هل أصبحت هدية عيد المعلم من العادات والتقاليد في مدارسنا !؟

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
المصدر مصطفى رستم
12 / 03 / 2007
يبرز فيها التفاوت في المستوى المعيشي والاجتماعي!

هل أصبحت هدية عيد المعلم من العادات والتقاليد في مدارسنا !؟

استوقفتني تلك اللافتة الجميلة التي وضعها طلاب كلية الصيدلة في جامعة حلب وفيها يقدّمون التهاني لأساتذتهم في الكلية بعيد المعلم، ولعلَّ قراءة هذه اللافتة التي توضَّعت في بهو الكلية كانت المحرّك للعودة بذاكرتي لمقاعد الدراسة الخشبية في مدرستي وإلى اللوح الخشبي و(الطباشير البيضاء) وإلى ذكريات الاحتفال بعيد المعلم....





"عيد المعلم" وما له من ذكريات ومشاعر جميلة صادقة يبقى الاحتفال بعيده أمراً في غاية الأهمية، إذ نحتفل بتلك الشخصية التي تعلم وتربي وتصنع رجال المستقبل.

وفي هذا العيد لابدَّ من الاحتفال بتلك الشخصية العظيمة وبعطاءاتها، لكن في هذا اليوم توجد بعض المظاهر التي لابدَّ من التوقف عندها لمراجعتها ودراسة انعكاساتها ومنها أنه اعتاد أغلب المعلمين والمعلمات على استقبال هدايا من تلاميذهم في العيد، وهذا أصبح أمراً دارجاً وخاصة في المدارس الابتدائية !!



عادة

السيدة فدوى (36) عاماً تؤكد لنا أنها في كل عام تشتري لأبنائها وبناتها في عيد المعلم الهدايا، ولكن بما يتناسب مع الحالة المالية وتقول: "أولادي يصرُّون عليَّ لشراء الهدايا رغم عدم رغبتي بذلك لأن المعلم يقوم بواجبه بإعطاء الدرس لتلامذته، لكن أصبح تقديم الهدايا في هذه المناسبة عادة، وأعرف على سبيل المثال عدداً من الأسر تحضر الهدية التي لابد أن تكون ثمينة، وهذه الهدية كما أعلم من وجهة نظر بعض أولياء الأمور أنها للاهتمام أكثر بأبنائهم، فأختي مثلاً قد اشترت منذ البارحة (طقم من الفناجين) بقيمة ثلاثة آلاف ليرة لتقدّمها لمعلمة ابنتها".



مستوى المعيسة

الهدية التي تقدَّم إلى المعلم أصبحت عادة، خاصة في المدارس الابتدائية مع تضاؤلها كلما انتقلنا من مرحلة إلى أخرى حتى تنعدم في المرحلة الجامعية، في حين إن بعضهم يرى في بعض المعلمات أو المعلمين أنهم يؤكدون على إحضار هذه الهدية من قبل التلاميذ، تحدث الشاب حسام الشامي (23) عاماً طالب جامعي قائلاً:

"أتذكر أننا كنا نقدّم الهدية لمعلماتنا ومعلمينا وبهذه المناسبة أقول لكل أساتذتي ـ كل عام وأنتم بخيرـ والهدية كانت ضمن إمكانيات أسرتي المتواضعة، إما زجاجة عطر، أو قطعة قماش صغيرة، ولكن كانت بعض المعلمات يؤكدن علينا بإحضار هذه الهدية، ولا أخفي أنني وفي الوقت الذي كنت فيه طفلاً صغيراً وعندما أشاهد هذه الهدايا كان يبرز التفاوت بالمستوى المعيشي بيني وبين أصدقائي في المدرسة عندما كانوا يقدمون هدايا غالية الثمن عن الهدية التي أقدمها".



