قُلْ للكنانةِ عن محبوبِها خبَرا
هلاّ نظرتِ لثغرٍ يرسمُ الدُّررا ؟

فقبّليني إذًا ، أو فاخلعي أدبًا
ثوبًا عتيقًا ، سوى الآهاتِ ما ادّكرا

واستنْهضي همّتي ، ما رحتُ ملتمسًا
ثدْيَ الوفاء الذي غنّى له الأمرا

يجيءُ - والنيلُ لم يفتأ يُعانقُهُ -
كيما يُروّي بلُطفٍ لوعةَ الفقرا

أو يرتقي رائحًا أحلى المنى رِفَةً
كي يمنحَ الليلَ من أوصافهِ قمرا

يحكي لعينيه " كفر الشيخ " متخذًا
من وحيهِ نظرةً يهفو لها الشُّعرا

من همْسِ " بلطيم " ، بل من كلّ ساقيةٍ
بالودّ تشدو ، فشادتْ روحُها العِبرا

يا نبضَ قلبي ، أما للوصل من لغةٍ
تغني الأديب ، ليطوي الحزنَ والعَبَرا

يُهدْهدُ الملتقى في " الأزبكيّةِ " أو
عند " المعادي " وخدٍّ كالضحى سَفَرا

يروّحُ النَّفس في " الإسكندريّةِ " أو
في الأزهر الزاهرِ الميمون مُذ ظهرا

ما فاته موعدٌ ، لم ينسَ خاطرُهُ
بأن يمرّ على الأهرام مُستترا

ما كنتُ أنسى ضجيجَ الليلِ تبعثه
عيونُ رمسيسَ ، ما باع الصدى وشرى

أو أتّقي بابَ إسماعيل في مقلي
في يوم جادت لنا الأشواقُ ما نذرا

فقبّليني إذًا ، أو فاحملي جسدي
عساه يا مصرُ من بين الزحام يرى

رفاقَ أنسٍ أظلّ البينُ واردَهم
فلم أزلْ أسألُ التأريخَ معتذرا

عن كلّ ذي نَفَسٍ ما راء بهجتهم
وحوْجَمٍ منهمُ أهدى الندى عطِرا

أجوب في طرُقاتِ الصبر ملتفتًا
علّي أماهي بعيد الدمعةِ الأثرا

أو أترك الجَفْن يستقصي مواهبَهم
إن عزّ لي يقظةً أن ألثمَ الصُّورا

إيهٍ بلاد الأماني ظِلْتُ مُنتظرًا
آياتِ حسنكِ والأحلام والوطرا

روحي فداؤكِ فاسقِ اليوم منكسرًا
كاساتِ قربكِ ، هذا عمرُنا انحسرا

أهديتك الحرْفَ مشبوبًا ومفتخرًا
فقبّلي الصبّ ليلاً شئتِ أو سحرا