بـِلا بنطال... بـِلا مايـّـوه !!!
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
من بين الجثثِ التي كانت تطفو على نهرِ الميسيسبي ,, تمَّ انتشال إحداها ، و ما زالَ نبض الحياة ينبض في ثناياها ....
و قد قام أبو عبدو الحلبي بإجراءِ الاسعافات الأولية لِــيُنـْقل المصاب إلى إحدى مشافي مدينة "سانت لويس" عبوراً بـ "قوس المدخل" الشهير للمدينة الذي يتجاوز ارتفاعه 190 متر.. ، و في المشفى ، و بعد المعاينة و الإنعاش بدأ المصاب يروي للممرضين و الممرضات كيف دخل عالم البرزخ ، و هو ما بين الموت و الحياة ، و أن الحرب الأهلية الأمريكية التي استمرت من عام 1861 إلى 1865 ليس بشيء أمام أحداث رؤيته في ذاك العالم البرزخي العجيب ...
بدأ يقصّ المصاب على طاقمِ المشفى ، و آذانهم صاغية إلى نبرات صوته المتشنجة من تلك المحنة التي لاقاها ،، فأخذ يسرد قائلاً بأنَّ تنظيماً عسكرياً قد جعل مقر جهاده ـ إن صحّ تعبير الجهاد ـ في ولاية ميسوري الأمريكية ، فضاقت الأحوال الاقتصادية عامة ً، و ضاقت الدنيا عليه بما رحبت خاصة ، فقصد باب التطوع ليصبح من مُريدي الشيخ "فريقع بن قريقع" الذي أحل نكاحَ الغلمان ، و العبث مع الصبيان..
و قد سأله الشيخ "فريقع" : ما اسمك..؟
فأجاب : مارك أبو دهشة.
فقال له : سندهشك يا مارك ، و سنعلمك قطع المسيسبي و الأمازون ، و فـكّ الدِكـًّةُ و سحسلة البنطلون!!
ثم غمزه و تابع قائلاً : البيت فاضي ،، ،و الشب رياضي...
ففهم "مارك" قصد "فريقع" و قال له : أنا مش فاضي,, أنا مش راضي ...أنا مش بتاع الكلام ده..
فقال له "فريقع" : أنا شيخك ، و أذنت لك ، فقط بــ (التكبير) كبـِّر ثلاثاً ، و يَحِل لك ما هو محرم على غيرك ...
كبـِّر على السبايا و الصبايا يصبحن زوجاتك ، و كبـِّر على أختك تحل لك فقط بــ (التكبير)...
كبـِّر على من يشهد أن لا إله إلا الله يصبح نعجة بإذن الله جاهزة للذبح بنظرية التكبير...
و مازال دماغ مارك يغسل بـ "التايد" و "الكلوراكس" حتى أصبح قائداً نظيفاً لسرية الهاون ، وهو مقتنع من شيخه أنه أينما تسقط القذيفة الذكية و تقتل فهو لا يؤاخذ بعمله البطولي ، و أنَّ الضحايا الأبرياء ليسوا في رقبته لأنه قد كبـَّر على الهاون...
و بدأت المعركة الطاحنة بين الطرفين ، و اشتد وطيسها ، و لكن تشاء الأقدار في ذلك العالم البرزخي أن يدرك "مارك" أنه ليس الوحيد الذي يستخدم (فرضية التكبير) ، فكل الأطراف المتصارعة تستخدم (فرضية التكبير) على بعضها البعض ، و كأنها نظرية قد تم برهنة صحتها ..
الحقيقة أن مارك اكتشف بطلان الفرضية ، و أن الذخائر كلها غبية ، و غالباً تخطئ الأهداف ، و ممكن جداً أن تصيب صحون المهلبية !
فمن طلقة المسدس (متــ ْبلا خوف) الغبية التي تقتل جاره و أخيه و حتى أبيه...بالتكبير فقط..
إلى طلقة رشاش ( كلاشيـ معكـوف) الذي يطلق رشاً و دراكاً ليبيد جماعات و فرادى ...فقط بالتكبير...
و إلى تلك القذائف الهاون المحلية الصنع و المستوردة و المستولى عليها و الفاسدة أصلاً تسقط بغباء فتقتل ، و تدمر ، و حلالٌ على القاتل الذي كبـَّر عليها قبل اطلاقها..
و أما الكارثة فقذيفة صاروخية من طائرة 23) PIG) تسحق بالتكبير ، و تحصد بعملية نوعية بإحداثياتها الذكية أطفالاً و نساءً ، و زهوراً و أوراقَ الربيع...
و آخرها صاروخ "كول هوا و سكوت" يمحو حارة تلو الحارة دون عناء أو عصرة ذكاء..
حقاً هي ذخائر استراتيجية!!
ثم تساءل مارك لما انقسمت مدينة "سانت لويس" إلى شرقية و غربية ،، و الفاصل بينهما المسيسبي ، و الواصل إليهما ذخائر أسلحة الدمار السكسونية ...تــرى لصالح من هذا الانقسام و الابادة الجماعية؟!
و فجأة قرر مارك بعد استفتاء قلبه أن يصلي ركعتين ، و قال في نفسه لن أكون من القوابيل الذين يستبيحون دماء الهوابيل فألقى سلاحه ،، و لكن إلى أين يتجه ؟؟ فكلا الطرفين يريدون امساكه من "لغلوغه"...
فجماعة الشيخ "فريقع" تلاحقه لإقامة الحد عليه و قطع رأسه ، و رميه بالمسيسبي لخيانته العظمى...
أمّا جماعة تبويس الخدين ، و نتف الشاربين تريد دغدغته من رموشه و جفونه ، و شرم الأذنين ،، و كذلك إلقائه من شاهق إلى المسيسيبي بطرفة عين...
ركض مارك هارباً من الطرفين ,, لينجو بحياته إلا أنه حوصر وسط جسر James B. Eads"" الواصل بين الضفتين ،، و النهر من أسفله يفصل المدينة إلى قسمين متناحرين ،، و حين و جد نفسه أنه لا مفر من بطش الجماعتين ،،، ألقى بنفسه إلى النهر الجاري داعياً :
" يا رب ,, يا من مرج البحرين ،، خلصنا من بطش الاثنين"
ثم أغمي عليه ...و لم يعد يدرك ماذا حصل معه...
انتهى مارك من روايته لرؤيته و حلمه البرزخي مع استغرب الممرضين و الممرضات.. ، و أدركوا أنها قصة محشش خيالية ، بعيدة عن الواقع تماماً ، و هي لخبطات من أثر صدمة سقوطه في النهر ، فمدينة "سانت لويس" مازالت بخير...و الحمد لله...
أما أبو عبدو المنقذ الحلبي بعد أن اطمئن على المصاب مارك غادر المشفى و آخر كلماته للسيد مارك كانت بلهجته الحلبية :
" سلامتك خيّو ،، تاني مرة شلاح بنطرونك!!
إيشي محسّب هدا مسيسبي مو نهر قويق...
الله يصلحك إذا ما بـ ـتعرف تسبح خيـّو...
خدلك تاني مرة شامبريه و مَـــايـّوه.."
شامبريه: دولاب هوائي للسباحة
بقلم : فادي شعار