ويبكي طفلي الأكبرْ
وعيناه فراش طار من كوثرْ
يقول: أبي
... لماذا يحرقون الزهر؟
لماذا يسكبون النار في حلم سما بالطهرْ؟
لماذا يحصدون النور من غيمات جبهتنا؟
لماذا يقتلون العطر؟
لماذا أبي؟
فتسقط همسة مني على الورقِ
ألملمها لئلا ينتبه طفلي
فقد ينهار إن أخبرته أني
أموت على ضفاف القهرْ
أسافر في ملامحهِ
أشم تراب ضيعتنا بوجنتهِ
يقاطعني بحزم مرة أخرى
لماذا أبي؟
فأجهش سري المُلقى على شفتي
أقول له
بنيّ النار تشعلنا فلا نُطْفأْ
ولا نفنى
ولكن الجراثيم التي تنمو ببشرتنا
بوهج النارِ
من أحقادها نبرأْ
فلا تعبأ
فلا تعبأ
نظرت لشاشتي الحمقا
رأيت شجيرة الزعرور مقطوعةْ
وصوت الحق مجروحٌ
على أغصانها يحبو
وكان الحق مسموعا
رأيت القمح ممزوجاً بزارعهِ
رأيت الدرب مقطوعةْ
ونبع الماء مربوط بسلسلةٍ
وعين الشمس مقلوعةْ
فقلت لهُ
بني لتمسح الدمعَ
طريقك غاية الرفعةْ
لترسم فوق دفترك الجميلِ
حروفك الأولى
بأيّ طريقة أكتبْ
بخط الحب والرقعةْ
كما تهوى الحياة تكونْ
فأنت كغرسة الزيتونْ
تكاد تضيء كالمشكاةِ
منك ستوقدُ الشمعةْ
أنا يا طفلي الإنسان مثلك أنزف العبراتْ
وأخفي حر حرقتها بما أخفيه في روحي
من اللحظاتْ
أنا يا طفلي الأكبرْ
بحرقة خافقي أُصهَرْ
ولكنّي أؤكد لكْ
بأن الشعر لن يفنى
وأن الغصن لن يُكْسَرْ