عقابٌ أمْ ثوابٌ ؟
1
تمهيد غير ملزم

علاقتي مع التلفاز كعلاقة الغربال بالطحين أنخل برامجه التافهة وأنتظر ما تبقـَّى على سطح المنخل . في أحيان كثيرة يطفو ظلام بكذبه أو نفاقه وتزييفه للحقائق ، ليس كونه النقي الصافي بل لحجمه وثقله بحيث صعب على ثقوب الغربال استيعابه وإفساح المجال له، لأنه لو رجعنا إلى التقييم من وجهة نظر الغربال لكنسهم أولا وترك الطحين النقي يصفـِّي نفسه بنفسه، يشرب قطرة مطر مثله، يوقد فرنه بنفسه ويصبح رغيفاً وبنفسه أيضا يطعم الجوع .

هل هو عبقريٌّ، الإنسان العلمي حين وظـَّف ابتكاراته ليعطي قيمة إنسانية للاستخدامات اليومية ويصرُّ على استقراء المستقيم منها ؟

أظنـُّه ليس متسلطاً بل بفطرة استقامته وتمتـُّعه بفضائل روحية وهبنا وقته وعقله، كما أظنه يطمح من خلال قدراته واحتياجاتنا لها لنبش بئر إشعاع ما في دواخلنا.

بعد تجربتي شأني شأن أي إنسان لا يتمتع بحريـَّة عقله وبصره ووسيلة التصرف بحياته كإنسان اكتشفتُ أنه رجل عانس يستمتع بلذة التعويض عن فقدان أو التملّص بحكمة من الوقت .

وأظنُّ أن التلفاز هو الآخر ملَّ وحقد على مـَن جعله يخضع لتجربة عاقر .

أنا إنسانة عادية لها منزلها المتواضع وتلفاز بشاشة عريضة تفتحه كل صباح توصد الصوت وتترك المذيعين يتحدثون كخرس.