غضبها من اغتصاب جماعي لفتاتين على مرأى من حشد من الناس،قام بعضهم بطرح الفتاتين أرضا.. وقال الضابط فيل كينت : للأسف صادفت حوادث مثل هذه من قبل ولكن عدد المتفرجين الذين كانوا في هذه الحادثة غير عادي.
وقالت الفتاتان أن نحو 20 شخصا شاهدوا عملية اغتصابهما بعد خطفهما من أمام أحد مطاعم مكدونالد في ساعة متأخرة من ليل الأربعاء الماضي،وقام ستة أو سبعة شبان باغتصابهما في أحد الأزقة){ جريدة الرياضية "الصفحة الأخيرة" العدد 2279 في 13 / 7 / 1414هـ = 26 / 12 / 1993م}.
وبعد ... فهذا لا يعني أننا ضد تلك الغضبة الصادرة على ذلك السلوك المشين .. ولكننا ننبه إلى الطريق الذي نسير فيه باستيراد بضاعة الغرب .. والتي من الواضح جدا أنها لا تناسبنا – بعضها بطبيعة الحال - ولا تناسب شهامتنا التي ترفض الاعتداء على سيدة .. وهنا نعود لنذكر بقصة ذلك الرجل الذي كان يجلس على مقعده في الحافلة،بينما تقف إحدى السيدات،وبعد قليل ،وقف الرجل .. فنهرته المرأة،وقالت له لقد تساوينا مع الرجال،فلا تترك لي مقعدك .. تكرر الأمر مرتين،وفي المرة الثالثة .. قال الرجل : سيدتي هذه هي المحطة الثالثة التي تفوتني بسببك!!
وختاما .. أكرر ما نقلته عن أخينا "بيجوفتش" – رحم الله والديّ ورحمه – .. ( إن الأسرة ليست هي الخلية الأساسية للمجتمع كما تعلن معظم الدساتير القديمة. فالأسرة والمجتمع متنافران لأن المبدأ في الأسرة هو الحب والعاطفة،وفي المجتمع هو المصلحة أو العقل أو كلاهما معا (..) ويذهب "ماركس"إلى أن القضاء على الأسرة "وذبولها"يعني تكييف الإنسان للمجتمع،أو تحويله إلى "كائن اجتماعي بكليته"وبذلك تحول جميع أساسيات الوجود الإنساني،من اجتماعية ومادية ومعنوية،من الأسرة إلى المجتمع){ الإسلام بين الشرق والغرب / علي عزت بيجوفيتش}.
لعلنا نضيف هنا .. من اجتماعية ومادية ومعنية،من الأسرة إلى المجتمع .. و"قانونية" .. فمعاقبة الجاني – الصافع – في حالتنا من اختصاص "الشرطة" و"المحكمة"و"الإدعاء"و"المحامي" ... ثم الشهود .. وعليه فالمشهد ينتمي إلى"المجتمع"وغضبنا ينتمي إلى"الأسرة" .. حيث روابط الحب .. والاحترام .. والشهامة .. إلخ

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني