خواطري مع المرض.. دروس وعبر *

د. السيد نوح

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

د.نوح


د.السيد نوح
في ليلة من ليالي المرض دعوت ربي أن يفرج عني وأن يرزقني قليلا من النوم، وبينما أنا أدعو أخذتني سنة من النوم، فأتاني أقوام أسمع أصواتهم ولا أراهم بستة متكآت من الإستبرق، وقالوا لي: نَمْ.. وفعلا نمت نحو نصف ساعة، استيقظت بعدها مستريحا كأنما نمتُ أياما، فقلت: هذا عطاء من ربي ببركة الدعاء في جوف الليل.

كثيرا ما كنتُ أنبّهُ الناسَ من خلال الخطب والدروس والمحاضرات والكتابة في الصحف والمجلات ونحوها إلى ضرورة الاهتمام بالوصية وتوثيقها لأن الموت غيب لا يعلمه إلا الله، وقد يأتي بغتة أو يسبقه حدث عارض ثم يعقبه الموت، وبراءة الذمة تقتضي التعجيل، ولا يسمح بالتأخير في أضيق الأحوال لأكثر من ستين ساعة (ليلتين، وثلاثة أنهر) لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما حقُّ امرئٍ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده".

إهمال الصحة

كما كنتُ أحضُّهم على ضرورة الاهتمام بصحتهم، من كان مريضا فليسعَ لعلاج المرض، ومن كان صحيحا فليتابع الفحص الدوري مرة في كل ستة أشهر على الأقل، يحدوني في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء "، وقوله: "إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، فتداووا"، وقوله: "تداووا يا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داء واحدا: الهرم "، وقوله: "لكل داء دواء، فإذا أصاب دواء الداء برأ بإذن الله تعالى "، كما يحدوني في ذلك أن الإنسان إذا أهمل صحته حال ذلك بينه وبين الاستمرار في أداء واجبه ورسالته في الأرض.

كما كنت أحضهم أيضا على تحقيق التوازن في حياتهم، وذلك بإعطاء كل ذي حق حقه، من الله والنفس والأهل والأضياف ونحو ذلك، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص: "ألم أُخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟" قال: بلى يا رسول الله؟، قال: "فلا تفعل: صم وأفطر، ونم وقم، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينيك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا، وإن بحسبك أن تصوم في كل شهر ثلاثة أيام، فإن لك بكل حسنة عشرة أمثالها، فإن ذلك صيام الدهر".

وحيث انتهى المسلمون من قديم إلى أن أفضل العبادة أن تعطي كل وقت ما يناسبه، فإذا دخل العدو أرض المسلمين فأفضل العبادة جهاد العدو لطرده وحماية العباد وتطهير البلاد من شرِّه، وإذا حضر وقت الصلاة والأمة في أمن وأمان فأفضل العبادة الصلاة، وإذا زارك ضيف فأفضل العبادة إكرام هذا الضيف.

أفعال لا تُعارض الأقوال

وهكذا كنت أنبه الناس وأوصيهم برعاية هذه الأخلاق وتلك الآداب، وأنا غارق في أداء واجب الدعوة، مهملا بدني أيما إهمال، بدعوى أن العمر محدود وأن الأمة بحاجة إلى أقل الجهد حتى تتحرر من سيطرة الأعداء ثقافيا وفكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وكنت بذلك كمن يضيء الطريق لغيره ويمشي هو في الظلام ناسيا مبدأ مهما في ديننا الحنيف وهو أن العبرة بالأفعال التي لا تتعارض مع الأقوال، قال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}.

وإن من ينهج هذا النهج مآله الانقطاع وعدم الاستمرار، وكم نصحني المقربون مني: "تذكر ما تقوله لنا واعلم أن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يعرفه إلا المرضى، وأنك مسئول عن صحتك مسؤولية كبرى أمام الله عز وجل يوم القيامة"، وأنا لا أعير كل ذلك أذنا، ولا أعطيه اهتماما.

وقعت الواقعة

عدت يوما من عملي الوظيفي وتناولت طعام الغداء، وما أن انتهيت منه حتى نزل بي من الألم في بطني ما لم أشهد مثله من قبل وما لا يعلم حقيقته إلا الله عز وجل.. حسبي أنه لم يعد بمقدوري مواصلة التنفس بسهولة وأن ضغطي قد انخفض إلى درجة الأربعين وأن نسبة الهيموجلوبين قد انخفضت إلى (6) وحُملت إلى دار العلاج، وكان التشخيص "نزيف داخلي حاد"، وتمت الإسعافات السريعة، وتوقف النزيف.

وعدت إلى منزلي حامدا ربي أن منحني فرصة أخرى أراجع فيها وصيتي أو أجدد فيها توبتي، وأهتم بصحتي، وأعمل على تحقيق التوازن في حياتي، بيد أن العافية لم تدم أكثر من ليلة، وعاد النزيف، ولكن بصورة أشد، بحيث دخلت غيبوبة تامة توقف معها كل شيء في بدني سوى القلب، والمخ، وعشت على التنفس الصناعي.

وقرر الأطباء أن الوضع غاية في الخطورة وما هي إلا ساعات محدودة وأقضي، واقترح نفر منهم القيام بمحاولة لوقف هذا النزيف، تتمثل في الحقن بعقار "نوفا سفن" وهو غير موجود إلا في المستودعات.

وكان الوقت آخر الليل، كما أنه لا يُصرف إلا لنفر من الناس، وقدر الله أن يتدخل وجيه من وجهاء الكويت المرموقين، وأن يوقظ وكيل وزارة الصحة من نومه ليأمر بفتح المستودعات وتوفير العقار ويتم الحقن.

وكانت المفاجأة غير المتوقعة من كثير من الأطباء، إيقاف هذا النزيف، وأفقت قليلا، لكن التنفس كان يتم بصعوبة، وتم نقلي إلى دار أخرى للعلاج من أجل حقن مكان النزيف من الكبد بالمنظار، وقام بذلك طبيب تشيكي، وفور الانتهاء من ذلك قال: "قولوا لهذا الرجل أن يصلي لي" يقول ذلك، وهو الشيوعي الملحد، الذي يقول: "الكون مادة ولا إله، والدين أفيون الشعوب، ولا آخرة، وما هي إلا أرحام تدفع، وأرض تبلع، وما يهلكنا إلا الدهر"!

ماذا أقول لربي غدا؟

وطال بقائي في العناية المركزة لنحو أسبوع، والذي كان يشغل بالي، ماذا أقول لربي غدا، وقد أهملت بدني وصحتي حتى صرت إلى هذا الوضع السيئ المخيف، بل كان الذي يشغلني أكثر الخوف من عقاب ربي لي على ذلك بأن يحرمني النطق بالشهادتين عند الموت، فأخسر الدنيا والآخرة.

وكم تضرعت لربي أن يسامحني وأن يعفو عني وأن يختم لي بالإيمان، وعاهدته سبحانه إن عافاني هذه المرة أن تكون عنايتي ببدني وصحتي في أوائل اهتمامي مع مراعاة الجوانب الأخرى في حياتي، فأحقق بذلك التوازن والتكامل الذي دعا إليه الشرع الحنيف.

وأخذت في التماثل للشفاء شيئا فشيئا، وكانت نتيجة الفحوص التي أجريت لي: أن سبب هذا النزيف تضخم الكبد مع ورم سرطاني فيه يزيد على خمس سنتيمترات، وأن المخرَج حقن الكبد كيميائيا من أجل القضاء على الورم.

فإن لم يكن؛ فلا بد من التدخل الجراحي المتمثل إما في بتر هذا الجزء المتورم، واستبدال جزء من كبد صحيح لأحد أبنائي به، أو في بتر هذا الكبد تماما واستبدال كبد آخر من نفس الفصيلة به، وأن الأمر يقتضي المضي في ذلك بأقصى ما يمكن من السرعة، ومبرر ذلك أن النزيف متوقف وساكن الآن، لكن يخشى أن يتجدد لسبب أو لآخر وربما يصعب إيقافه فيكون الندم حيث لا ينفع الندم.

