يا شام .. منك ابتدأنا
الشاعر شفيق الكمالي

قبلت مروان في عينيك و الحَكَما ** وصُغْتُ فيك تباريح الهوى نغما
نديةٌ من شواطي دجلةٍ لُجمي ** مستشرفاتٍ سهول الشام والأكما
... خيلُ المثنى جموحٌ في مفارقها ** من عرس ذي قار حتى اليوم ما شَكِما
تسابق الريحَ لو تسطيعُ منفلتاً ** من القوادم طارت نحوها قُدُما
يا شامُ ليس الذي يأتيك مؤتزراً ** بالحب مثل الذي يأتيك مغتنما
شتان بين خضمٍ هادرٍ لًجِبِ ** يُعطي وبين غديرٍ يرتجي دِيَما
وبين طالب قُربٍ واهبٍ دمه ** مهْراً وبين الذي أزجى الكلام , و ما
يا شامُ طال النوى حتى تهيّمني ** كونٌ من الشوق ضارٍ في الحشا احتدما
حملتُ غيمَ حنينٍ مسكرٍ بدمي ** حتى إذا مرّ فوق الغوطتين هَمَى
لا يعرفُ الشوقَ إلاّ من يكابدُهُ ** ولا الصبابةَ إلاّ من بها اضطرما

** ** **

يا ضِفتَي بردى كم حالَ بينكما ** لونُ المياه وما أنكرتُ صفوكُما
يا ضفتي بردى بيني وبينكما ** خيطٌ إذا انْبَتّ أدمى خافقي ألما
أخشى عليه كما أخشى على ولَدي** والصدقُ في العشق حالٌ تورثُ السَقَما
يا ضفتي بردى تجري بأوردتي ** أمواجُهُ كلما فاضت نرفتُ دما
ألزمت نفسي عشق الشام لا كدرٌ ** يصدُّني .. لا .. ولا عايشتُه بَرِما
يا ضفتي بردى لست المساوم في ** حبّي , وكم أورثتني جرأتي تُهَما
عايشتُ ظلّكما عُمْراَ ففَيّأني ** وألهبتْ كلُّ شمس هامتي ضرَما
حاليْن.. حالٌ رضىً أصفو وتُدركني** حالُ تحيلُ هدوء الرُّوح مضطرما
تاللهِ ما رَفَّ في صدري رفيفُ هوى ** إلاّ وكان جناحاهُ صدىً لكُما
لئت تحملتٌ في النعمى أريجَ هوى ** لقد تحملتُ في البؤسى أريجَ دمَا

** - ** - **

المجدُ يا جلقَ الأمجادِ ما فُطِما ** ما دام صدرُك ثراً يُرضِعُ الشمما
والكبرياءُ بغير الشام ما غُرسَت** والشِّعر إلاّ لوجه الله ما نُظِما
أستغفر الله في بغداد دوحتًه ** يا توأمينِ شموخَ العِزةِ اقتسما
يا جلّق المجدِ لو وفّى الكلامُ هوى** إذن جعلتُ وريدي خافقي كَلِما
للحاملِ الهَمِّ لا تٌثنيه نازِلةٌ ** من النوازل عن حقٍّ لنا هُضما
لجيشكِ الحُرّ بل جيشي أصول به ** للشعب شعبي لأزكي العاملين حِمَى
يا زهوَ كلّ شُموسِ العربِ ما سطعت** وغَيظَ كلّ إباءِ العُرب ما كُظِما
عجيبةٌ أنتِ بدْء الدهرِ مولدِها ** ولم تزل غضٌّ والدهرُ قد هرِما
----------------- انتهت -
شفيق الكمالي – 1978م