بلغ إلى مسامع مسعود وهو أحد التجار الأثرياء أن عمدة القبيلة الطاعن في السن قد أصيب بوعكة صحية خطيرة و أن الأعيان و الوجهاء يفكرون في إجراء إنتخابات لإختيار خليفة له ..إنتخابات حرة و نزيهة مثل تلك التي نسمع عنها و نشاهدها عبر التلفاز بين مرشحي الحزب الديمقراطي و الحزب الجمهوري بالولايات المتحدة الأمريكية
...بدأ مسعود يفكر ليلا نهارا في كيفية إقناع الشعب الغلبان بكونه الأجدر بمنصب العمدة ...و من أجل ذلك
إرتدى جبة من حرير ثم مسك بمسبحة و عصا ليبدأ يجوب الشوارع و الحارات يزيل الأذى من الطرقات ، و ينهى عن الفحشاء و المنكر ... يوعظ الناس في كل مكان و يهديهم إلى الصواب ...
إحتار الناس في أمره إذ ليس من عادة مسعود أن يكون مثاليا إلى حد هذه الدرجة من الصلاح و الفلاح فبادروا بسؤاله : هل في الأمر سرا يا مسعود؟ كيف صرت بين عشية و ضحاها شيخا ذا هيبة و وقار لقد كنت فينا تحتال على الناس في البيع و الشراء و تتصيد الغافلين البسطاء لتسلبهم حقوقهم بلا شفقة و لا رحمة...أجابهم بكل أريحية و وثوق في النفس : الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا ..لقد كنت في غفلة من أمري و الآن تبت إلى الله توبة نصوحة... خاصة أني سمعت أن عمدة قبيلتنا الوقور و قائدنا بات على وشك النهاية و خفت أن تتشتت القبيلة من بعد مرضه لذلك أردت اليوم أن أجوب شوارعكم و حاراتكم لأتفقد أحوالكم تماما مثلما كان يفعل الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ...أعلموا أني من هنا فصاعدا سأكون تحت أمركم ..إن جعتم سوف آتي بالدقيق و القدر في جنح الظلام إن لزم الأمر و أحضر لكم ثريدا شهيا تماما مثلما فعل سيدنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله في ذلك الزمن مع تلك المرأة الفقيرة و أولادها ...إني أحثكم على إنتخابي لأكون خير خليفة و خير راع لأموركم ....علما أني سوف أنتهج سياسة
(أربط الحمار من بطنه ) للرقي و الإزدهار ..هنا تعجب الناس و إنقسم بعضهم من ضاحك إلى ساخط
قال أحدهم ساخرا : قد تكون سياسة ( أربط الحمار من بطنه ) مثل سياسة البيريسترويكا التي إنتهجها الرئيس ميخائيل غوربشوف و أدت في النهاية إلى إنهيار الإتحاد السوفييتي سنة 1991
سأله الناس عن برنامجه الإصلاحي و عن فحوى سياسة (إربط الحمار من بطنه أو ذيله )
قال محدثا نفسه : سوف أجيبكم عند إنتخابكم لي و تنصيبي زعيما
بعد ذلك يكون الحمار قد رُبطَ من بطنه و إنتهى أمركم