‎| انطاكيه.... من الحصار الي المذبحة [1] |

وجاء الصليبيون بحدِّهم وحديدهم! وأحكموا قبضتهم حول المدينة ! وكان بالمدينة عددٌ كبير من النصارى الأرثوذكس والأرمن؛ وتقول الرواية اللاتينية أنهم خرجوا من المدينة بمجرَّد قدوم الجيوش الصليبية، وأمدوهم بأسرار كثيرة عن مداخل المدينة ومخارجها ووسائل الدفاع وكميات المؤن وأعداد المقاتلين، وما إلى ذلك من معلومات تسهِّل فتح المدينة وكان ياغي سيان حاكم انطاكيه التركماني قد أعدَّ المؤن الكثيرة التي تكفي الحياة المدنية لمدة طويلة من الزمن....

وكذلك استعد الصليبيون بكميات من المؤن جمعوها من القرى المجاورة عن طريق السلب والنهب كما وصل إلى ميناء السويدية عند مصب نهر العاصي (وهو ميناء قريب جدًّا من أنطاكية) أسطولٌ جنويٌّ يحمل إمدادات مهمة للصليبيين وفوق ذلك فميناء اللاذقية القريب أيضًا كان قد وقع تحت سيطرة القرصان البولوني ونمار، وكان يمد الصليبيين بما يحتاجونه من مؤن. وهكذا أغلق الصليبيون الطرق المؤدية إلى أنطاكية وسيطروا على الموانئ الغربية، ولم يعد أمام المسلمين المحاصَرين إلا ما هو داخل المدينة من مؤن وسلاح....

من داخل المدينة المحاصَرة أرسل ياغي سيان رسائل تطلب النجدة من زعماء الإمارات الإسلامية المجاورة ومرت الأيام ثقيلة على الطرفين؛ فالمدينة المحاصَرة لا يصل إليها أي إمداد خارجي، وكذلك الصليبيون يمرون بأزمة واضحة؛ إذ إن الجيوش هائلة، والمؤن ليست كافية في هذه المنطقة المحدودة، وهم لا يستطيعون الابتعاد كثيرًا عن أنطاكية؛ لكي لا يعطوا فرصة للمحاصَرين أن يخرجواوهكذا صار الحصار صعبًا على الصليبيين كما كان صعبًا على المسلمين، غير أنه كان على الصليبيين أشق وأصعب وقد دخلت الأشهر الباردة، وهم في العراء يعانون الجوع والبرد....

وينبغي ألا نغفل زاوية مهمة، وهي أن بوهيمند الذي تاقت نفسه للسيطرة على المدينة هدد في إحدى المراحل الحرجة من الحصار بالإنسحاب، مالم يوافق الصليبيون على أن يجعلوا المدينة له من بعد سقوطها وعندما رضوا بذلك قرر بوهيمند البقاء ومواصلة العمليات الحربية ولا شك أن ذلك يثبت لنا أنه أمام أسوار أنطاكية وخلال تلك المرحلة المبكرة من بدايات الغزو الصليبي لبلاد الشام ظهرت الروح البرجماتية لدى قادة الحركة الصليبية على نحو عكس أن من زعم أنه كان من جند المسيح كانوا شرهين للسلطة والنفوذ والمال .و بدأ بوهيموند بعد ذلك في استفزاز القائد البيزنطي تاتيكيوس، وبدأ ينكر أي جهود بيزنطية في المساعدة، بل بدأ يفعل ما هو أخطر إذ أشاع أن هناك تنسيقًا سريًّا بين تاتيكيوس والأتراك المسلمين وهنا شعر تاتيكيوس بالخطر على نفسه، فانتهز الفرصة وهرب ليلاً إلى قبرص عن طريق ميناء السويدية وهكذا تحقق هدف بوهيموند في إبعاد الدولة البيزنطية عن الساحة على الأقل عند لحظات سقوط أنطاكية، وبذلك يضمن أن تكون له لا لغيره...

وبدأ بوهيمند يحكم القبضه علي انطاكيه بهذا الحصار الطويل ...

[ المصادر : قصة الحروب الصليبيه السرجاني و دولة السلاجقه الصلابي و سلسلة الحروب الصلييبيه للدعيج ] .

*ع*












نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
‎| انطاكيه.... من الحصار الي المذبحة [2] |

( الحربه المقدسة )

اثناء هذ الحصار الطويل حاول بعض الكهنه والاساقفه انتزاع اليأس والخوف من قلوب الصليبيين المحاصرين لأنطاكية ورفع روحهم المعنوية لمواصلة القتال والمصابرة فيه وذلك عندما صدقوا الرؤيا التي اختلقها أحد صغار الصليبيين ويدعى بطرس بارثليميو الذي أخبرهم بأنه رأى في رؤياه أحد القديسيين يخبره بأن الحربة التي طعن بها المسيح في جنبه ، مدفونة في كنيسة القديس بطرس بأنطاكية، وأنهم إذا أخرجوا هذه الحربة وحملوها أمام جيش الصليبيين فسيحصل لهم النصر ، فكان لتصديق هذه الرؤيا وظهور الحربة المقدسة تأثيره البالغ في ازدياد حماس الصليبيين واندفاعهم لقتال المسلمين يتقدمهم حامل الحربة المقدسة ....

وقام الأسقف أهيمر يخطب في الصليبيين ويحثهم على القتال بكل شجاعة محاولاً نزع الخوف من قلوبهم، قائلاً لهم : أنتم الآن متطهرون وتائبون لله، فمن أي شيء تخافون ؟ إن من يموت منكم سيكون أسعد ممن عاش، لأنه سيغادر هذه الحياة الفانية إلى ملكوت الخلود، أما من سيعيش فسوف ينتصر على أعدائه، وسيغتني من غنائمهم، فلتتشجعوا فإن القادر المقتدر سيرسل لكم كتائب من السماء لتنتقم من أعدائكم وسوف ترون هذه الكتائب بأعينكم، فلا تخشوا الأصوات الرهيبة التي سوف تحدثها حولكم، إنها جاءت لنجدتنا بعدما أحدق بنا الخطر، انظروا إلى أعدائكم وهم يتطلعون إليكم في رعب يسوع المسيح، وليكن القادر على كل شيء معنا ...

ويضيف صاحب كتاب أعمال الفرنجة أن الأساقفة والقس والكهنة والرهبان قد ارتدوا حللهم المقدسة وخرجوا حاملين الصلبان ممجدين الرب، ومبتهلين إليه أن ينقذهم من كل شر، بينما اعتلى آخرون الباب رافعين الصليب في أيديهم، ورسموا عليهم علامة الصليب وباركوهم ولما تجهزوا وتدرعوا بالصليب خرجوا للقتال . ونتيجة لهذا الدور الحماسي الذي قام به رجال الدين المسيحي في تشجيع الصليبين بأنطاكية ازداد الصليبيون ثقة في أنفسهم .[ دولة السلاجقه للصلابي بتصرف ]

* ع *







نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي