المصطلحات تفتح أفق اللغة العربية إلى لغة تواكب العصر الصعب
محاضرة حضرتها واتمنى مرافقتي في متابعة مافيها من قيمة عالية

المصدر بلدنا
28 / 02 / 2007
جرى في "اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين" مساء الثلاثاء الماضي محاضرة بعنوان "منهجية وضع المصطلح العلمي و الحضاري" قدمها الباحث والمدقق المترجم "شحادة الخوري"، حضر هذه المحاضرة عدد من الكتاب والباحثين والشعراء، منهم "عيسى فتوح"، "يوسف عبد الأحد"، "محمد نذير الحلبي"، "جورج ميسي"، القاصة "هدى حنا"، والمحامي "نزار سعيد".....


"شحادة الخوري" من مواليد بلدة "صيدنايا" عام 1924، في معهد الحقوق العربي عام 1944، ونال إجازة اللغة العربية من جامعة دمشق، ودرس في مدينتي "حلب ودمشق"، شارك في تأسيس رابطة الكتاب السوريين التي تحولت إلى رابطة الكتاب العرب عام 1954، عمل في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وفي وزارة التعليم العالي، وصرف اهتمامه إلى شؤون الترجمة والتعريب والمصطلحات العلمية، وأسهم في مراجعة وتقديم المعجم العربي الأساس الصادر عام 1989، شارك في العديد من المؤتمرات والندوات الاجتماعية والثقافية والفكرية واللغوية محلياً وإقليميا ودولياً، من أعماله الثقافية "تاريخ الأمة العربية من الجاهلية حتى اليوم"، ترجمة فصول من كتاب "الاتجاهات الرئيسة للبحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية" الصادر عن مؤسسة "اليونيسكو"، له كتب عديدة في تعريب التعليم العلمي والصيدلي في الوطن العربي وهو من رواد التعريب للعلوم التكنولوجية والطبية ، له أيضاً "تعريب التعليم العالي وصلته بالترجمة والمصطلح"، له بحدود الثلاثة والثلاثين كتاب، كتب عنه في العديد من الكتب والدراسات والأبحاث، وهو رئيس "اتحاد المترجمين العرب".
موضع المحاضرة ركز بشكل أساسي على العصور الموغلة في القدم التي ترجع لها اللغة العربية، وما حملته معها من تراث الأجيال المتعاقبة عقيدة وفكراً وعاطفة، واستيعابها للثقافة العربية، فأصبحت العروة الوثقى ولاسيما في هذه الأيام التي نمر بها.

وقال "الخوري" في إشارته إلى ماهية اللغة العربية: "هي عدتنا في تحقيق وحدة ثقافية جامعة، ووحدة قومية مرتجاة، فقد حرص العرب على الرغم من ما توفر لهم في الجاهلية من روائع الشعر والنثر، وما قدم لهم الإسلام من غنى روحي وفكري ولغوي تمثل بالتنزيل "القرآن الكريم"، فحققوا نهضة علمية شاملة، بدءاً من القرن الثامن أعقبتها حقبة مديدة من الإبداع العربي العلمي، أغنى الحضارة الإنسانية".

وتحدث عن الوسائل اللغوية التي تتيح معرفة خصائص اللغة العربية، ومنها الطرق في وضع المصطلحات، من "توليد"، الذي يدخل فيه "الاشتقاق"، و"المجاز"، و"التعريب"، "النحت"، "التركيب المزجي"، وتترجم أيضاً الألفاظ الأعجمية بنقل الفظة إلى ما يقابلها في اللغة العربية.

وأشار "الخوري" إلى تطور المصطلح العلمي العربي قديماً في مختلف العصور، من العصر الجاهلي إلى العصر العباسي، وقال: "إن هذه الألفاظ المولودة ينبغي درسها وغربلتها وإقرار الصالح منها وإقصاء الغريب المستهجن، سواء أكانت مدونة في معجماتنا أم غير مدونة".

ثم تحدث المصطلح العلمي العربي في العصر الحديث، فحسب وجهة نظر المحاضر أن سبيل جعل اللغة العربية لغة صالحة لهذا العصر، عصر التفجر العلمي ، عصر الثورة التقنية والتقانة والمعلوماتية، هو المصطلح والترجمة والتعريب.

ومن هذه النقطة التي أشار إليها "شحادة الخوري"، كان تطوير هذه المصطلحات ووضعها يتم من قبل جهود فردية أحياناً، أو من قبل "مكتب تنسيق التعريب"، و"المعاجم اللغوية والعلمية"، هذا عدا عن المنهجيات المتعددة في هذا وضع المصطلحات.

وفي نهاية المحاضرة جرى نقاش حول موضوعها، ومن ضمن المداخلات تحدث الأستاذ "عبد اللطيف عبيد" حول علاقة اللغة بالهوية وبالثقافة، فاللغة تعبير عن الثقافة والتراث وهذه اللغة هي التي تعطي الخصوصية التي تعرف فيها بالعالم، هذه اللغة بعيدة في الزمان والمكان، ويزيد عمرها عن 16 قرنا، و يتكلم بها حوالي ثلاثة مئة مليون من الناس، وهي اللغة السادسة في العالم من حيث عدد الناطقين بها، واللغة السادسة في منظمة الأمم المتحدة ووكلاتها، فهي لغتنا الأم والواجب يدعونا إلى الحفاظ عليها وحمايتها من التأثيرات السيئة في هذا العصر الصعب، وأن نعمل لإغنائها بالمصطلحات لتكون لغة شاملة للأدب والعلوم وسائر المجالات الأخرى، وقوبلت هذه المداخلة بالشكر من قبل المحاضر لأنها تلتقي مع المحاضرة و تؤكد مضمونها، لأن عزة الأمة بعزة ثقافتها متمثلة باللغة.