تحية عرفان وإكبار لمعلمي الوطن في عيدهم
دور جوهري في بناء الأجيال وإعداد الإنسان


آذار شهر الخير والبركة والجمال فيه تزهر الاشجار وتتفتح البراعم ويضفي الله فيه على الطبيعة الدفء والهواء العليل والزهر الجميل الفتان.
وشهر آذار شهر الربيع والاعياد يحتفل فيه بمحطات رائدة وذكريات خالدة، ومن هذه المحطات ذكرى عيد المعلم العربي حيث التطلع دائماً الى مستقبل باهر لابنائنا والفضل الاول في هذا الامر يعود الى دور المعلم في تنمية وتثقيف وتشذيب الطلبة لخلق جيل عربي مؤمن بعروبته، متحل بالعلم ومتسلح بالثقافة ليكون القاعدة القوية والمتينة لمجتمع افضل ذاك ان عظمة اية امة تقاس بالعلم والمعرفة والوعي الاجتماعي، فبالمعرفة والثقافة تتقدم المجتمعات وتنهض الامم وتتطور وتبلغ اعلى المستويات في ميادين الرقي والتقدم.
واذا كان العلم هو السبب في تحقيق طموحات الامم وتقدمها، فإن المعلم هو الذي يعد الانسان المنتج والمبدع ويؤهله في مراحل التعليم كافة، انه كالشمعة التي تذوب لتنير الطريق، يتعب جسده ويجهد مشاعره، يبحث ويفتش ليقدم المعلومات الى تلاميذه من اجل بناء الانسان القادر عقلياً ونفسياً وعلمياً على خدمة وطنه.. يقول القائد الخالد حافظ الاسد:« المعلمون بناة حقيقيون لانهم يبنون الانسان والانسان هو غاية الحياة وهو منطلق الحياة» وتكريماً للمعلم وعرفاناً بجهوده في تنشئة الاجيال تنشئة صالحة كان هناك عيد للمعلم العربي انطلاقاً من الدور الجوهري الرائد لبناة الاجيال في اعداد الانسان وتأهيله في مختلف مراحل التعليم والتربية وهذا ما اكده المعلم الاول القائد حافظ الاسد بقوله:« ان اهم العناصر في معارك الحياة ومواجهة الاخطار هو الانسان، فلنستمر في بناء الانسان المؤمن بوطنه ،الصوفي في ارضه ،العاشق مجد بلاده، لنبن الانسان الذي يبحث في خلود شعبه، لنبن الشهيد الحي انه كنز الحياة وتراث الخلود، لنعلم اولادنا الايثار لا الأثرة ،لنعلم اولادنا الغيرية لا الغيرة».
المعلم هو الانسان الذي عطاؤه ينبوعاً لايجف ، يتغذى الناشئة من عصارة فكره وينهلون من معين علمه ويغرس في النفوس حب الوطن ومكارم الاخلاق، يملأ الرؤوس شهامة والنفوس فضائل والعقول ابداعاً، يعطي من جهده وفكره لتكوين المواطن الصالح المنتج المحب للعمل المؤمن بالنظام سلوكاً وممارسة، يتفانى في حمل مشعل العلم يبدد عتمة الجهل من عقول الناشئة.
وللمعلم دور اساسي في بناء المجتمعات فهو المحرك الفاعل في الثورات الانسانية ضد التخلف والظلم والفقر بما يغرسه في نفوس الناشئة من قيم وفضائل تجعلهم قادرين على متابعة النضال الوطني بكل جوانبه والمعلمون هم الطليعة التي لها الفضل في تغيير الواقع المتخلف تغييراً جذرياً لبناء مجتمع التقدم والازدهار فهم اصحاب رسالة، يقول القائد الخالد حافظ الاسد:« إن المعلمين واقعاً وحقيقة هم مشاعل نور في بلدنا قبست منهم الاجيال العددية، ونهلت منهم العلم والمعرفة وقد وجد فيهم شعبنا رواداً في مجال التربية والتعليم وطلائع في النضال الوطني فكان للمعلمين في هذا النضال دور متقدم اذ جعلوا من مدارسهم مراكز إشعاع وطني وقومي، بل كانوا مشاركين الجماهير في ساحات النضال مصارعين الاستعمار وقوى القهر والاستغلال، وكان منهم شهداء عديدون قضوا مناضلين في سبيل حرية المواطن وحرية الوطن» .
