الهوية السورية- عربية أم مستعرَبة؟


كتبها: الدكتور احمــــد خليل
أوجـــــــزها: سردار رامــــان
علّق عليها: فيصل الملوحي
تقديم:

نشرالحوار المدني
في محور: المجتمع المدني العدد: 4360 - 2014 / 2 / 9- 04:28

موضوعاً عن:الهوية السورية- عربية أم مستعرَبة؟


ومع الإيمان بحريّة الرأي، أردنا أن نكتب ملحوظات تحاول أن تصحّح مفهومات عن تاريخ بلاد الشام استعان بها الكاتب ليطهّر حياتنا – حسب رأيه - من الصبغة العربيّة السائدة!!
وقد أرفقنا مع الردّ النصّ الأصل،إيماناً منّا بأنّ الردّ لا يكون مفهوماً إلا إذا اطلع القارئ عليه.

ملحوظات: كتبها: فيصل الملوحي

1 - انتشار العربيّة لغة ثقافة وعلم لم يمنع أحدا الاحتفاظ بلغته الأمّ، فما زلنا نسمع الكرديّة والآشورية والآراميّة والتركيّة...
2 – لا يستطيع أحد أن يقتلع إنسانا من جنسه، فمن ولد من أب كردي لن تستطيع وسائل العلم كافّة من تجريده من أبيه، وإذا سمعنا من يقول:هذا عربيّ فلا يقصد بها دائماً الجنس العربيّ، إذما هي الثقافة، فكتّاب الجزائر منهم من كتب بالعربيّة فسُمّي أدبه عربيّا، ومنهم من كتب بالفرنسيّة فسُمّي أدبه فرنسيّا، وهم هم جزائريّون، ولن يستطيع أحد أن ينزع عنهم هذه الصفة. والبربريّ يقول أنا عربي أي يتكلم العربيّة.
3 – وبهذا لا أدري لم يثيرون هذه الضجة يريدون بها أن يتنازع سكّان البلاد الذين عاشوا في وئام واحترام للآخر! أم هي ( مودة ) آخر الزمان! التي انتشرت كالهشيم لتقوّض أركان المجتمع، وتحرق الأخضر واليابس؟!
4 - نعم! الحقّ فيما يقول: لا علاقة مطلقاً لاسم ( سوريا ) بالعرب والعروبــة، وليس في معاجم اللغة العربيّة معنى لها، ولكن أين المشكلة!! نعم! هو اسم سريانيّ قديم، لكنّه مات منـــــذ خمسة عشر قرنا، و أحياه الاستعمار في العصر الحديث! كما أحيا اسم(فلسطين) اليونانيّ القديم!! إنّما نحن مع الشام وبلاد الشام التي لم تزد من قبل عن ولاية في قلب الوطن الأكبر!





الهوية السورية- عربية أم مستعرَبة؟

لاعلاقة مطلقاً لاسم(سوريا) بالعرب والعروبة، وليس في معاجم اللغة العربية معنى لكلمة (سوريا) بهذه الصيغة الأصل، ولا بالصيغة المعرَّبة (سورية).
إنّما سورية خليط من كنعانيين وأكاديّين وكِلدانيين وآشوريين وآراميين وحثّيين، وميتانيين".

يذكرعلم السكّان Sur le plan démographique Demographically أنّ سكان سورية الأصلاء يتكوّنون من فينيقيين على الساحل، وأموريين في الوسط والجنوب، والحوري- ميتّانيين (أسلاف الكُرد) في الشمال، ثم انضمّ إليهم آراميون وآشوريون وجاليات يونانية ورومانية.

و كان موطن العرب(البدو)في سورية قبل الإسلام يقتصرعلى البادية وبعض مناطق داخلية متاخمة للبادية، وكانوا يقيمون في بعض المواسم مخيّمات لهم على ضواحي المدن للبيع والشراء،

وكان أقوى حضورعربي في سوريةقبل الإسلام، للغساسنة في منطقة بُصرى جنوب سورية.

