‎1 – سيتغير النظام في سوريا بشكل تدريجي مضمونا، وقد يكون بشكل تدريجي أو تراجيدي شكلا..

لقد دخلت القضية السورية بعد أكثر من عام إلى منعطف حاد يمثل مأزقا حقيقيا بالنسبة لطرفي الأزمة، النظام والمعارضة، ولا نقول النظام والشعب..

أما جوهر المأزق الذي وصل إليه الحال في سوريا فهو قناعة كل طرف من طرفي الصراع – بناء على المتغيرات الإقليمية والدولية في تجاذباتها المختلفة إزاء القضية السورية – بأن أيا منهم...
ا لم يعد قادرا على فرض حلٍّ ينطوي على تغييب الآخر تغييبا كاملا وكليا..

فلا النظام قادر على فرض أيِّ حل يتجاهل المعارضة رغم الارتباطات المشبوهة للكثير من أفرادها وفصائلها بأعداء المشروع الوطني السوري بوجه عام..

ولا المعارضة قادرة على فرض أيِّ حل ينطوي على إسقاط تراجيدي حتمي للنظام الحاكم..

وفي ظل معادلة من هذا النوع راح الكل يتحرك في فضاءاتها مستغلا قدر ما يستطيعه ما يتاح له من أوراق تضمن له مواقع متقدمة خلال مراحل الحلول النهائية، فلا شك أن مضمون النظام سيتغير حتما، إذ من غير المعقول أن تذهب كل هذه الدماء والتضحيات والتدخلات هدرا، على أن يكون التغير تدريجيا يقبل بتدرجه الطرفان في محاولة لجعل هذا التدرج هو أداة الاحتواء في المستقبل..

ولأن التغيير في المضمون يتطلب قطعا تغيرا في الشكل.. فإن من الضروري أن يتم ذلك..

ولكن لأن التغير في الشكل موضوع حساس في ظل منظومة المصالح أو الطموحات التي أصبح يتخندق في خندقها كل طرف من طرفي الصراع في الأزمة السورية، فإن ما يحدد مستوى التغيير فيه – أي في الشكل – هو قدرة المتحكمين في الأزمة على ضبط المضمون عقب التغيير في الشكل..

وهو الأمر الذي يجعل التغيير في الشكل رهنا بتلك القدرة على الضبط، دون أن يكون هو في ذاته ذا أهمية..

فقد يتطلب الواقع وتتطلب سيرورة الأحداث أن يكون التغيير فيه تراجيديا إذا تم ضمان ضبط التغير في المضمون بشكل لا تنفلت معه الأمور لحساب طرف دون آخر، عندئذ يحدث التغيير على نحو تراجيدي..

وقد يتطلب ضبط التغيير التدريجي في المضمون ضمانة أن يكون التغيير في الشكل أيضا تدريجيا، عندئذ يحدث التغير في الشكل على نحو تدريجي..