المسلم الحق

وكانت المعارضة الشديدة مني للتدخل الجراحي بحجة الواقع، فقد شاهدت كثيرا من مرضى الكبد يموتون في لمحة، ويكون التقرير الطبي: إن السبب في سرعة الوفاة بهذه الطريقة هو عمل بذل في الكبد، الأمر الذي أدى إلى نزيف حاد لم يمكن إيقافه، ولم أكن أصدق تبعا لذلك أنه يمكن التدخل الجراحي وعمل زراعة للكبد إما جزئيا أو كليا.

وحاول الأطباء إقناعي بالتقدم العلمي الهائل الذي بلغه الباحثون والجراحون في أمراض الكبد ولم أقتنع حتى شاهدت بعيني طبيبا متخصصا في أمراض الكلى ذكر لي أنه عمل زراعة لكبده في فرنسا منذ تسع سنوات وأنه يعيش بعافية وصحة كما أشاهد وأرى.

وحينئذ صدقت، وعدت بذاكرتي إلى ما كنت أدعو الناس إليه من ضرورة استفراغ الطاقة والجهد في الوصول إلى السنن الكونية، والنفسية، وهي مبذولة من الله لمن يطلبها بجد واجتهاد.

لقد طلبها غير المسلمين، ونفر قليل من المسلمين فأكرمهم الله بها، وقعد كثير من المسلمين عن طلبها فحرمهم الله منها، وأصبحوا عالة على غيرهم فيها، والله يهدي من يشاء ويضل من يشاء وإليه يرجع الأمر كله.

مشاورات تنتهي

لا بد إذن من السفر طلبا للعلاج على النحو الذي ذكر آنفا، لكن إلى أين؟.. إلى أمريكا.. أم إلى أوروبا.. أم إلى جنوب شرق آسيا.. أم إلى مصر؟، أما أمريكا فالتكاليف فيها باهظة تتراوح ما بين ستمائة وخمسين ألف دولار إلى مليون دولار، وكذلك أوروبا وجنوب شرق آسيا على النصف من المبلغ المذكور، فضلا عن طول الانتظار الذي قد يصل إلى سنة يكون مثلي فيها -لخطورة حالته- قد قضى.

ولم يعد أمامي سوى مصر لكون التكاليف فيها معقولة إذ تصل إلى نحو مائة ألف دولار، على أن طبَّ الكبد والكلى متقدم فيها للغاية لكثرة المصابين بالمرض نتيجة البلهارسيا.

وفعلا سافرت إلى مصر بصحبة أهلي وطبيب جراح من خيرة الناس وأحب أصدقائي إلى قلبي بعد أن أخذ إجازة من عمله مبتغيا بعمله هذا وجه الله طامعا في ثوابه وذلك بعد ترتيب موعد مع وحدة الكبد بجامعة المنصورة لاستخدام الحقن الكيماوي.

وفي الطريق إلى مصر رئي أن السير في طريق الجراحة فيه اختصار للوقت وعلاج للمشكلة من أساسها، ونزلنا في أرقى دار للعلاج في مصر (دار الفؤاد) بسبب تعاقدها مع أطباء يابانيين وأوروبيين.

حسرة تعتصر الفؤاد

دار للعلاج تبني سمعتها ومنزلتها بين دور العلاج على التعاقد مع أطباء أجانب! يا لها من حسرة تعتصر الفؤاد أن تصل أمة القيادة البشرية إلى هذا المستوى، والطب عند هؤلاء مصدره المسلمون في الأندلس.. أعقمت مصر؟ أعقمت بلاد العرب؟ أعقمت بلاد الأمة كلها عن إنجاب أطباء عمالقة في جراحة الكبد؟ هل ذلك راجع إلى غباء أبناء هذه الأمة؟ هل ذلك راجع إلى قلة الإمكانات المادية اللازمة لقيام مثل هذه الجراحة؟ تصور أنه لا هذا ولا ذاك، إنه راجع إلى حالة التشرذم والفرقة التي تعيشها الأمة على المستوى الدولي والإقليمي والمحلِّي، الحكومي والشعبي.

