القدس , للشاعر محمد أمين



ِقصيدة القدس







هـــل عند ليلى تنتهـــــــي الأســـماء
ُ أم أنــني صــــــــبٌ بــــه غـلـــــواءُ

بانــت .. فلا نـــــــــــهر على أبوابنــا
والغـــــــيمُ لاغـيــــــــمٌ ولا استـسقاء

برالدجـــــى بوعـــــــوده ووعــــيده
ومشى على الظـــــل الظــليل عـــراء

مـــــــرهونة كل الــــــدروب لخطوها
وأنا صــــــرير نوافـــــــــــذ ٍ وبكـــاء ُ

شـــط المزار فلا عــــــزاء لنـــــاقتي
ومتى أفـــــاد الثاكــــــلات عـــــــزاء

أيامنا .. لاشـــــــــــــــــــــئ في أيامنا
غاض الرحيق ........ وغـادرت أشياء

أين المغــاني لايبــــــارحها صَبــــَــــا
وعـــــنادلٌ وأيـــــــــائل ٌ وظــــــــبــاء ُ

فيها القلوب كما يشـــــــــرعها الهوى
والكحل كـــــحل ٌ...... والنساء ُ نساءُ

وأوانـــــــس أجفانهن نـــــــــواعـس
ٌ ورموشهن الصـــــــعدةُ الســــــمراءُ

أعــــــــمارهن الياســـــــــمينُ طلاوة
وخــــباؤهن هــــــوادج وحــِــــــداءُ

فيها القصـــــــائد للمــلاح قلائــــــــدٌ
أحــجارها الألمـــــــاس والشــــعراء ُ

ياوجه من أهوى الســـــــلام عليكمو
وعلى تــــــراب ٍ داســه الغربــــــاء ُ

وعلى الفراق على الغياب على النوى
وعلى البـــــــكاء ِ إذا استقام بكــاءُ

ماحيلتي واللــــــــــــيل أيقظ خـــيله
والنجم أغمض والـــدروبً عمــــــاء ُ

فإذا ذكرت أحبـــــــــــــــــــة ًومنازلا
ً تغلى الصــــــــــــــبابة والفؤاد إناءُ

والروح عصـــــــفورٌ تخطفه المــدى
والضلع نايٌ و الحنين غنـــــــــــــاء ُ

وأنا تقطعني الرجـــــــــــاء بســـيفه
والقدس أبهى ما يكون رجـــــــــــاء ُ

سمـــــيتها ليــــــــــــلى وإني كــلما
رتبتُ لاســـــم ٍ ضـــاقت الأســــــماء ُ

