أغنية للتاريخ

بقلم ( محمد فتحي المقداد)*

تشدو المطربة فيروز المتألقة وتشدو معها الأرواح وترقص القلوب
... طربا وتنتشي شغاف القلب على دندنتها وصوتها الناعم الذي يجيء
كهمس الحبيبة ليبث عطر الكلام والألحان فيعبق المكان .
ولكن تفرد أغنية – ع الروزانا ع الروزانا – ومن العجيب أنني لم
أكن أعرف عن أي شيء تغني وما هو المقصود – بالروزانا –
حتى شاءت الصدف أن أرسلت رسالة لصديق , حيث أنني كنت قد سألته على سبيل التعجيز واللامبالاة عن معنى الروزانا التي تغني عليها فيروز, وكانت المفاجأة بعد أن وصلني الرد من صديقي .
فقد كانت الأغنية تاريخية وتحكي عن حقبة الاستعمار الفرنسي
لسورية ولبنان .
وفي إبان ثلاثينيات القرن الماضي حصلت انتفاضة في بيروت
على ممارسات الاستعمار وكانت أغنية فيروز محاكاة رائعة
لتلك الأحداث .
فعندما تقول – ع الروزانا ع الروزانا – و الروزانا هي فرقاطة
حربية في الأسطول الفرنسي الاستعماري الذي كان مرابطا قبالة
ميناء بيروت في البحر المتوسط .
وحين تقول : - كل الهنا فيها – كان الناس الفقراء في بيروت
يذهبون للميناء ويعطيهم الجنود هناك مما يفيض عن حاجتهم من
الطعام .
وكذلك حين تقول : - وش عملت الروزانا الله يجازيها- نعم الله
يجزيها على ما فعلت في بيروت من قصف المدنيين الآمنين العزل
بمدافعها وقنابلها و حممها الغاضبة .
وتقول كذلك : - يا رايحين على حلب حبي معاكم راح يا محملين العنب تحت العنب تفاح – هنا تأتي أهمية تلازم منظومة بلاد الشام
ذات الإقليم الجغرافي والسكاني والاقتصادي المتكامل .
فأثناء حصار بيروت كان التجار يأتون بالمواد التموينية والبضائع
والحاجات من الشام وحلب , وهو تلازم نضالي رائع لا يمكن
فصل عراه المتينة نهائيا رغم الظروف التي أدت الى كراهية
أذكتها السياسات المرتبطة بالخارج ( الطابور الخامس ) .
والله إن القلب ليتفطر ألما وحزنا عند اجتياز الحدود من دولة
لأخرى من دول بلاد الشام , جوازات سفر ورسوم وطول انتظار
وتحقيق إلى أين ستذهب .
وهذا يثبت صحة المقولة ( شعب واحد في بلدين ), بل الحقيقة شعب واحد في بلاد كثيرة.
------------------------- انتهى

بصرى الشام 20- 3- 2009 م