كانت سورية جغرافيا وسياسيا Geo-political=Gé-opolitique أواخر الألف الثالث قبل الميلاد جزءاً من المملكة الأكّادية. ثم سيطر الأَموريـــــــون (العَموريون) الغربيون على نصفها الجنوبي، وأقاموا فيها ممالك، منها مملكة ماري على الفرات،
ثم توغّلوا شمالاً وأقاموا مملكة يَمْحَد وعاصمتها حلب.
ومنذ بدايات الألف الثاني قبل الميلاد كان شمال غربي سورية موطناً للحوريين (من أسلاف الكُرد)، وكانت واشوكّاني(آشوكاني) Washukkanni أبرزعواصمهم تقع في أعالي نهر الخابور.
وفي القرن الخامس عشر قبل الميلاد خضع معظم شمالي سورية للنفوذ الحوري-ميتاني بدءاً من منطقة الجزيرة ضمناً إلى البحر الأبيض المتوسط. وفي القرون التالية هيمن المصريون على نصفها الجنوبي، ونافسوا الميتانيين على نصفها الشمالي، ثم انحدر الحثيون من الأناضول،ونافسوا الميتانيين والمصريين، ثم هيمن الآراميون عليها في القرن الثاني عشر قبل الميلاد،وأقاموا فيها ممالك كمملكة(بيت عَدِيني) في حوض الفرات،ومملكة (بيت أجوشي) في منطقة حلب وعاصمتها أرفاد (تل رفعت)،ومملكة حماه، ومملكة (آرام دمشق)، ثم هيمن الآشوريون على سورية في القرن السابع قبل الميلاد ، ثم تلاهم الكِلدان أواخر القرن السابع قبل الميلاد بعد القضاءمع الميديين على إمبراطوريةآشور،و تلاهم الفرس حوالي 539 قبل الميلاد بعد أن قضوا على مملكتي ميديا و بابل، وتلاهم اليونان بقيادة الإسكندر في القرن الرابع قبل الميلاد، وورثهاالسلوقيون اليونان عام301 قبل الميلاد،و تلاهم الرومان عام 64 قبل الميلاد، وتلاهم الروم البيزنطيون في القرن (4 م).
وفي عام (10 هـ= 633 م) انطلق العرب المسلمون من شبه الجزيرة العربية لفتح سورية، فأصبحت جزءاً من دولةالخلافة الراشدة، وتغلغل العرب داخل سورية، لكنّ عددهم بقي قليلاً قياساً إلى سكان البلاد، وما زال السكان يحتفظون بأنسابهم العربية القَبَلية،
ثم في العهد الأُمَوي
ثم في العهد العبّاسي
وفي عام (973 م) ضمّها الفاطميون إلى دولتهم (القاهرة)، ثم السلاجقة الترك في النصف الثاني من القرن (11 م)، ثم الفرع السَّلْجوقي الزَّنْكي بدءاً من (1127 م)،

ثم الكُرد الأيوبيون بدءاً من (1174 م)، ثم المماليك الترك بدءاً من (1250 م)،ثم المماليك الشركس بدءاً من (1382م)، ثم العثمانيون الترك بدءاً من (1516) م .

وطوال هذه العهود، وعلى امتداد خمسة آلاف عام، لم توجد في شرقي المتوسط دولة موحَّدة ومستقلة اسمها (دولة العربية سورية)

وحينما كانت سورية جزءاً من دولة الخلافة، كان سكّانها مزيجاً من الكُرد (أحفاد الحوري- ميتانيين) والآراميين (السريان)والآشوريين، والفينيقيين، ومن جاليات يونانية ورومانية في المدن الكبرى، ثم استقر فيها التركمان والأرمن،
وتعرضت لحملة تعريب ضخمة، بتأثيرعوامل سياسية واقتصادية وسياسية متشعّبة ، واستعرب كثيرمن سكانها، وأوّل من أنتج (دولة سورية) بحدودها الحالية في نصف القرن العشرين الأول، هي فرنسة بناء على اتفاقية سايكس- پيكو مع الإنكليز عام (1916 م)، واحتلوا سورية سنة (1920)، وأسّست فيها الاتحاد الســـــــوري ( الفيدرالي) سنة (1922)، ثم تحوّل الاتحاد إلى الدولة السورية سنة (1925)،
أي أن اسم(سورية) السريانيّ القديم لم يستخدم في التاريخ العربيّ الإسلاميّ، وإنّما أحيا الاستعمار لفظاً مات منذ قرون، كما أحيا اسم ( فلسطين ) اليونانيّ القديم,
ثم استقلّت سورية سنة (1946)باسم (الجمهورية السورية)،
ولم يُسمّها النخب الحاكمة باسم (الجمهورية العربية السورية) إدراكاً منهم بأن الوطن السوري ليس ملكاً للعرب فقط، وإنما هو ملك لجميع سكانها الأصليين

إن إقحام لفظ (العربية) في اسم الدولة السورية حدث في عهد الاختطاف القومي العروبي لسورية، وكان هذا الإقحام أحد أشكال اختطافها من شعبها، و( تطويبها ) باسم المكوّن العربي والمستعرب فقط، تمهيداً لفرض مشروع التعريب على بقية القوميات السورية، وإجبارها على الانسلاخ من هوياتها التاريخية العريقة، وأصبح مفروضاً على الكُردي والسرياني والآشوري والأرمني والتركماني أن يحملوا بطاقة هويّة مكتوب فيها(عربي سوري)، وهو (عربي)!!رغم أنفه، أمّا قبل عهد الاختطاف العروبي فكان يُكتب في بطاقة الهوية كلمة (سوري) فقط.

هذه هي حقيقة سورية الجغرافية السياسية Geo-political=Gé-opolitique، وكلُّ مَن يطلق على سورية اسم(العربية السورية)يرمي حقائق التاريخ وراء ظهره، وليس هذا فحسب ويُعَدّ الإصرار على فرض الهوية العروبية على السوريين جريمة اختلاس من المنظور الحقوقي، ومن واجب الشعوب السورية جميعا-بما فيهم العرب والمستعربون-أن يناضلوا معاً ضدّ الاستمرار في ارتكاب هذه الجريمة.