فقد أدى المعلمون عبر تاريخهم الطويل مهاماً نضالية خالدة وتحملوا شتى صنوف الظلم والاضطهاد في سبيل نشر العلم والتربية بين الجماهير وكانت تعاليمهم لدفع الحماس وروح النضال وحب الوطن بين الاجيال، لقد التزموا منذ بدايات «البعث» بنشر مبادئه وأهدافه بين طلابهم وكانوا يقودون الاضرابات كطليعة ثورية مثقفة واستطاعوا بنضالهم وجهودهم ان يحققوا مكسباً لهم بصدور قانون نقابة المعلمين رقم 187 تاريخ 5/6/1960 الذي يعتبر تحولاً كبيراً في تاريخ المعلمين.
لقد اولت ثورة البعث وخاصة بعد قيام الحركة التصحيحية المباركة المعلم والعملية التربوية كل اهتمام، فتطور النضال النقابي واتسعت قاعدة المعلمين عبر تنظيمهم النقابي وصدور المرسوم رقم 82 لعام 1970، الذي حوّل نقابة المعلمين الى منظمة شعبية كي يتاح للمعلم ان يأخذ دوره الفاعل والمهني في الحياة النقابية والسياسية للمشاركة في بناء المجتمع والدولة وتدعيم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي وتطوير العمل التربوي، وبصدور القانون رقم 10 لعام 1982 يكون التنظيم النقابي قد احتل مكاناً بارزاً على الساحة النضالية والتربوية والتعليمية.
ومن هنا يدرك المعلمون مسؤولياتهم الكاملة ويتخذون من المنهج العلمي اسلوباً في البحث والتفكير والعمل لاعداد اجيال الوطن وتطوير المجتمع وتعزيز امكاناته والارتقاء بكفاءاته العلمية ليرقوا به الى معارج الحضارة والتقدم في عصر المتغيرات المتسارعة تقنياً واختراعاً، فتتسامى تطلعاتهم وطموحاتهم ايماناً بأن تطور الامم وتقدمها مرهون بما يغرسونه في نفوس الناشئة من حب للمعرفة وامتلاك لأسباب العلم والابداع لانه اساس كل تقدم وتطور وهذا ما أكد عليه القائد الخالد حافظ الاسد بقوله:« بالعلم والمعرفة نصعّد امكانات الفرد والامة، وبالعلم والمعرفة نستكشف الابعاد الحقيقية للقيم النضالية الحياتية كالوطنية والكرامة والغيرية والشهادة ونعرف كيف نجسدها ونضعها في مكانها الصحيح».
لقد استطاع المعلمون ان يؤدوا مهامهم النضالية والتعليمية والتربوية على اكمل وجه، يقول القائد الخالد حافظ الاسد:« كنتم فكانت مدارسكم منارة يعبر الناس من خلالها من الظلام الى الضياء، من العتمة الى النور، ومن الجهل الى المعرفة»، انها رسالة سامية جعلت من المعلمين مشاعل نور يزيلون عن طريق الناشئة الجهل والتخلف ويغرسون فيهم حب الوطن والعلم والتحصيل العلمي، وفي اطار التنمية الشاملة تولي القيادة العملية التربوية اهتماماً كبيراً بصفتها الاداة الفاعلة في عملية البناء الاقتصادي والاجتماعي ولاسيما في عصرنا الراهن الذي يتسم باتساع المعرفة والثورة التكنولوجية المتسارعة، الامر الذي يستدعي ايجاد الصيغ التربوية المتطورة والقادرة على مواكبة المستجدات العلمية والتربوية والتفاعل معها وتوجيهها لخدمة اهداف التنمية الشاملة، والمعلم هو حجر الاساس في العملية التربوية ولهذا يجب ان ينال كل تقدير واحترام وأن يكون موضع العناية والرعاية والتقدير فمهنته اشرف المهن لانها ابعدها عن الانانية واشدها انكاراً للذات.
تحية لمن يسهر ويعطي ويزرع في النفوس القيم النبيلة وحب الوطن.. تحية لكم ايها المعلمون في عيدكم ،بوركت جهودكم وكل عام وأنتم بخير.

ابراهيم أحمد



جريدة البعث