كيلو طماطم ربطة كرفس ربطة.بقدنوس.كيلو بطاطس.فلفل حار .مكرونة ..لا تنسى الكبدة أريد كل هذه الأغراض الآن و بسرعة لإعداد الإفطار ...هكذا خاطبت حليمة زوجها صالح عبر الهاتف ليجيبها :حاضر سيدتي و يتجه مباشرة صوب السوق ... و بينما كان يتجول بين الباعة وردت عليه مكالمة ثانية كان قتها بصدد شراء البصل إنها من المدير العام للشركة التي يعمل بها يسأله فيها: أين أنت يا صالح ليجيبه : إني أستمتع بقسط من الراحة في إحدى الحدائق العمومية سيدي المدير بعد أن أوشك على أن يزف له الحقيقة: ويقول : أني بصدد شراء البصل لزوجتي ... تابع المدير كلامه :عليك أن ترسل لي كل التقارير التي تهم الشركة طوال هذا العام و فورا.. ثم قطع المكالمة ... ردد صالح بداخله : أهكذا أشتري البصل و ترد عليّ مكالمات مثل البصل ما ذنبي أنا كي تتحول حياتي إلى ربطة بصل أو كرفس بين الأوامر الصارمة و المفاجئة لمدير عام الشركة و بين أوامر المديرة العامة زوجتي بالمنزل ..كان صالح يجابه كل هذه الأوامر بكل صبر و تعقل و بكلمتين مقتضبتين : يقول حاضر سيدتي لزوجته و حاضر سيدي للمدير العام... تابع صالح شراء الأغراض الواحدة تلوى الأخرى بعد أن سجل أسماءها على الورق خوفا من أن ينسى إحداها ..... و ها هو الآن يصل للمنزل
خرجت حليمة على غير عادتها فتحت الباب قائلة لقد تأخرت كثيرا..الآن أنا مريضة إني أحس بدوران بالرأس لا أستطيع فعل أي شيء
أجابها صالح سأتكفل بإعداد الشوربة ونترك الباقي لما تتحسن حالتك إطمئني ... ثم دخل مباشرة للمطبخ ليشمر على ذراعيه و يشرع في إعداد الشوربة..ملأ الطنجرة بالماء البارد ثم وضع كل الأغراض دفعة واحدة إبتداءً باللحمة وصولا إلى الكرفس ... أشعل تحتها النار قائلا إن شاء الله تكون الشوربة لذيذة و إلاّ جعلت المديرة العامة ليلتي مشؤومة...بعد لحظات بدأت الطنجرة تغلي فوق النار و تردد قائلة : بك بك بك بينما كانت اللحمة ترقص على أنغامها سابحة فوق المياه التي شكلت رغوة بيضاء و موجات صغيرة تتقافز و ترش قميص صالح بين الفينة و الأخرى بوابل من الرذاذ المرقي ..لقد إرتبك صالح جراء هذه الرغوة البيضاء التي طفت فجأة فوق المرق إنها كتلك التي عادة ما يشكلها الصابون عند غسل الملابس و شككته في قدراته رغم أنه كان يرجع في كل مرة إلى زوجته المريضة و يستشيرها : كم أضع من الملح؟ كم أضع من الفلفل ؟ كم من الطماطم ؟.....حتى جف حلقها من كثرة أسئلته لتقول له :
( خلصني ) أحس بأوجاع في رأسي .... و بعد أخذ و رد بينه و بين غليان الطنجرة و هديرها أضاف صالح ملعقة كبيرة من الملح مع ملعقة من الزعفران و التوابل الحارة ثم أغلق مفتاح الغاز و قال :حضر الطعام هلموا هلموا يا صيام ..جلست حليمة إلى المائدة ممنية النفس بشوربة شهية و جلس صالح إلى جانبها يفتخر بما صنعت يداه.. بادرا الزوجان بالأكل .. صاحت حليمة عند أول ملعقة قائلة هذا ملح و زعفران لا حول و لا قوة إلا بالله ...
إحمرت أوداج صالح و رد عليها قائلا: أنها لذيذة سوف آتي على آخرها.......
بعد ساعة إستيقظ صالح من غيبوبة أصابته جراء شوربته اللذيذة ليجد نفسه في إحدى العيادات الطبية و الطبيب يسأله : ماذا أكلت؟ فيخرج له قائمة المشتريات التي ماتزال في جيبه و يشرع في تلاوتها عليه وهو في حالة إنهيار و بين اليقظة و الغياب : كيلو بصل كيلو ملح كيلو ....كيلو ...كيلو كيلو... تقارير .... و زعفران