فضلا عن ضعف الإيمان وسيطرة النزعة المادية على كثير من أبناء هذه الأمة، بحيث صار كلٌّ يقول: نفسي نفسي، وإنه راجع كذلك إلى ضعف القيادة، واشتغالها بدنياها عن رعاية مصالح الأمة وتقدير العلماء النابهين وتشجيعهم.

عدنا بخفي حنين

عموما قضيت في دار الفؤاد ثلاثة عشر يوما أعيدت فيها الفحوص التي أجريت في الكويت مع زيادات يسيرة. وقيل لنا: إن الأمر قد عرض على البروفيسور الياباني المشهور: "تناكة" لإبداء رأيه، وقال في سرعة عند سفره إلى اليابان: الجراحة ممكنة لكن لا بد من إعادة النظر في الفحوص من جديد، وعلى مهل، وأوصى بإرسالها إليه على عنوانه الإلكتروني في اليابان، وأنها أرسلت له بالفعل.

وانتظرنا الرد لعشرة أيام ولم يأت الرد، واستعجلنا الرد ولم يأت جواب، وباتصالات غير رسمية مع الدكتور الياباني المذكور، تبين أنه لا علم له بشيء البتة عن حالتي، وطلب إرسال الفحوص له، وبعد النظر فيها، ودراستها قرر أنه لا يستطيع إجراء هذه الجراحة، فكان واضحا دقيقا في قراره ويُشكر على ذلك تمام الشكر.

وكان المتوقع من دار الفؤاد غير هذا الموقف، ولا أدري مبررهم فيما صنعوه معنا وربما كان لهم عذر لا نعلمه، سامحهم الله وعفا عنهم وأنار بصيرتهم إلى ما فيه مصلحتهم ومصلحة نزلائهم، وحينئذ قررنا الرحيل عن مصر حيث لم نظفر فيهابشيء سوى خفَّيْ حنين، ولكن إلى أين؟.

وسافرنا إلى سنغافورة

أذكر أنه في فترة العلاج بدولة الكويت اتصل بي شاب مبارك من شباب الكويت كان أول من لقيني حين دخلت الكويت لأول مرة في أول شهر سبتمبر 1993م، وتعرفنا على بعضنا وتحاببنا في الله.

اتصل بي هذا الشاب وأنا مريض في الكويت ليخبرني أنه بمشورة عمته -وهي طبيبة ذات شهرة في عمل الخير والدعوة إلى الله عز وجل- يعملان على الاتصال بطبيب ذي شهرة في جراحة الكبد في سنغافورة، وأنه عرضت عليه الفحوص الخاصة بالحالة، وقد وافق أن نسافر إليه لعمل اللازم، وطلب صورة جواز سفري ومن سيرافقني في الرحلة، وفعلا أرسلتُ إليه ما طلب واتصل بي في مصر مرة أخرى ليخبرني بخروج تأشيرات الدخول إلى سنغافورة.

إن هذا الاتصال الأخير حسم الأمر في تحديد جهة السفر بعد الرحيل عن مصر، إنه الآن إلى سنغافورة، وتم الحجز وغدا يكون السفر، ووقع أمر لم يكن في الحسبان، خلاصته أنني أحسست ليلة هذا السفر بغيبوبة جزئية، لم أفق منها إلا قبيل إقلاع الطائرة بنحو ثلاث ساعات، لا تكفي للتجهيز والسفر، ولذلك تأخر السفر ليومين.

وقد ضقت ذرعا بما حدث، وعدت إلى نفسي: "أفعال ربنا لا تخلو من حكمة"، وعلى الفور ظهرت الحكمة إذ مشى بعض مرافقيّ إلى سفارة سنغافورة في القاهرة طالبين إذنا لمزيد من المرافقين، وكان المتوقع عدم الموافقة ولكن بعد فترة ربما تصل إلى عشرة أيام حدث ما لم يكن متوقعا وهو الموافقة، وتم استخراج هذا الإذن في نفس اليوم، وتم الحجز من جديد وسافرنا إلى سنغافورة.

