أنا عربي سوري
قبل أن أدخل في غيبوبة الموت، وجدتني أنزف نزْفَ المحتضر فوق "جبل قاسيون"، وإلى جانبي غريب يسألني..
من أيِّ البلاد أنت يا مشروع الجثَّة؟!
أجبته إجابةَ مودِّع:
أنا عربي سوري..
ولدت في جنوب غرب سوريا..
وحاربت إسرائيل في شمال غرب سوريا..
وأمارس مواطنتي المؤقتة في جنوب شرق سوريا..
وهاأنذا أُنْحَرُ في شمال شرق سوريا يا سيدي..
يريدون منعي من لملمة أشلاء سوريتي التي بُعْثِرَت ذات كذبة عمرها من الزمن مائة عام..
ولما لم يفهم إجابتي، وقبل أن أموت، وضع أمامي خريطة وقال: أوضح، فأنا لم أفهمك..
وضعت سبابتي المرتعشة فوق القدس، وقلت: هنا ولدتُ "سورياًّ"..
ثم حركتها إلى الأعلى قليلا حيث بيروت، وقلت: وهنا حاربتُ إسرائيل "سورياًّ"..
ثم عدت بها بصعوبة إلى عمان، وقلت: وهنا مارست مواطنتي المؤقتة "سورياًّ"، وأنا أحاول لملمة أشلاء سوريتي..
وعندما وصلت بها لأضعها على دمشق، قلت وأنا في النزع الأخير: وهنا.. نــ.. حــ.. رو.. نــ... ي.. لأجلك يا "سوريتي"
ثم لفظت أنفاسي الأخيرة.. ولم أعرف إن كان الغريب بكى أم تعامل مع رحيلي ببلادة..
لكنه عرف أن "سوريا" هي القصيدة التي لم ينظم دمي غيرها، فأبى البقاء في جسدي عندما حاولوا إجباره على التغني بغيرها..‬