وكأنني أخــفي الهوى من عـــــــــلة ٍ
ألا يقاســـمـني به شركــــــــــــــــاء

لاتعذلوا صبا ً يضــــــــــــن بسره
فالحــــــــــــــــب كاسٌ ماله ندماء ُ

هل بعدكم ياقــــــــــدس تبكي مقلة
وتذوب في حسراتها الأحــــــشاء ُ

لاتنـــــــــــــكريني للهوى أسـبابهُ
وهواك ِ داء ٌ فاتــــــــــن ٌ ..ودواءُ

كل الهوى في غير وجهك ِ باطــل
كُـل المدائح ِ في سواك ِ هـــــجاء ٌ

أنت ِ الجمال ُ على أتم جمالــــــــه ِ
سبحان مــن سواك ِ يا زهـــــــراء ُ

والمجد ُ أنت ِوفي سمو جواركـم
كل العــــــــــــروش العاليات حذاء ُ

الشمس تكِسر في الضحى خلخالها
إن ناظرتها القبة الصـــــــــــــفراء

والـــــــــــبدر فانوس على شباكها
ولها أبـــــــــــــاريق النجوم سقاء ُ

وهناك تاريـــــــــــخ ببابك خــادم
ومــــــــــــــمالك الدنيا لديك إماءُ

فإذا ذكـــــــــــرتكم ارتدتني وردة
وتزاحمت في جبهتي الأنــــــداء ُ

يا أول الدنيا وآخر عــــــــــــروة
للأرض ِ فض ختامها الأحـــــياء ُ

وهنا قيـــــــــامة أعظم ٍ وجماجم
للغابرين على صعيد ٍ جـــــــاءوا

في يـــــــوم زلزلة ٍ يشيب لهوله
طـــــفل ٌ وتـُطوى كالسجل ِ سماء ُ

نار ُ وجنات ُ وأعـــــــراف ٌ على
عرصــــــــــــــاتها يتأمل العتقاء ُ

ومحمد ٌ قمــــــــر الأوان مشفعٌ
في جاهه يتقاصر الشفــــــــــعاء ُ

ياقــــــدس هذا بعــض ما أنتم له
فضل وسبق ماله نـــــــــــــــظراء

ها أنت ِ تاج الأرض سوسنة على
تيــــــــــــــــــجانها يتناسل اللألاء ُ

والمسجد الأقصى بخدك ِ شامــة
ُ لم تكتنزها الغـــــــــــــادة الحسناء ُ

سبحان من أسرى إليك َ بعبـــده
ليلا َ فطاب اللـــــــــــــيل والإسراء ُ

كفاك مــــــــــئذنة يمــــس دعاؤها
بــــــــــــاب السماء ِ فلا يُرد دعاء ُ

وحصــــــاك مـــسبحة على حـباتها
كونٌ يصلي والخشوع فضــــــــــاء ُ

وعلى جبينك غــــــــرة ميمـــونةٍ
لبراق أحـــــــمد والجبين ضــــــياء ً

وأشار نـــحوك وجه أول سجــــــدة
قد شرعتها المـــــــــلة السمـــــحاء ُ

وبك الجهاتُ جميعها مأهـــولــــة
أنت المـــــــــدى والغيث والأصداء ُ

يامنتــــــــهى ماخطـــــه بيميــــنه
نور وأروع ماحـــــــــــــكت أشذاء

فتبارك المـــــــزج الإلهــــــي الذي
من زيته تتكــــــــــــــــحل الجوزاء ُ

فيك الصباح مــواســــم ٌ لاتنتهي
ولك التراب مـــــــــــعارج ٌ وعلاء ُ

ماكنت بيتا ً عابرا ً بل مشـــعـلاً
للعالمين تـــبـــــــــارك الــبنـَّــاء ُ

الساجــــــدون قلوبهم أحـــــجاره
ودم الذين تعشقوه طـــــــــــــلاء ُ

يا أول الدرب السماوي الـــــذي
تخطو عليه إلى السماء ِ سماء ُ(1)