والمفاجأة أن الطبيب هناك جعل من عمله مجالا لابتزاز النزلاء بواسطة التكليف بعمل فحوص من جديد وبأسعار باهظة، وأنه لا مجال لزراعة كبد جديد وإنما نقل جزء من كبد أحد أبنائي إليَّ.

وزعم بعد إجراء الفحص الأول على ولدي أن لديه ضيقا في بعض الشرايين، ولا بد من توسعة هذه الشرايين أولا قبل عملية زراعة الكبد، وأصبحنا أمام مشكلة ابني ومشكلتي، وبسرعة حزمنا أمرنا: أن نخرج من هذا المستنقع، وأن نفلت من هذه الشبكة.

ساقنا الله إلى الصين

وبينما كنا نحزم أمتعتنا استعدادا للعودة إلى الكويت، حيث بدت الأبواب وكأنها مغلقة، وكأنه لا أمل في الجراحة، والخروج من هذه المحنة، بينما نحن كذلك إذ لاحت في الأفق بوادر فتح باب أمل جديد، حيث اتصل بنا من الكويت فضيلة العلامة الداعية الأستاذ الدكتور توفيق الواعي - حفظه الله وأطال في عمره وسدد على الحق خطاه- أن اتجهوا إلى الصين حيث جراحة الكبد هناك متقدمة للغاية.

وسمَّى لنا أحد المسلمين الصينيين المشتغلين بالترجمة بين العرب الذين يفدون على الصين للعلاج، وبين المعالجين في الصين، وأعطانا رقم هواتفه وطلب مني الاتصال به على الفور، وحتى يطمئننا أكثر أعطانا هاتف أحد الإخوة المقيمين في السعودية كانت له تجربة ناجحة من قبل في الصين.

إذ كانت خالته تعاني من تورم في الكبد ضاعف حجمه مرتين، وقد سافرت إلى أمريكا، ومكثت هناك سبعة أشهر لم يتوافر فيها العضو المطلوب زراعته، واضطرت لترك أمريكا إلى الصين بعد دفع مصاريف بلغت ستمائة وخمسين ألف دولار أمريكي.

وفي الصين.. أجريت لها هذه الجراحة، وتم استبدال كبد آخر بكبدها ولها الآن تسعة أشهر وهي في أحسن صحة وأتم حال، واتصلنا به وأكد لنا صحة ما قال الدكتور توفيق الواعي، وحينئذ أصابتنا نشوة من الفرح بفتح باب الأمل مرة أخرى، وفضل الله على عباده عظيم.

وقَوِيَ العزم في الاتصال بالأخ الصيني هذا ورد علينا: أنا الآن أصلي صلاة التراويح.. اتصلوا بي بعد ساعتين من الآن حيث تنتهي صلاة التراويح، وبعد ساعتين عاودنا الاتصال به، وفهم مطلبنا وحاجتنا، وطلب منا الذهاب في صبيحة الغد إلى السفارة الصينية في سنغافورة للحصول على إذن دخول إلى الصين، والحجز والحضور بأقصى سرعة.

وسبحان الله العظيم يسر الله الحال، وتم ذلك كله في يوم واحد، ووجدنا أنفسنا في دار العلاج بمدينة "تنجين" التابعة لبكين، والتي تبعد عنها نحو مائة كم، وبعد يومين من تاريخ الوصول إلى الصين أدخلنا دار العلاج المذكورة، وروجعت الفحوص السابقة، وأضيفت إليها بعض فحوص جديدة انتهت كلها في أربعة أيام، وصرت جاهزا للعملية لكن بعد إحضار الكبد المتحد الفصيلة بينه وبين الكبد المريض.. والحمد لله الذي "إذا مرضت فهو يشفين".



--------------------------------------------------------------------------------

كاتب وداعية إسلامي شهير مقيم بالكويت؛ يمكنكم مراسلتنا بتجاربكم الإيمانية مع المرض؛ عبر بريد الصفحة: tazkia@iolteam.com


* نقلا عن مجلة المجتمع الكويتية.