ما الذي يريده هؤلاء من أنفسهم ومن الآخرين؟!

عندما انتقدُ المعارضة المصرية وما آلت إليه "موجة" اعتصامات 30 حزيران، والإعلام المتخندق مع فريق ضد آخر، والتحالف البغيض بين رأسمالية الفلول، ومخلفات الوظيفية العربية، وبثورِ الإمبريالية الصهيونية المتقيِّحة التي استخدمت آلام الفقراء وطموحات الثوار الشباب للتأسيس لمشروع تعمى عنه كلُّ الأعين المصابة بقصر النظر.. عندما أفعل ذلك، أسمع تقريعا يتهمني بأنني أصبحت ظلاميا أدافع عن الشوفينية والفاشيستية الإسلاموية، وعن مفاصلة سيد قطب الشعورية في الإخوان المسلمين، وفي فصائل الإسلام السياسي، التي أذكر ذات سلسلة من المقالات أنني تنبأت لها بأنها "ستنقرض" بسبب أنها لم تعد مؤهلة للتحدث باسم الإسلام المطلوب لاختراق الزمن المقبل.. (!!)

وعندما انتقد الرئيس مرسي والإخوان المسلمين، وأعبِّر بتلقائية وثقة ويقين عن رأيي فيهم، بالتأكيد على أنهم أثبتوا أنهم لا يصلحون إلا أن يكونوا وُعاظ مساجد غير محترفين، وألا علاقة لهم بالسياسة وبإدارة الدول والشعوب، وبأنهم بأخطائهم الشنيعة في مصر هم الذين سهَّلوا على الفريق الآخر مهمته في تمرير أجندته التي أوصلت مصر إلى ما وصلت إليه، مؤكدا في الوقت ذاته على عدم قناعتي برؤيتهم في شكل الدولة ونظام حكمها، وفي فهمهم للشريعة الإسلامية، مؤكدا في نهاية الأمر على أنهم ليسوا من الناحية الاقتصادية سوى رأسماليين يحملون مسابح ويطلقون اللحى ويرتادون المساجد، أجد من يخرج عليَّ متهما إياي بأني ملحد متطرف، وبأني مادي يساري أعيش في غيابات الماضي، و.. و.. و.. مع أنني أذكر ذات سلسلة من المقالات نشرتها قرأها الجميع، تأكيدي على أنني لست لا ماركسيا ولا ليبراليا إلى جانب أنني لست من أتباع الإسلام السياسي، متبنيا منهجا اقتصاديا أقمته على نقض "نظرية فائض القيمة" الماركسية، وعلى التأسيس لنظرية "تداول الثروة" القرآنية (!!)

لست أدري لماذا لا يريد هؤلاء – وأقصد من ينتقدني من الطرفين – أن يفهموا أنني مع أيِّ حل أو فصيل أو طرح يجنِّب مصر سفك الدماء، وانقسام الشعب المصري، وخلق المواجهة بين الجيش وأيِّ فصيل مصري تحت أيِّ عنوان أو مسمًّى..

نعم أنا مع أيِّ حلٍّ يحقق ذلك، لأنني حيثما تجولت بذاكرتي أبحث فيها عن بقايا قوة عربية قادرة على منحنا الأمل بعد الذي حصل في سوريا وفي العراق، وفي فلسطين، وفي غيرها، لا أجد سوى "مصر"..

أكثير عليَّ أن أطمح إلى وجود عقلاء وحكماء يضحون بـ "أناهم" مهما كانت، لإنقاذ البقية الباقية من "أطياف الأمل"؟!