الكاتب المغربي \”كمال عبد اللطيف\” يطرح فلسفة عربية جديدة
المصدر وكالات
22 / 02 / 2007
يبدو الكاتبُ المغربي "كمال عبد اللطيف" متفائلاً بما يمكن أن تؤدي إليه جهودُ مفكرين عرب في مجال التنوير وبلورةِ فكر فلسفي جديد بسبب وجود سياق نقدي وثقافي وسياسي داخل العالم العربي وفي محيطه الإقليمي. ويقول في كتابه "التفكير في العلمانية" إن عدداً من الكتّاب العرب منهم المغربي "محمد عابد الجابري" والجزائري "محمد أركون" في قراءتهم للتراث العربي يسعون للإعلاء من قيمة الإنسان مدافعين عن العقل والعقلانية النقدية والحرية.....




ويرى أن للخطاب العربي المعاصر ملمحاً بارزاً هو العناية بالنقد الثقافي إضافة إلى "الجدل السياسي المؤسس لمفاهيم الديمقراطية والعلمانية وحقوق الإنسان" ضمن معطيات مثل انتعاش الحديث عن الديمقراطية في العالم العربي والتحولات السياسية عربياً وخارجياً خاصة في تركيا وإيران.

ويقع الكتاب في 200 صفحة متوسطة القطع بعنوان فرعي هو "إعادة بناء المجال السياسي في الفكر العربي" وصدر في القاهرة عن دار "رؤية للنشر والتوزيع".

ويقول "عبد اللطيف" إن الجهود الفكرية العربية تقول "إننا أمام إرهاصات فكرة تنبئ بإمكانية تبلور جهد فلسفي عربي" مرجحاً أن يكون ما يعتبره إخفاقا في بناء الدولة الوطنية العلمانية في العالم العربي والمشروع السياسي الديمقراطي عائدٌ إلى عوامل أبرزها "التقصير النظري الكبير الذي ما فتئ يشكل الملمح البارز في فكرنا السياسي"، ويرى أن علاقات السياسي بالديني ليست رياضية أو حسابية مجرَّدة لكنها مجال قابل للتفجير بأشكال متعددة كما أن "معانيها المتناقضة قابلة للاستثمار الرمزي من طرف القوى السياسية المتصارعة"، لكنّه يضيف أن العامل العقائدي الديني لم يكن العائق الوحيد أمام ما يعتبره مغامرة للإبداع النظري الفلسفي في العالم العربي حيث توجد عوامل أخرى تاريخية منها تغليب آلية التحليل السياسي الظرفي الراهن على معالجة قضايا الفكر إضافة إلى عدم إيمان كثير من الكتاب في مطلع القرن العشرين بحق الاختلاف والاعتراف بالتعدُّد.

ويقدم "عبد اللطيف" تحية لروَّاد الفكر العربي في مطلع القرن العشرين يقول إن كتاباتهم عكست "طموحا علمانيا بارزا" مزيلا بعض الالتباس حول مصطلح العلمانية الذي يعني في رأيه العقلانية النقدية حيث "لم يعرف الإسلام النظام السياسي الكنسي. والتاريخ الإسلامي لم ينتج صكوك غفران مماثلة لصكوك الكنيسة المسيحية" في العصور الوسطى الأوروبية.

ومن الذين يتوقف أمامهم المؤلف "فرح أنطون" (1847 – 1922) الذي دافع عن العلمانية حين قال إن "الدين علاقة خصوصية بين الخالق والمخلوق، والإنسان من حيث هو إنسان فقط أي بقطع النظر عن دينه ومذهبه صاحب الحق في كل خيرات الأمة ومصالحها ووظائفها الكبرى والصغرى وحتى رئاسة الأمة نفسها. وهذا الحق لا يكون له من يوم يدين بهذا الدين أو بذلك بل من يوم يولد فالإنسانية هي الإخاء العام الذي يجب أن يشمل جميع البشر."، ويضيف المؤلف أن الفكر العربي في السنوات الأخيرة يستعيد أفكار التنوير بعيداً عن الظروف التي أحاطت بإخفاقات المحاولات المبكرة حيث انطفأ لهيب المعارك الظرفية التي أشعلها في مصر كتابان صدر أولهما عام 1925 بعنوان "الإسلام وأصول الحكم" لـ"علي عبد الرازق" (1888 – 1966) وصدر الثاني عام 1926 وهو "في الشعر الجاهلي" لـ"طه حسين" (1889 – 1973).

وتعرَّض "عبد الرّازق" الذي كان أحد علماء الأزهر لحملة قادها إسلاميون متشدّدون على ما اعتبروه خروجا على روح الإسلام حيث قال: إن الإسلام لم يضع نظاماً محدداً للحكم كما لم يدع إلى أن يكون للمسلمين خليفة في وقت كان "فؤاد" ملك مصر آنذاك يسعى لأن يكون خليفة للمسلمين مستغلاً ظروف ما بعد سقوط الخلافة في تركيا عام 1923 على يد "كمال أتاتورك" الذي أعلن الجمهورية في العام التالي.