جبريل طيب زعفـــران ترابـــه
وبمنتهاه السدرة العــــــــصماء ُ

رهط الكرام المصطفين تجمعوا
وعلى الإمارة أحــــــــمد الوضاء ُ

هذا الأمين إذا يـــداه تلمســـت
ماءً.. توضــــــــأ من يديه الماءُ

قمر ٌ يصلي والأهــــلة خـــلفه
ومـــلائك بين الصفوف تــراءوا

" الله أكبر " كم نبي قالـــــها
والنور بين يديــهمو مشــــــاء ُ

وشموا ترابك بالنبوة فالـــثرى
ديــــباجتاه المسك والــــحناء ُ

هذا مقامك َ ياوجيه وكلــــــما
جئنا لنـحصي خاننا الإحصــاء ُ

ولك المناقب ماحـــــواها فرقد
ً في راحتيه ولا ادعــت غبراء ُ

أخواك في أم القــرى وبيـــثرب ٍ
شدوا الرحال مع الحنين وجاءوا

وبركبهم سار البقيع وزمــزمٌ
وجبال ُ مكـــة كــــلها وحــراء ُ

فانهض إليهم يا أخاهم لاقــــهم
مالـــــــــــدهر إلا ساعة ولقــــاء ُ

ودع الحجارة كي تقـــــول بلاغها
حتى تعيــــــه الأنفس الصـــــماء ُ

وضعواالصبابة في رحال أخيهمو
فتعشقته جوارح ودمـــــــــــــاء

ماكنت فـــــردا ً واحــــدا ً بل أمة
وعليك عـــــــــــــز الأنبياء رداء ُ


هذي جراحـــــك زهـــــــرة ملكية
حتى جراحـــــك سؤدد ٌ وإباءُ

فامسح أبا السجدات قلبك بالرضا
قد لاح في ظلل الغيوب نـداءُ

ولك الوعــود وللوعــــود ِ أهلـة ٌ
ميقاتها الجبار حين يشـــــــاء ُ

كاف المشيئة في معيـــة نونها
سيف ٌ له في النازلات مَضاء ُ

والله جـــــــــل جلاله إن قالــها
ذلت مــلوك الأرض والكبراء

سبحان من أجــلى الأمور بوقتها
أحــــــــــد ٌولا ولد ٌ ولا أكفاء ُ

وله جنود في السماء ربـــاطها
فإذا أتى أمر السماء تـــراءوا

بيض الوجوه مسومين كأنهم
برق يـــــــــحد متونه الإفناء

وجنود أحمد في الفجاج غبارهم
قد ضاق عنهم موكب و فضاء

ركبت خيول الله واشتجر المدى
بســــــنابك ٍ يعدو بها النجباء ُ

شدوا وشد الموت في آثــارهم
فمتى أشاروا سُعّـــرت هيجاء ُ

والزحف زلزلـــــة يهز وجيبه
شم الجبال وتنطق " الحصباء "

" يامسلم هذا يهودي ٌ جـــثا
مثل الذبـــــيحة شـهقتاه ثغاء "

جيف أخس من النجاسة نتنـها
وأحط مما قاءت الأقـــــــــــــذاء

وأذل منها خائن من غيــــــــه
وفجوره تتعوذ الرقطـــــــــــــاء

دود علا غصنا ً فأعمل طـــبعه
وتحكم الأوباش واللقطــــــــــاءُ

للعلقمي نباحـــــــــــه وصياحه
ولك الهدى والحجة البيضـــاء

فاصدع بثأرك يابن أصدق ملــة
فشواظ نارك للصـــــــدور شفاء

وانف الخبائث عن تراب ٍ ساجد
كلتا يديه تضرع وبكـــــــــــــاء ُ

وإذا تطاول " غرقد " في ساحة
ٍ قامت لـــــــــه زيتونة خضــراء ُ

فأذا إلتقى الجمعان أعلن سيفهم
ماينتويه وأُ ُحســـن الإصــــغاء ُ

هم للمـــــلاحم والصوارم كــلما
حـــــجلت على قيعانها الأرزاء

و"مرابطون"على الثغور كأنـهم
"أُحُدٌ " كسته الــهمة الشــــماء ُ

خاضوا عمايات الحروب وعندهم
أن المـــنايا والحياة ســـــــواء ُ

الأرض جارية لسيد خطوهــــــم
والشمس في كف الرجــــال لواء ُ

والريح بعض خيولهم وهلالهـم
قـــــوس براه الشد والإرخــاء ُ

و " الله أكبر" في النحورسهامهم
لاطاش ســهم ٌ قاله الحــــنفاء ُ

والمجد سنبله ُ يطأطئ رأســـــــه
نحو السيوف ليحصدوا ماشاءوا

هم زهوة الدنيا وزهر زمانهـــــــا
وهم الملوك الحــــــــق والنبلاء

مـنوا على الدنيا بأن مروا بــــــها
كغمامة حراسها الأنــــــــــــــواء

تسبيحهم شجر ينوء بظلـــــــــــــه
وصيامهم وقيامهم أفيـــــــــــــاءُ

باعوا نفوسا ًواشتروا من ربـــــهم
صـــك الشهادة والبيوع وفــــــاء

كتــبوا بماء قلوبهم تاريخــــــــــنا
وكذا يصوغ العالمَ الـــــــــشهداء

ظمئوا فحفتهم مشارب كـــــــوثر
ٍ وسعت لهم في كاسها صـــهباء ُ

روح وريــــحان وحـــــور لـــؤلؤ
وكــــــــــواعب وحـــدائق غـــناء

فإذا تهادوا في اللذائذ خوطــبوا
" أهل الرضا قد دامت النعمـــاءُ "

……

لم نقترف مايقتضيه لنا الهوى
فأنا وكل العاشقين بــــــــــراءُ

حاشا ترابك أن نقول " فداؤه "
ولنا "بساقية " القلوب دماء ُ

قدر المحب إذا تنادى بالهوى
مهج ٌ تراق ُ وأنفس ٌ عصماء ُ

ياقدس .. يا أقصى هواكم جنة
ولقد مدحتكما وبي استحــياء ً

مايفعل الطين الشقي بذنبــــه
ِقرب السها وحروفه العرجاء ُ

لكن في طبع السماء ِ سماحة ً
في ظــــــــــلها تتجرأ الغبـراء





المزيد من مواضيع حسين الحمداني
الصور المرفقة

من مواضيع حسين الحمداني