العودة للذكريات

وفي لقاء مع معلمة ـ طلبت عدم ذكر اسمها ـ حول عيد المعلم وما هي أنواع الهدايا التي يحضرها التلاميذ، وكيف تنظر إلى عيد المعلم وإلى الهدايا التي تأتي إليها خاصة أنها تدرس في مدرسة ابتدائية حيث تقول:

"قد يستغرب القارئ من معلمة تنتقد عيدها، ولكن ظلَّ هذا العيد على مدى السنوات الماضية يحمل رتابة معينة، وأصبحت غير مقبولة لدى الهيئة التعليمية، فمنذ سنين وفي عيد المعلم وصلتني بطاقة مكتوبة على ورق وبعضها مزخرف بأعمال طلائع البعث وكانت فرحتي عظيمة بتلك الهدية، فالأطفال لا يهمهم إلا التقرب من المعلمة، وقد تكون الأمور عادية لمن عنده طفل واحد في المدرسة، ولكن إذا كان أكثر من ذلك، ولا يملك الأب قيمة الهدية فماذا يفعل".

وتتابع المعلمة حديثها، بسرد قصة حدثت معها في إحدى المتاجر لتقول:

"سمعت ذات مرة وأنا في متجر طالبة تقول لأمها لن أذهب للمدرسة إذا لم أحصل على هدية لمعلمتي، ولن تكون هدية ابنة خالتي أفضل، وأصرَّت الطفلة على شراء زجاجة عطر بقيمة 750 ل.س والأم لا تملك قيمتها، ونزولاً عند رغبة طفلتها اشترتها بالتقسيط، وهي تتجرَّع آلامها على مضض، وحملتها ابنتها كأنها تحمل ورقة علامات مزدانة بدرجة ممتاز".



موقف لا ينسى

وهنا المعلمة تستذكر إحدى المواقف في يوم عيد المعلم فتضيف قائلة:

"لقد فوجئت بالهدايا التي قدِّمت لي في عيد المعلم والطالبات يتبارين بتقديم الأفضل، ولكن هناك موقف لا أنساه، حيث ركضت إحدى الطالبات، وقد نالت لقب رائدة على المنطقة في مادة اللغة العربية وضمَّتني ودموعها تنساب من على وجنتيها وهي تقول "والله يا آنستي أنا أحبك أكثر ممن قدم لك الهدايا، ولكن لا أملك نقوداً لأقدم لك هدية".

وبعد الانتهاء من الدرس رددت الهدايا قائلة لطالباتي قبلتها شاكرة وأعيدها لكن شاكرة وهديتي هي أن تحصلن على علامات عالية لأفاخر بكن في المستقبل".





بائع الهدايا

وهنا القصة لم تنته... فالبائعون ينظرون إلى هدية عيد المعلم كموسم خاص يتفاوت بين حي وآخر حسب مستواه المعيشي، ففي بعض الأحياء لا تقتصر الهدية على شراء زجاجة العطر بل أكثر بكثير، أحد البائعين تحدث لـ "بلدنا" قائلاً: "خلال ثلاثة أيام بعتُ ما يعادل مبيعات العام كاملاً من العطور وحبسات الشعر والعقود والأساور، وهذه الهدايا صغيرة لفقر أهل الحي وصغر المدينة".

واستطرد التاجر: "أن أخته مدرسة لغة إنكليزية وصلت إليها هدية من إحدى الطالبات في عيد المعلم قبل سنوات وهي بطاقة طائرة ذهاباً وإياباً إلى قبرص وإقامة في فندق انترناشيونال لمدة أسبوع".



تهنئة

"كل عام وأنتم بخير" نقولها لكل أساتذتنا ومعلمينا.. وفي نهاية هذه الإطلالة السريعة التي تناولنا فيها الهدية في عيد المعلم لابدَّ أن نقول إنه يوجد معلمون أفاضل يبذلون الغالي والرخيص لبناء الإنسان والجيل وهديتهم في عيدهم أن يروا طلابهم وتلامذتهم ناجحين ومتفوّقين.

آخر تحديث ( 12 / 03 / 2007 )